للدكتور/ مختار البغدادى
المعيد بكلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر
ما حكم الدين في السب واللعن والاتهام للناس بالباطل عن طريق الحسابات الوهمية ؟؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ما حكم الدين في السب واللعن والاتهام للناس بالباطل عن طريق الحسابات الوهمية ؟؟
يا أيها الناس، إن الإسلام هو دين الأخلاق الرفيعة والفضائل السامية، وقد حثنا على التحلي بأجمل الأخلاق والابتعاد عن كل ما يسيء إلى الناس. إن السب واللعن والاتهام بالباطل من الأمور التي حرمها الإسلام بشدة، لما فيها من أذى للناس وإفساد للعلاقات الاجتماعية.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا”، وأرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى حسن الخلق بقوله: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
وإن السب واللعن والاتهام بالباطل تتناقض تمامًا مع مكارم الأخلاق التي جاء بها الإسلام.
وإن السب واللعن من الكبائر التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال: “ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء”.
والسب واللعن أيضاً يفسدان القلوب، ويزرعان البغضاء بين الناس، ويؤديان إلى تفكك المجتمع وانتشار الفتن.
و الاتهام بالباطل من أعظم أنواع الظلم، وقد حذرنا الله تعالى منه في قوله: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ”.
فالظن السيء والاتهام بالباطل يجرح كرامة الإنسان، ويؤدي إلى انتشار الفساد والفتن في المجتمع.
في عصرنا الحالي، ظهرت وسائل جديدة للإفساد والإساءة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي إنشاء حسابات وهمية ومزيفة لغرض السب واللعن والاتهام بالباطل.
إن هذه الوسيلة تعد من أخطر الوسائل لأنها تتيح للأفراد التخفي وإلحاق الأذى بالناس دون كشف هويتهم، مما يزيد من انتشار الفتن والعداوات في المجتمع.
يا أيها الناس، إن إنشاء حسابات وهمية ومزيفة للاعتداء على أعراض الناس وكرامتهم هو عمل محرم في الإسلام. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت”.
وإن هذه الأفعال تتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف الذي يدعو إلى الصدق والنزاهة في القول والعمل.
و إن السب واللعن والاتهام بالباطل، سواء كان بالوجه المكشوف أو عبر الحسابات الوهمية والمزيفة، من الأمور التي يجب أن نتوب منها ونسعى إلى إصلاحها. قال الله تعالى: “إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا”.
فلنعد إلى الله بالتوبة الصادقة، ولنحرص على إصلاح ما أفسدناه بالكلمة الطيبة والعمل الصالح.
فالتسامح والمحبة هما أساس بناء مجتمع قوي ومتماسك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”. فلنحرص على نشر المحبة والتسامح بيننا، ولنبتعد عن كل ما يسيء إلى الآخرين.
ومن بين الأساليب المرفوضة أيضًا، استخدام أصحاب الحسابات الوهمية صور الآخرين بدون إذن. فقد أخذ أحدهم صورتي دون إذني، وإن كان قد قال كلامًا مديحًا في حقي، فإنني لا أرضى أن ينال من الآخرين أو يخوض في أعراضهم ونواياهم. هذا التصرف لا يليق بمكارم الأخلاق، وعلينا أن نحترم خصوصية الآخرين ونحافظ على حرمة أعراضهم.
ومن الأمور الأكثر خطورة، استخدام بعض الأفراد للبرامج لتركيب صور أشخاص على صور آخرين وشتمهم علانية. أي دين هذا الذي يبيح مثل هذه الأفعال؟
إن هذا التصرف يعد من أشد أنواع الظلم والافتراء، ويؤدي إلى تشويه سمعة الناس وإلحاق الأذى بهم بغير حق. قال الله تعالى: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا
وفي ختام حديثي، أود أن أؤكد لكم جميعًا أنني ما أقول إلا لله ولرسوله، ومن هذا المنطلق أقدم نصيحتي بإخلاص وصدق. فإن أغضب كلامي أحدًا، فلست أبالي بانتقاده ولا يشغلني رأيه، لأن هدفي هو رضا الله ورسوله وتقديم النصيحة لوجه الله تعالى.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.