الحياء خير كله
adminaswan
15 سبتمبر، 2024
الطريق إلى الله
62 زيارة
اللطيفة الخامسة عشر : الحياء خير كله
جعل الله تعالى الإيمان شعبا تدل بظاهرها وجوهرها على وجود هذا الإيمان أو انتفائه، ومن خير الشعب وأعلاها الحياء، فهو دليل على خلق المرء ودينه، فمن كان لديه الحياء كان لديه الدين ويملؤه الإيمان، ومن خلا من الحياء لم يوثق به، ولا بدينه، ولا بصداقته، فمن ذهب حياؤه ذهب سروره، ومن ذهب سروره مُقِت، ومن مقت أوذي، ومن أوذي حزن، ومن حزن فقد ذهب عقله, واستنكر حفظه وفهمه، ومن أصيب في عقله وفهمه وحفظه كان أكثر قوله وعمله فيما يكون عليه لا له، ومن هنا لا تنتظر منه خيرا ولا تأمل منه صلاحا.
ولذا كان الترقي درجات، فمن بلغ الحمد واستوى فيه بلغ الشكر، ومن بلغ الشكر واستوى في مقامه انتقل إلى الحياء، والحياء خير كله، لأنه يتولد من تعظيم الله ومحبته، فإذا امتزج التعظيم مع المحبة يتولد منهما الحياء، ومن استحيا من الله تعالى كان فيه كل الخير، وإذا انفرد التعظيم عن المحبة أثمر الخوف، وإذا انفردت المحبة عن التعظيم أثمرت الشوق، فإن اجتمعا أثمرتا الحياء.
وقد ورد في الخبر: إن الله يحب الحيي الحليم المتعفف، ويبغض البذيء السائل الملحف.
والعاقل يجب عليه لزوم الحياء، لأنه أصل العقل، وبذرة الخير، وتركه أصل الجهل، وبذرة الشر، فهو يدل على العقل والإيمان، وعدمه يدل على الجهل والكفران.
ومن لم ينصف الناس منه حياؤه لم ينصفه منهم وقاحته، وإذا كان الحياء مطلوبا، فالحياء من الله أعلى الدرجات، فآثروا الحياء من الله تعالى على الحياء من الناس، وعلامة الحياء من الله ألا تنسى الورود على الله، وأن تكون مراقبا لله في جميع أمورك على قدر قرب الله تعالى منك واطلاعه عليك.
وقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: خلال المكارم عشرة، تكون في الرجل ولا تكون في ولده, وتكون في العبد ولا تكون في سيده, يجعلها الله حيث شاء: صدق الحديث، وصدق البأس, والمكافأة بالصنائع، وحفظ الأمانة، وصلة الرحم، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب، وإعطاء السائل، وإقراء الضيف، ورأسهن الحياء.
ولذا كانت القاعدة: ثق فيمن خاف الله واستحى منه، واحذر ممن لم يخف الله ولم يستح منه، فالأول نعمة فالتصق به، والثاني نقمة ففر منه.
بقلم / أ.د/ حسين عبد المجيد أبو العلا
أستاذ الفقة المقارن – ووكيل كلية الشريعة والقانون بأسيوط سابقا