أولياء الرحمن وأولياء الشيطان للشيخ ايهاب صالح

بقلم الشيخ / ايهاب صالح

كثر الكلام عن الشيوخ الأولياء، وكراماتهم، وإعطائهم العصمة، كما كثر الكلام عن ظهور خوارق العادات على يد البعض، وكثر ظهور من يزعمون الولاية من الله تعالى، وكثرت معهم الحوادث المشينة، وغالبها يتعلق بجمع الأموال والشهوة والتحرش.

والولاية والكرامات أمور ثابتة ومتفق عليها عند أهل السنة والجماعة، وبإجماع علماء السلف والخلف، ولكن من هم الأولياء؟ وما هي الكرامات؟

وهنا تكمن الفتنة، لأنه سيتبع ذلك طاعة الشيخ الولي واتباعه، وغالبا ما يكون الاتباع أعمى.

لذلك نحتاج لبيان ضوابط هذه المسألة الخطيرة.

وخلاصة القول:

مهما رأيت من خوارق فإياك أن تقع في الفخ، ولا تتعجل وتعتقد أنها كرامة، فلا بد من توصيفها التوصيف الصحيح أولًا.

هل هي كرامة أم استدراج؟ هل هي كرامة أم سحر؟ هل هي كرامة من الله أم هي من عمل شياطين الجن؟

والفيصل الفارق الحاسم أن تعرض أعماله وأقواله وإرشاداته على الشرع الشريف

فإذا وافق الشرع فهو من أولياء الرحمن، وإذا خالفه فهو من أولياء الشيطان، وإياك أن تصدق خدعة القول الباطن، واختبار الطاعة، ونحو ذلك من مبررات كاذبة، وشعارات خادعة.

قال الإمام الشافعي: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة.

فالاعتبار الأساسي إذن هو: إلى ماذا يوصلك، وليس ما يريك من كرامات، فقد تكون استدراج لا كرامة.

والكرامة والاستدراج كلاهما من الخوارق، ولكن الأولى من الله إكراما للولي، لمعاونة الخلق للوصول إلى الله، والثانية للشيطان كي يتمادى في غيّه، ولتكون ابتلاءً للناس.

واعلم أن الاستقامة عين الكرامة، فالولي غير المستقيم على شرع الله ليس بولي، وإنما هو شيطان زنديق منحرف، وإياك أن تنخدع وتصدق أنه يختبر طاعتك، فلا اختبار بالحرام والمعصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

والاستقامة على الشرع الشريف لا بد أن تستمر ولا تتوقف أبدا، فمن الاستدراج أن يظهر لك اتباعه للشرع الشريف ويأمرك به في البداية، ثم يسلخك منه درجة درجة وخطوة خطوة، كما تُسلخ الذبيحة.

والشرع الشريف هو الأحكام الشرعية في العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق.

وإياك أن تصدق أن إلغاء العقل شرط أساسي للوصول إلى الله، فهذه خدعة أيضا لسلب الفهم والإرادة، فلا تفعل ولا تصدق ما لا تفهمه، فالشرع الشريف واضح معقول مفهوم، مناسب للعقل، متوافق مع الفطرة.

وكذلك الذكر، فلا تذكر الله بما لا تفهم، فلكي يصح الذكر لا بد من حضور القلب، والقلب لا يحضر مع ما لا يفهم.

وإياك أن تصدق تفسير متبعي الهوى لمقولة: هذا متشرع وهذا متحقق.

فالشريعة والطريقة لا تناقض بينهما، والشريعة هي التي تضبط الطريقة، والطرق مهما تنوعت فلا بد أن توصل إلى الله، باتباع الشرع الشريف، والطريقة التي تخالف الشرع في شيء فهي شيطانية، فالشرع الشريف هو الذي يحميك من تلبيسات الشيطان ومداخله، لذلك كان من شروط الشيخ المربي أن يكون عالما بالشرع الشريف، كي يحمي طلابه ومريديه من الفتن، أما الطريقة التي تخالف الشريعة فما هي إلا طريقة شيطانية.

وأخيرا إياك أن تصدق رفع التكاليف تحت أي ظرف، أو الاستغناء عن العبادات الظاهرة بالترقي والاستغناء عنها إلى العبادات الباطنة، فلا حقيقة لاستبدال الباطن بالظاهر، فلو كان الأمر كذلك لفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يرفع عنه التكليف حتى في مرضه الأخير.

فالترقي الباطني يكون بتطهير القلب عن الأمراض المذمومة، والسعي لرضا الله ومجاهدة النفس، والزهد عن المباح، والغفلة عما سوى الله، ولا يكون ذلك إلا باتباع الشرع الشريف.

فمن أراد التزكية فعليه بالعلم والعمل، والبداية تكون بكثرة العبادات من صلاة وذكر وقراءة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن واجب الوقت الآن ومن أفضل ما تفعل أن تتعلم العلوم الشرعية على يد العلماء الثقات حتى تستطيع مواجهة الفتن والشبهات التي تحيط بنا من كل اتجاه

فاحذروا يا أهل الله

أسأل الله تعالى لنا ولكم وللجميع الثبات والحفظ من الفتن ما ظهر منها وما بطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.