بقلم الشيخ/ أحمد عزت حسن
٥- ولا عجب أخي الكريم أن يكون للصلاة كل هذا القدر المادي والمعنوي فإنها مظهرٌ اجتماعى وعقائدى وفكري ونفسى لاتحاد الوجهه التى يتجه إليها المؤمنون.
إنهم يتعارفون الذى يقوى بينهم هذا التعارف، ولم لا وربهم واحد وقبلتهم واحدة فلماذا الاختلاف والتشرذم؟
إن الجماعة ما جُعلت إلا لسد هذا الخلل الذى قد ينشأ بينهم ويسبب الفرقة، وما تعبير “ساووا الصفوف وسدوا الفُرج .. وسدّوا الخلل” إلا أبلغ وأعمق موقف شعورى بين المسلمين بنفس العقيدة ليكونوا -كما فى صلاتهم- فى سلوكهم اليومى صفًّا واحدًا يتجهون إلى غايةٍ واحدةٍ فى مستوى تامة.
تلك الغاية هى تنفيذ أوامر الله واجتناب نواهيه فى ظل تصور عقائدى واحد، وأن يسدّوا -فى معاملاتهم وصلاتهم اليومية فى كافة ميادين العمل- الفُرج والثغرات التى يمكن أن يأتى الخلاف منها بينهم عن طريق نوازع الشر فى النفس ووسوسة الشيطان فتكون الفرقة والتمزق للجماعة، عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإذا رأيتُ أن أخي قد تنكب طريق الجماعة وحاد عن الصف آخذه بهدوءٍ إلى سواء السبيل، وهو نفس الأمر يستجيب لي امتثالًا للأمر النبوي: “لينوا فى أيد إخوانكم” فيستجيب المسلم لداعى الخير والاستجابة والمبادرة لفعل الخيرات، وترك المنكرات
وانظر إلى تراص الصفوف: أي لا يكون هناك فراغ بين المصلين، وعليهم أن يحاذوا بين المناكب، ويجعلوا الصفوف متلاصقة! فصلاةُ الجماعة مظهر الاتحاد، في كُلِ صلاة -تقريبًا- يقول الإمام: رصوا الصفوف!.. أي لا تجعل بينكَ وبين أخيكَ فاصلاً؛ لذا على المصلي ألا يجعل شرخًا بينه وبين أخيه، ولا يجعل ثلمة في صفوف المسلمين. فإذا رأى فراغًا في صف من صفوف الجماعة، عليه أن يبادر إلى سد ذلك الفراغ، ولا يستحدث صفًا جديدًا.
القضية قضية فسح مجال، بالإضافة إلى إظهار المودة، والحُب الإيماني.. حيث أن هناك فرقًا بينَ أن يجعل المؤمن كتفهُ ملاصقًا لكتفِ أخيه، وبين أن يكون بينهُ وبين أخيه مسافة!.
فانتبه جيدًا وقلّب نظرك بين الصفوف قبل أن تبدأ الصلاة إن وجدت خللاً هنا أو ثغرة هناك أسرع لسدها والوقوف بها حتى يكتمل الصف فالبنيان ينهار إن كثرت ثغراته، والنسيج يتمزق إن زادت به الثقوب، كُن حجرًا نافعًا لملئ الفتحات، فالسد المنيع قد يتهاوى لسقوطِ حجرٍ بسيط.