قيل: إنّ إبليس تعرض لبعض الأولياء فلم ينل منه غرضًا. فقال له الولي: من أشد عليك: العابد الجاهل، أو العالم المسرف على نفسه؟ فقال: العالم المسرف، وأما العابد الجاهل فهو في قبضتي أدخل عليه في دينه من حيث شئت.
وأنا أريك ذلك. فانطلق به إلى أعبد الجهال في ذلك الزمان، فطرق عليه الباب، فخرج إليهما. فقال له إبليس: جئت أستفتيك: هل الله قادر على أن يدخل الجمل في سم الخياط أو لا. فتوقف وتحير وغلق الباب. فقال إبليس للولي: ها هو قد كفر بالشك في قدرة الله تعالى، ثم انطلق به إلى عالم مسرف على نفسه، وطرق عليه الباب، وكان في القائلة، فقال الرجل العالم: من هذا الشيطان الذي يضرب بابي في القائلة،
وقد قال عليه الصلاة والسلام:”قيلوا فإن الشياطين لا تقيل؟ فقال إبليس: ها هو قد عرفني قبل رؤيتي،
فلما خرج قال له إبليس: هل في قدرة الله تعالى أن يدخل الجمل في سم الخياط؟ فقال له: أتشك في قدرة الله تعالى أن يوسع سم الخياط حتى يدخل فيه الجمل، أو يرقق الجمل حتى يصير كالخيط فيدخل في سم الخياط! فانصرفا،
وقال إبليس لرفيقه: معرفة هذا بالله تمحو ذنوبه، وحاله خير من حال العابد الجاهل بالله.