مفارقات سلفية في جنازة الشيخ الحويني 3
adminaswan
23 مارس، 2025
منوعات
150 زيارة

بقلم فضيلة الشيخ : أحمد السيد السعيد
(واعظ عام، وعضو لجنة التحكيم والمصالحات بالأزهر الشريف)
تابع مفارقات المتسلفين الوهابية بعد وفاة الشيخ/ الحويني (رحمه الله).
وكأنما انقلبت الموازين، وتبدّلت الألسنة، وذابت تلك الحدة التي طالما جاهر بها القوم حين نَصّبوا أنفسهم حرّاسًا للعقيدة، ينافحون عن ظاهر النصوص، ويُحذّرون الناس من “شرك التبرك”، حتى غدت بيوت الصالحين في قاموسهم مجرد أحجار لا يلتفت إليها العاقل، ولا يحنّ إليها المُوَحِّد.
لكن الصورة تتكلم، وقد وقفوا وقفة المتبركين على عتبة دار شيخهم، وأشاروا إلى لافتة تحمل اسمه وكأنها تعويذة من زمن الأولياء، فانكشفت المفارقة، وتهدّمت الأسوار التي شيّدوها حول عقول الناس.
يا للعجب! أليس هذا ما كانوا ينهون عنه ويملؤون (أو يملأون) الدنيا تحذيرًا من خطورته؟ ألم يصرخوا قديمًا في وجوهنا: “إياكم والتعلق بآثار الموتى، فذاك ذريعة إلى الشرك بالله!”؟ وها هم اليوم، وقد ترجل شيخهم عن صهوة الدنيا، يقفون موقف من كان بالأمس يعاب ويُتهم بالغلو.
إنها لحظة تُظهر لنا كيف أن الخطاب السلفي كثيرًا ما يقع أسير تناقضاته، يتشدد في الحياة، ثم يتلطف عند الممات، فيُبيح ما كان يُجرِّم، ويُعذر ما كان يُبدِّع، وكأنما يذوب الصقيع عند أول لَمسة من حرارة الفقد.