خطبة بعنوان ( الأمن والأمان ) للشيخ يسرى عبدالرحمن

جمع وترتيب  الشيخ /يسري عبد الرحمن-أوقاف أسيوط

خطبة الجمعة القادمة إن شاء الله: ( الأمن والأمان )

نِـــعَمُ اللّـــه:

إنَّ نعم الله تعالي على عباده كثيرة، وآلاؤه لا تعدُّ ولا تُحصَى؛

قال تعالى ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34].

– ابن كثير: يُخبِر تعالي عن عجْز العباد عن تَعداد النِّعم، فضلاً عن القيام بشُكرها،

– طلْق بن حبيب “إنَّ حقَّ الله أثقل من أنْ يقوم به العباد، وإنَّ نِعَمَ الله أكثر من أنْ يحصيها العباد، ولكن أَصْبِحوا توَّابين وأمسُوا توَّابين”.

– داود ﷺ قال: “يا رب، كيف أشكرك وشُكري لك نعمةٌ منك عليَّ؟ فقال الله تعالى الآن شَكرتَنِي يا داود حين ‘علمت أن النعمة مني”؛

أي: حين اعتَرفتَ بالتقصير عن أداء شُكر النِّعَم.

يا أيها الانسان مهلا واتئــــــــــد واشكر لربك فضل ما أعطاك

قل للطـبيب تخطـفته يـد الـــردى مـن يـا طبيب بطـبه أرداك ؟

قل للمـريض نجـا وعوفي بعد ما عجزت فنون الطب من عـافاك ؟

قل للصحيح يموت لا من عـــلـة من بالمنـايا يـا صحيح دهــاك ؟

قل للبصـير وكان يحذر حفـــرة فهوى بها من ذا الذي أهــواك ؟

بل سائل الأعمى خطا بين الزحـام بلا اصطدام من يقود خطـاك ؟

قل للجنين يعيش معزولا بـــــــــلا راع ومـرعى مـا الذي يرعـــاك ؟

وإذا ترى الثعبـان ينفث ســــــــمه فسـأله من ذا بالسموم حشــاك ؟

واسـأله كيف تعيش يا ثعبــــان أو تحيـا وهذا السـم يملأ فـاك ؟

واسأل بطون النحـل كيف تقاطرت شهدا وقل للشهد من حلاك ؟

أهميَّة نعمة الأمن:

وقد يستطيع الانسان او المجتمع أن يعيش بدوم بعض هذه النعم كالفقير والمريض والمحتاج ووو.. لكن هنالك نعمة

– لا يستطيع فردٌ أو أسرةٌ، أو بلد أو أمَّة أن تعيشَ بدونها،

– نعمةٌ لا يهنأ العيش بدونها، ولا يقرُّ قرارٌ عند فَقْدها،

– نعمة التي يبحَثُ عنها الكثير، المسلم وغير المسلم، الصغير والكبير، الغني والفقير،

– نعمةٌ لا يُوجَد أعظم ولا أجلُّ منها إلاَّ نعمة واحدة (الإسلام)، إنها نعمة الأمن والأمان.

*إنَّ حاجة الإنسان للأمن والاطمئنان كحاجته إلى الطعام والشراب والعافية للأبدان، كيف لا وقد جاء الأمنُ في القرآن والسنة مَقرُونًا بالطعام الذي لا حياة للإنسان ولا بقاء له بدونه؟! وقد امتنَّ الله به على عباده، وأمرهم أنْ يَشكُروا هذه النِّعَم بإخلاص العبادة له؛

فقال تعالى:﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾

وقال تعالي:﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

الخليل إبراهيم والأمن:

إن أوَّل مَطلَب طلَبَه سيدنا إبراهيم من ربِّه تعالي هو أنْ يجعل هذا البلد آمِنًا؛: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 126].

– فسيدنا إبراهيم ﷺ طلَب في هذه الآية تحقيقَ الأمن؛ حتى يتحقَّق له عبادة الله على الوجْه الصحيح؛ ألم يخبر الرسول ﷺ عن أنَّ المتمسِّك بدينه في آخِرِ الزمان حين تكثُرُ الفتن كالقابض على الجمر؟! قال رسول الله ﷺ : ” يأتي على أمَّتي زمَانٌ الصَّابرُ فيهمْ على دينهِ كالقَابضِ على الجمرِ ” الترمذي وصححه الألباني فاللهم ثَبِّت قلوبنا على دينك ..

– خطورة فقد الأمن:

وإذا اختلَّ الأمنُ تبدَّل الحالُ، ولم يَهنَأ أحدٌ براحةِ بال،

– فيلحقُ الناسَ الفَزَعُ في عبادتهم، فتُهجَر المساجد، ويُمنَع المسلم من إظهارِ شعائر دينه؛ وتُعاق سُبُلُ الدعوة، ،

– وينقطع تحصيلُ العلم وملازمة العلماء، ولا توصَل الأرحام، ويئنُّ المريض فلا دواءَ ولا طبيب، وتختلُّ المعايش،

– وتُهجَر الديار، وتُفارَق الأوطان، وتَتفرَّق الأُسَر، وتُنقَضُ عهودٌ ومواثيق، وتَبور التجارة، ويتعسَّر طلبُ الرِّزق،

– وتتبدَّل طِباعُ الخَلق، فيظهرُ الكَذِب، ويُلقَى الشحُّ، ويُبادَر إلى تصديق الحَبَر المخوف وتكذيب خبر الأمن.

– تُقتَل نفوسٌ بريئة، وتُرمَّل نساء، ويُيَتَّم أطفال.

– يفشو الجهلُ، ويشيع الظُّلم، وتسلب الممتلكات، وإذا حَلَّ الخوفُ أُذِيقَ المجتمعُ لباسَ الفقر والجوع؛ قال تعالي: ﴿ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ

– الخوفُ يَجلِب الغمَّ، وهو قرين الحُزْن؛ قال تعالي ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾

– معاوية “إيَّاكم والفتنة، فلا تهمُّوا بها، فإنها تُفسِد المعيشةَ، وتُكدِّر النِّعمة، وتورثُ الاستئصال”.

أسباب فقد الامن:

والحرمان الأمني والاقتصادي والنفسي الذي يعيشه العالم اليوم وصفه الله جل وعلا في القرآن الكريم بكلمتين اثنتين، ألا وهما: المعيشة الضنك،

– ووصفه من لا ينطق عن الهوى ﷺ عن بن عمر ، أنه ﷺ قال: (يا معشرَ المهاجرين خمسُ خِصالٍ إذا ابتليتم بهنَّ وأعوذُ باللهِ أن تدركوهنَّ:

1- لم تظهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتَّى يُعلِنوا بها إلَّا فشا فيهم الطَّاعون والأوجاعُ الَّتي لم تكُنْ مضت في أسلافِهم الَّذين مضَوْا

2- ولم ينقُصوا المكيالَ والميزانَ إلَّا أُخِذوا بالسِّنين وشدَّةِ المؤنةِ وجوْرِ السُّلطانِ عليهم

3- ولم يمنَعوا زكاةَ أموالِهم إلَّا مُنِعوا القطْرَ من السَّماءِ ولولا البهائمُ لم يُمطَروا

4- ولم يَنقُضوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلَّا سلَّط اللهُ عليهم عدوًّا من غيرِهم فأخذوا بعضَ ما في أيديهم

5- وما لم تحكُمْ أئمَّتُهم بكتابِ اللهِ تعالَى ويتخيَّروا فيما أنزل اللهُ إلَّا جعل اللهُ بأسَهم بينهم.

1- ظهور الفاحشة

من منا في الأمس القريب كان يسمع عن الإيدز؟! من منا بالأمس القريب كان يسمع عن الأزمة القلبية؟! من منا بالأمس القريب كان يسمع عن جلطة المخ؟! من منا بالأمس القريب كان يسمع عن الزهري والسيلان والفشل الكلوي؟! من كان يسمع عن مثل هذا وذاك؟! لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع والأسقام التي لم تكن في أسلافهم.

2- نقص المكيال والميزان ومنع الزكاة:

قال: (ولم ينقُصوا المكيالَ والميزانَ)، بأبي هو وأمي! والله ما نقص المكيال وما نقص الميزان.. ولو نقص المكيال والميزان لكان الأمر هيناً، بل لقد انقلبت الموازين بأسرها واضطربت المقاييس كلها، (إلَّا أُخِذوا بالسِّنين وشدَّةِ المؤنةِ وجوْرِ السُّلطانِ عليهم ،

– ولم يمنَعوا زكاةَ أموالِهم إلَّا مُنِعوا القطْرَ من السَّماءِ ولولا البهائمُ لم يُمطَروا)، هذا المطر الذي يتنزل بعد هذا كله إنما هو رحمة من الله من أجل البهائم والشيوخ الركع والأطفال الرضع، ولو نزل بلاء بهذه الأرض فإن الحشرات والهوام يسبان ويلعنان بني آدم؛ لأنه لا ينزل البلاء إلا بذنب، ولا يرفع البلاء إلا بتوبة.

قصة سليمان والنملة:

ابن كثير : أنه في عهد سليمان ﷺ أجدبت الأرض وجف الضرع وهلك الناس، فقال سليمان لبني إسرائيل: هيا بنا لنخرج لصلاة الاستسقاء، وفي طريقه مر على وادي النمل، فنظر سليمان وسمع نملة تناجي ربها جل وعلا وهي تقول: اللهم إنك تعلم أنه لا ينزل البلاء إلا بذنب، ولا يرفع البلاء إلا بتوبة، ونحن خلق من خلقك، فلا تهلكنا بذنوب بني آدم! والله تحيلنا على الزكاة، ومنعنا الصدقات ومنعنا الزكوات إلا من رحم الله جل وعلا.

(ولم يَنقُضوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلَّا سلَّط اللهُ عليهم عدوًّا من غيرِهم فأخذوا بعضَ ما في أيديهم وما لم تحكُمْ أئمَّتُهم بكتابِ اللهِ تعالَى ويتخيَّروا فيما أنزل اللهُ إلَّا جعل اللهُ بأسَهم بينهم)

حرمان أمني، وحرمان اقتصادي، وحرمان نفسي وضيق في الصدر، ضنك بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان عظيمة،

تسفك فيه دماء، وتتمزق فيه أشلاء، وتحرق بيوت وتدمر مصانع ومدارس ومزارع وصوامع،

ما هو المخرج؟

إن هذه الحياة البشرية من صنع الله، ولن تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي سيقدم إليها من يد الله تعالي:

وسائل حفظ الأمن:

1 – تطبيق الحدود الشرعية:

عباد الله:

بإقامة حدود الله تعالي.. كانت تسير الظَّعِينة من شرق البلاد إلى غربها، لاتخشى إلا الله والذئب على غنمها،

إنَّ إقامة حدود الله تُخِيف الناس وتردعهم، فيثبت بذلك أركان المجتمع،

2- البعد عن الذنوب والمعاصي:

المعاصي والأمنُ لا يجتمِعان، فالذنوب مُزيلةٌ للنِّعم، وبها تحُلّ النِّقَم؛ قال سبحانه:﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ [الأنفال: 53]، وما نزل بلاءٌ إلاَّ بذنب، ولا رُفِع إلا بتوبة.

والطاعةُ هي حِصن الله الأعظمُ الذي مَن دخَلَه كان من الآمِنين.

قال عبدالله بن المبارك:

رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ القُلُوبَ وَقَدْ يَورث الذُّلَّ إِدْمانهَا

وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ القُلُوبِ وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَا

4 – تخويف الناس من عقاب الله:

بالخوف منَ الله ومُراقبتِه يتحقَّق الأمن والأمان، فهابيل امتَنع من قتلِ قابيل لخوفِه من ربِّه جلَّ وعلا ﴿ مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المائدة: 28]. وقال هابيل الرجل الصالح: إن مددت إلي يدك لتقتلني، لا أقابلك على صنيعك الفاسد بمثله، فأكون أنت وأنا سواء في الخطيئة، ثم بين علة امتناعه عن القتل: إني أخاف الله رب العالمين أي إني أخشى عقاب الله وعذابه من أن أصنع كما تريد أن تصنع، بل أصبر وأحتسب لأن الاعتداء على الأرواح من أكبر الجرائم.

5 – تعليم المسلمين أمور دينهم:

والعنايةُ بالعلم والتمسُّك بالكتابِ والسنَّة شريعةً وقِيَمًا وأصولاً اجتماعية – عصمةٌ من الفتن، وللتعليم الشرعيِّ أساسٌ في رسوخ الأمن والاطمئنان.

قال ابن القيِّم “وإذا ظهر العلمُ في بلدٍ أو محلَّة قلَّ الشرُّ في أهلها، وإذا خفي العلمُ هناك ظهَر الشرُّ والفساد”.

والعلماءُ الربانيُّون هم ورثةُ الأنبياء، وفي مُلازَمتِهم وزيارتهم وسؤالهم والاستنارةِ بآرائهم سدادٌ في الرأي، وتوفيقٌ للصواب، ودرءٌ للمفاسد.

6 – المحافظة على عقول المسلمين:

– ممَّا يفسدها ويضرُّ بها، سواء كانت مفسدات ماديَّة أو مفسدات معنويَّة، يجبُ حفظ عقول الناس من كلِّ مُسكِر، ومن كل مخدِّر، وكذلك المحافظة على عقول الناس من التصوُّرات الفاسدة والأفكار المنحرفة،

فاتَّقوا الله أيها المسلمون، حافِظوا على هذه النعمة (نعمة العقل)،

الخطبة الثانية

نماذج الأمن والأمان في ظل الإسلام

الإسلام واقع، ومنهج حياة، سيظل العالم الإسلامي يعيش في هذا القلق والضنك بعيداً: لقد كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله. إنه الذل لله، والحب لله، والانقياد لمنهج الله، وشرع ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

علي واليهودي:

عن يزيد التيمي ، قال : وجد علي بن أبي طالب درعا له عند يهودي التقطها فعرفها ، فقال : درعي سقطت عن جمل لي أورق ، فقال اليهودي : درعي وفي يدي ، ثم قال له اليهودي : بيني وبينك قاضي المسلمين ، فأتوا شريحا. فقال شريح : ما تقول يا أمير المؤمنين ؟ قال : درعي سقطت عن جمل لي أورق والتقطها هذا اليهودي . فقال شريح : ما تقول يا يهودي ؟ قال : درعي وفي يدي ، فقال شريح : صدقت والله يا أمير المؤمنين إنها لدرعك ولكن لا بد من شاهدين ، فدعا قنبرا مولاه والحسن بن علي وشهدا أنها لدرعه ، فقال شريح : أما شهادة مولاك فقد أجزناها ، وأما شهادة ابنك لك فلا نجيزها ، فقال علي : ثكلتك أمك ، أما سمعت – عمر بن الخطاب يقول : قال ﷺ: ” الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ” قال : اللهم نعم ، قال : أفلا تجيز شهادة سيد شباب أهل الجنة ؟ والله لأوجهنك إلى بانقيا تقضي بين أهلها أربعين يوما ، ثم قال لليهودي : خذ الدرع ، فقال اليهودي : أمير المؤمنين جاء معي إلى قاضي المسلمين فقضى عليه ورضي ، صدقت ، والله يا أمير المؤمنين إنها لدرعك سقطت عن جمل لك التقطتها ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فوهبها له علي وأجازه بتسعمائة وقتل معه يوم صفين .

:القبطي وابن الأكرمين:

وهذا نصراني قبطي سبق ابن عمرو بن العاص في مصر، وغضب ابن والي مصر كيف يسبقه القبطي؟! وجاء بعصا وضرب هذا القبطي في رأسه وقال: خذها وأنا ابن الأكرمين! وما كان من هذا القبطي الذي عرف عظمة الإسلام إلا أن يسابق الريح إلى واحة العدل، إلى المدينة المنورة زادها الله تشريفاً وتعظيماً وتكريماً، إلى أمير المؤمنين، إلى فاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويرفع له الشكوى. فما كان من عمر إلا أن يرسل فوراً بأن يأتي ابن عمرو وأبوه عمرو ؛ لأن ابنه ما تجرأ على فعلته إلا لوجود أبيه. ويأتي عمرو بن العاص والي مصر مع ولده، فيقفان أمام أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، ويقف القبطي ويدفع عمر العصا للقبطي ويقول له: اضرب ابن الأكرمين! هذا إسلامنا، هذا هو العدل في ديننا، هذه عظمة دين محمد ﷺ ويأخذ القبطي العصا ويضرب رأس ولد عمرو ، ويقول عمر قولته الخالدة التي لا تكتب بماء الذهب فحسب، وإنما تكتب بماء من النور: يا عمرو ! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً! لله ما أورعه وما أتقاه وما أنقاه، ولله ما أعظم إسلامنا! يا عمرو! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟! ذاك يهودي وهذا قبطي!

انتهاك الأمن في أرض الإسراء

ألا من مشاطرٍ لنا أحزان ما يجري في مسرى رسول الله ﷺ وثالث المسجدين، يصاب المسلمون فيه بالذعر عند كل زفرة نفسٍ من أنفاسهم، يستيقظون عند كل رمية برصاص، أو حركة مجنزراتٍ ظالمة، إنهم يرجون الأمن والأمان، يناشدون العدالة والإنصاف، ينادون المتخصصين -فيما زعموه- مكافحة الإرهاب، لقد ناشدوا وناشدوا وناشدوا، حتى لربما انطلقت صيحات الغير تصفهم بالغباء حينما يناشدون بمدمعهم لا بمدفعهم، أو يطالبون بالعدل من حيث لا يوجد إلا الجور، أو بالسلم من حيث لا توجد إلا الحرب، أين المتحدثون عن الإرهاب، وخطورة الإرهاب، واجتثاث الإرهاب؟!

أين المتعاطفون مع الأبرياء؟!

أين ما يسمى بالحقوق الإنسانية؟!

أين وأين وأين!!ألا يكون قتل المسلمين إرهاباً؟!ألا يكون ترويعهم إرهاباً؟!

ألا يكون اجتياح أرضهم إرهاباً؟!ألا إن الله غالب على أمره -عباد الله- ولكن أكثر الناس لا يعلمون:

قرآن الجمعة:

1- وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) الاعراف

2-: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ( 112).وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113) » (النحل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.