قال الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى : قال المحققون (أكثر ما اتفق من الانقطاع عن حضرة الله إنما وقع في مقام الكرامات فلا جرم أن ترى المحققين يخافون من الكرامات كما يخافون من أنواع البلاء
وقال الإمام الكبير أحمد الرفاعي رحمه الله : (ولا ترغب للكرامات وخوارق العادات فإن الأولياء يستترون من الكرامات كما تستتر المرأة من الحيض([1])
وقال الشيخ عبدالله القرشي رحمه الله تعالى : (من لم يكن كارها لظهور الآيات وخوارق العادات منه كراهية الخلق لظهور المعاصي فهو في حقه حجاب وسترها عليه رحمة فإن خرق عوائد نفسه لا يريد ظهور شيء من الآيات وخوارق العادات له بل تكون نفسه عنده أقل وأحقر من ذلك فإذا فني عند إرادته جملة فكان له تحقيق في رؤية نفسه بعين الحقارة والذلة حصلت له أهلية ورود الألطاف والتحقق بمراتب الصديقين ([2])
وقال علي الخواص رحمه الله تعالى : الكُمَّل يخافون من وقع الكرامات على أيديهم ويزدادون بها وجلا وخوفا لاحتمال أن تكون استدراجا ([3]).
كما وقع مع الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله تعالى مع ذلك الفيلسوف الذي ينكر معجزات الأنبياء حيث يقول رحمه الله تعالى : حضر عندنا سنة ست وثمانين وخمسمائة فيلسوف النبوة على الحد الذي يثبتها المسلمون وينكر ما جاءت به الأنبياء من خرق العوائد وأن الحقائق لا تبدل وكان زمن البرد والشتاء وبين أيدينا منقل عظيم يشتعل نارا فقال المنكر المكذب: إن العامة تقول: إن إبراهيم عليه السلام ألقي في النار فلم تحرقه والنار محرقة بطبعها الجسوم القابل للاحتراق وإنما كانت النار المذكورة في القرآن في قصة إبراهيم عليه السلام عبارة عن غضب نمرود وحنقه فهي نار الغضب فلما فرغ من قوله قال له الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله : فإن أريتك أنا صدق الله في ظاهر ما قاله في النار أنها لم تحرق إبراهيم وأن الله جعلها عليه كما قال : بردا وسلاما وأنا أقوم لك في هذا المقام مقام إبراهيم في الذب عنه
فقال المنكر: هذا لا يكون
فقال له : أليست هذه النار محرقة
قال نعم فقال تراها في نفسك ثم ألقى النار التي في المنقل في حجر المنكر وبقيت على ثيابه مدة يقلبها المنكر بيده
فلما رآها لم تحرقه تعجب ثم ردها إلى المنقل
ثم قال له : قرب يدك أيضا منها فقرب يده فأحرقته : فقال له هكذا كان الأمر وهي مأمورة تحققر بالأمر وتترك الإحراق كذلك والله تعالى الفاعل لما يشاء فأسلم ذلك المنكر واعترف([4]) .