الواجد والفاقد
adminaswan
15 سبتمبر، 2024
الطريق إلى الله
56 زيارة
اللطيفة السابعة : الواجد والفاقد
مهما تكلمنا عن الله تعالى وعن معرفته ومحبته فلن نبلغ من ذلك قطرة من بحر فيضه، ولا نقطة من نور معرفته، فلو أن الأرض وبحارها وشجرها وورقها قلبت أوراقا ومحابر للحديث عن فضل وجود الله ما كفت، فإن الله تعالى عظيم كريم حليم، من عرفه فقد عرف الخير كله، ومن تقرب منه نال السعادة بألوانها، ومن عاش في كنفه لم ير ضيما، ومن وجده فقد وجد كل شيء ولم يفقد في حياته شيئا ولو عاش في حياة بسيطة لا يملك ذرة مال ولا لونا من نعيم الدنيا، والله عز وجل لا ينيل هذه النعمة إلا لمن أحبه، فالله سبحانه وتعالى أجل وأعظم وأعز وأكرم من أن يطاع إلا بإذنه، أو يُعصى إلا بعلمه، لأنه هو علام الغيوب، فمن أحبه يسر له القرب منه، وجعل متعته في عبادته، ومن أبغضه أنساه نفسه وجعله في الدنيا كالثور الهائج، ينطح بقرونه الصخر، فيوهي قرنه، ولا ينال مبتغاه.
ومن فقد الله تعالى فقد ضاع في بحار تيه لا نهاية لها، وكلما ظن أنه سيسعد بالوصول لأمر وجده سرابا لا متعة فيه، ولا طعم له، فتتطلع نفسه الأمارة بالسوء إلى غيره، فيجده كسابقه سرابا بعد أن يقطع الفيافي، ويجتاز الصعوبات، وتدمى نفسه في تحصيله، وهكذا لن ينتهي حتى يداهمه الموت ولا مناص من هذا اليوم ودنو الأجل، فيدخل قبره حسيرا، أو يمرض في آخر حياته، وينظر خلفه في حسرة، وود لو عاد به الزمان، وقال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا، وأنى له ذلك والعمر فرصة واحدة إذا ذهبت لن تعود.
ولذا كانت القاعدة: ماذا وجد من فقد الله؟ وماذا فقد من وجده؟.
من وجد الله كان الكون بيديه، ومن فقده كان الكون عليه.
من وجد الله خدمته الدنيا، ومن فقده استخدمته الدنيا.
من وجد الله كان عزيزا مهابا، ومن فقده كان ذليلا مهانا.
بقلم / أ.د/ حسين عبد المجيد أبو العلا
أستاذ الفقة المقارن – ووكيل كلية الشريعة والقانون بأسيوط سابقا