ظاهرة فرضت نفسها، ووجدنا تبعاتها سريعا، في نفوسنا، وفي نفوس أولادنا، فقد نجح الغرب الذي سلط علينا وسائل التواصل وأدواتها في قطع الصلة الوجدانية بين أفراد الأسرة الواحدة والبيت الواحد أيما نجاح .
منذ عشرين عاما كان رائد الطب النفسي في مصر الدكتور يحيى الرخاوي يتكلم عن الخرس الأسري الناتج عن التلفاز، وأوجب – آنذاك – على الأسرة التي اعتادت فتح التلفاز طيلة الوقت أن تغلقه ساعتين في اليوم ليكون هناك تواصل مباشر بين الأبوين والأبناء، بل بين الزوج والزوجة، لأن تبعات الخرس الأسري والصمت الطويل شديدة الضرر على النفس خاصة نفوس الأبناء .
أما الآن فلدينا ( خرس ) ولدينا ( صمم ) ولدينا ( جفوة ) ولدينا ( انشغال )، حتى إن كل فرد من أفراد الأسرة يعتقد اعتقادا كبيرا أن انفراده بهاتفه هو كل المنى وغاية الأمل، وأن من يقتحم تلك الخصوصية لابد أن يُبعَد بأية وسيلة .
إن تبعات الانفراد بالهاتف من الأب والأم والأبناء تبعات شديدة الخطورة، أولها ضعف التواصل الوجداني بين أفراد الأسرة، ثم ضعف الإرشاد والتوجيه أو انعدامه، ثم يخرج الأبناء للمجتمع بغير خبرة ولا مفاهيم ولا قناعة بشخوص الوالدين المنشغلين عنهم .
لابد من تقنين استخدام الهواتف، وتخصيص وقت للتواصل، ووقت للرد على الرسائل، وأن تكون هناك جلسة للتواصل المباشر خلال اليوم يتوقف فيها الجميع عن ذلك، ويشعر الأبناء فيها بدفء الأسرة، وحنان الوالدين، وحرصهم.
ولنا لقاء آخر مع ضرورة رقابة الوالدين لما يستخدمه الأبناء ويشاهدونه ويتعرضون له من مواد مقروءة ومسموعة ومصورة .
دكتور / أحمد شتيه
الأستاذ بكلية الآداب – جامعة دمنهور