كانت رابعة تخاف أكل الحرام،
و قالت لأبيها: ” يا أبت لست أجعلك في رحل من حرام تطعمنيه”، فقال لها متعجباُ: “أرأيت يا رابعة إن لم نجد إلا حراما؟”،
قالت :” نصبر يا أبي في الدنيا علي الجوع، خير من أن نصبر في الآخرة علي النار”.
و قد حدثت مجاعة و قحط في البصرة علي عهدها، فتشردت رابعة في الأرض و تشتت أخواتها و ذهبت كل واحدة منهن إلي جهة من الأرض، حيث لم تلتقي رابعة بواحدة منهن بعد ذلك….رآها لص أثيم فتربص لها حتى وجدها مشردة منفردة، فأخذها مدعياُ رقها و باعها إلي أحد التجار الذي أذاقها طعم البلاء، و سامها سوء العذاب. و ذات ليلة رآها التاجر و هي تتعبد في خشوع و إخلاص طالبة من الله أن يخلصها من قسوة ذلك التاجر الذي يذيقها الألم و المهانة حتى تتفرغ للعبادة و الطاعة، و يقال أن التاجر رأي فوق رأسها مصباحاُ مضيئاُ غير معلق بشيء فآمن بصلتها العميقة بربها، فأعتقها.
أتاها رجل بأربعين ديناراُ فقال لها: تستعينين بها علي بعض حوائجك، فبكت ثم رفعت رأسها إلي السماء فقالت: سبحانك انت تعلم أني أستحي منك أن أسألك الدنيا و انت تملكها فكيف أريد أن أجدها ممن لا يملكها.
قال رجل يوماُ لرابعة: ادعي الله لي، فالتصقت بالحائط و قالت: من أنا يرحمك الله؟ أطع ربك و ادعه، فإنه يجيب دعوة المضطرين.
وكانت رابعة إذا وثبت من مرقدها فزعة تقول “يا نفس إلى كم تنامين؟ وإلى كم تقومين، يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النشور”.