ولم يكن تأثير التصوف مقصورًا على العامة كما رأى البعض ولا على المثقفين، بل امتد أثر التصوف بعد أن اكتمل نضجه وثبتت قواعده علما بين العلوم، وفكرًا له خصائصه، ومنهجا مميزا في التربية وإصلاح الحياة، هذه حقيقة ينبغي أن تكون واضحة جلية فى عقل من يقرأ التراث الصوفى لتقويمه وتوظيفه فى آن معا.
ولعل أقدم تأثير للتصوف فى العلماء المحافظين الرواية التي تذكر أن الإمام أحمد بن حنبل ذهب مستخفيا ليسمع الحارث المحاسبي وهو بين أتباعه، وبعد أن سمعه قال : ما أعلم أني رأيت مثل هؤلاء القوم ، ولا سمعت فى علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل، ومع هذا فلا أرى لك صحبتهم ، وروى أنه قال : لا أنكر من ذلك شيئًا . ( 1)
وهناك من الروايات مايفيد حسن علاقة الإمام أحمد بن حنبل ببشر بن الحارث وتعليقه على أخت بشر حين جاءت تستفتيه فى الغزل فى ضوء مشاعل الشرطة هل يجوز أولا؟ فعندما علم أنها أخت بشر بن الحارث قال : من بيتكم يخرج الورع الصادق ، لاتغزلي في شعاعها. (2).
1- طبقات الشافعية للسبكى (2\279)
2- انظر : رسالة المسترشدين ص 75