تأملات في المولد النبوي الشريف
adminaswan
21 سبتمبر، 2024
شبهات حول قضايا التصوف
33 زيارة
بقلم الشيخ ايهاب صالح
1- احتفاء القرآن بميلاد الأنبياء
أولى إشارات احترام مولد الأنبياء وموتهم نجدها في احتفاء القرآن الكريم بمولد يحيى وعيسى – عليهما السلام – وموتهما، قال تعالى عن يحيى عليه الصلاة والسلام (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) [مريم:15]، وقال تعالى على لسان عيسى عليه الصلاة والسلام (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم:33].
فميلاد أي نبي بداية مرحلة جديدة وطور جديد للمنهج الإلهي، وموته إعلان بتمام وحي تلك المرحلة، أما نبينا صلى الله عليه وسلم فميلاده إشراقة نور للأرض والبشرية أجمعين، وانتقاله ختم للنبوة والوحي والشرع الشريف.
ومن هذا التصور يجب علينا أن نقتدي بالقرآن الكريم في سُنته الكونية بالاحتفاء بميلاد الأنبياء وانتقالهم، فنحتفل بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم.
وبالنسبة لنا نفرح بشهر ميلاده وانتقاله إلى الرفيق الأعلى، فكل مراحله نور وهدى،
أما مَن يرددون أنه أيضًا شهر موته صلى الله عليه وسلم فاحتفالنا احتفال بوجوده وتشريفه للدنيا وأنواره الباقية، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يمت بمعنى الفناء والعدم، وإنما انتقل إلى عالم آخر غير عالم الشهادة، فهو حي دائمًا، وهذا القول ليس قولًا عاطفيًا خياليًا، وإنما هو حقيقة شرعية.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: “ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام” والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تتوقف لحظة في الأرض، فبحساب خطوط الطول فالأذان يُرفع كل ثانية على الأرض، وتُذكر فيه الشهادتان (أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله) وما من مسلم يسمعه إلا ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا وطبيب قلوبنا سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
2- الاحتفال بالمولد الشريف:
هل احتفل النبي صلى الله عليه وسلم بيوم ميلاده؟
في الحديث الذي رواه مسلم سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامه يوم الاثنين، فقال صلى الله عليه وسلم: “ذاك يوم وُلدت فيه”.
ومن المعلوم إجماعًا أن ما حافظ النبي صلى الله عليه وسلم على فعله من غير الفرض يسمى بالسُنة المؤكدة، وبذلك يكون الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم في حكم المستحب، لأنه من السنة المؤكدة، التي حافظ النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها.
واستحباب الاحتفال بالمولد النبوي قال به الغالبية الساحقة من أهل السنة والجماعة، نخص منهم ابن تيمية، الذي قال في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم): فتعظيم المولد واتخاذه موسمًا قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجرًا عظيمًا، لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحتفلوا بيوم مولده صلى الله عليه وسلم.
أما منطقة الخلاف الحقيقية – التي يجب حسمها – فهي كيفية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وبالطبع لا يتصور عاقل أن هذا الاحتفال الشريف يمكن أن يكون بأي سلوك محرم.
وإنما الاحتفال بمولده الشريف صلى الله عليه وسلم يكون بالتذكير بسنته، وتعريف سيرته المطهرة للأجيال الجديدة، وتعليمها للشباب والنشئ.
الاحتفال يكون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به، وأول الاتباع تعليم أخلاقه صلى الله عليه وسلم والدعوة إليها، فقد وصفه الله تعالى بالخلق العظيم، قال تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
يكون بتعليم مناقبه وشمائله صلى الله عليه وسلم، واستعادة الفهم الصحيح للإسلام، ومنهجه ومقاصده ومقوماته، والمقصود من خلق الإنسان، وكل أشكال التذكير بالشرع الشريف والسنة والمطهرة.
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا وطبيب قلوبنا سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يتبعه الجزء الثاني