يقول الإمام بن عجيبة رضى الله عنه :
أعلم أيها المحب أن البيوت التي يدخلها المريد ثلاثة :
بيت الشريعة . وبيت الطريقة . وبيت الحقيقة ،
ولكل واحد أبواب… فمن أتى البيت من بابه دخل . ومن أتاه من غيره طُرد .
فبيت الشريعة له ثلاثة أبواب :
الباب الأول : ( التوبة ) فإذا دخل هذا الباب ، وحقَّق التوبة بأركانها وشروطها ، استقبله
الباب الثانى : ( باب الاستقامة ) ، وهي : متابعة الرسول في أقواله وأفعاله وأحواله ، فإذا دخله ، وحقق الاستقامة ، استقبله :
الباب الثالث : ( باب التقوى ) بأقسامها . فإذا حقق التقوى ظاهراً وباطناً ، دخل بيت الشريعة المطهرة ، وتنزه في محاسنه ومعانيه ،
ثم يروم دخول بيت الطريقة ، وله ثلاثة أبواب :
الباب الأول : ( الإخلاص ) وهو : إفراد العمل لله من غير حرف ولا حظ ، فإذا حقق الإخلاص استقبله :
الباب الثانى : ( باب التخلية ): وهي التطهير من العيوب الباطنة ، وهي لا تنحصر ، لكن من ظفر بالشيخ أطلعه عليها ، وعلَّمه أودتيها ، فإذا حقق التخلية استقبله :
الباب الثالث : ( باب التحلية ) : ، وهي : الاتصاف بأنواع الفضائل: كالصبر والحلم والصدق والطمأنينة والسخاء والإيثار ، وغير ذلك من أنواع الكمالات . فإذا حقق الإخلاص والتخلية والتحلية فقد حقق بيت الطريقة ،
ثم يستقبله بيت الحقيقة :
فأول ما يقرع : ( باب المراقبة )، وهي : حفظ القلب والسر من الخواطر الردية ، فإذا تطهر القلب من الخواطر الساكنة ،
استشرف على : ( باب المشاهدة ) ، وهي : محو الرسوم في مشاهدة أنوار الحيّ القيّوم ، أو تلطيف الأواني عند ظهور المعاني ،
فإذا دخل باب المشاهدة ، وسكن فيها ،
استقبله : ( باب المعرفة )، وهي محلّ الرسوخ والتمكين ، وهي الغاية والمنتهى ، فبيت الحقيقة وهو مسجد الحضرة الربانية .
وما بقي بعدها إلا الترقي في المقامات ، وزيادة المعارف والكشوفات أبداً سرمداً ، منحنا الله من ذلك حظّاً وافراً بمنّه وكرمه
.تفسير ابن عجيبة