الصدق ملازمة أوصافك:
س: مولانا ، ما هو الطريق إلى الصدق؟
***
الجواب وبالله التوفيق: “الصدق ملازمة أوصافك” ، كما قال سيدى أبو الحسن الشاذلى.
وهذه حكمة عميقة لسيدى أبى الحسن الشاذلى رضى الله عنه.
استوقفتنى العبارة أو الحكمة لعمقها ، ولكونها لا تقدم مفهوما سلوكيا وصوفيا نظريا للصدق، بل تقدم معه أيضا طريقة عملية للوصول إلى هذا الصدق : أن تلازم أوصافك.
ثم يوضح سيدى أبو الحسن الشاذلى شيئا من أسرار هذه العبارة الجامعة فيقول : ” فلا تنتقل عنها (يعنى عن صفاتك) إلى ما ليس لك (من صفات الألوهية) فتكون من الخائبين بقلب الحقائق “، وما بين الأقواس زيادة توضيحية منا .
إذن الصدق وبمنتهى البساطة والعمق والسهولة والصعوبة جميعا معا : أن تلازم يا عبد أوصافك من الفقر إليه تعالى ، والحاجة ، والضعف ، والعجز ، والذلة ، والخضوع له تعالى ، والخشوع، وترك الكبر ، والغرور ، والعجب ، والخيلاء … إلخ.
الصدق أن تلازم أوصافك يا عبد يا فقير يا عاجز يا مسكين.
ومتى وجدت نفسك قد فارقت أوصافك فاعلم أنك قد فارقت الصدق.
ولكن على بساطة وعمق هذه العبارة ، وسهولتها فى المنطق ، وكونها تقدم مفتاحا عمليا سلوكيا، ورياضة روحية واضحة، إلا أنه عند التطبيق ستجدها تحتاج إلى همة عالية ، وإلى تفتيش دائم عن صفات النفس ومن هنا تأتى صعوبتها.
عليك إذن أن تسأل نفسك فى كل فعل وتصرف وتوجه: هل هو نابع عن صفة من صفات عبوديتك ومن حقيقة كونك عبد له تعالى ، أم نابع عن صفة تدعيها ليست لك، فعليك فورا أن تترك هذه الصفة ، وتترك دعواها وتتمحض عبدا لله تعالى .
الشيخ عصام أنس الزفتاوى عنان
دكتوراه الفلسفة الإسلامية
من علماء الحديث النبوي- مدير فرع دار الإفتاء بأسيوط