إعداد الشيخ/ أحمد عزت حسن
٢- الجميع من حولك يسمعون النداء كما تسمعه كلُ من يشعر بأنه جزء من أمة الإسلام يعرف بأن هذا النداء خاص جدًا ومميز جدًا نداء يعلن بدء الاجتماع.
وإن المتأمل في صلاة الجماعة يجد أنها -بشروطها وأسرارها- كفيلة بإصلاح حال الفرد والجماعة والمجتمع، وقادرة على خلق مجتمع مثالي واقعي؛ إذا ما التزمنا بما تفرضه علينا من واجبات، ولنبدأ رحلتنا الميمونة مع الصلاة لتكون لنا حياة لمن أراد أن تكون له حياة.
وقبل أن تدخل المسجد تمّهل، قبل أن تقف في الصف انتظر. قبل أن تكون ضمن الجماعة يجب أن تتطهر وتتزكى؛ لهذا فـُرض الوضوء، لا يُسمح لك أن تكون جزءً من الجماعة الطاهرة دون أن تكون طاهرًا نظيفًا، تغتسل بماءٍ نقي صاف تسكبه بطريقةٍ معيّنة ولأعضاءٍ مُحددة ما سُميت في القرآنِ وحددت لعبًا ولهوا أو زيادةً في التكليف بل لمقصدٍ معين؛ فالنظافة الجسدية أمرٌ يحث عليه ديننا ويدعو له دائمًا وهي من فطرة الإنسان وحُسن خلقه، ولكن ليس المقصد من الوضوء خمس مرات في اليوم وقبل الصلاة هو تنظيف الأعضاء والجوارح من الأوساخ المادية العالقة بها فقط، بل هو يمتد لتطهيرها من الأدران الحسية المترسبة فيها.
اغسل يديك ثلاثـًا وطهرها من السرقة والضرب والتزوير وإيذاء الآخرين.
اغسل وجهك وأزل الترسبات السيئة التي شاهدتها وقد تراكمت على عينيك.
اغسل فمك وطهره من الغيبة والكذب والنميمة والقول الفاحش.
امسح رأسك وأفرغ عقلك من كل فكرةٍ شريرةٍ تدور بداخله.
امسح أذنيك ونقها من كل خبثٍ استمعت إليه.
اغسل رجلك جيدًا أزل عنها بقايا الأماكن السيئة التي حملتك إليها تطهر بعمق.
دع الماء يتخلل أعضائك وينقيها من كل شائبةٍ تشوبها طهّر جوارحك بالوضوء لتقدر على تطهير قلبك بالصلاة. “وثيابك فطهّر . والرجز فاهجر” طهارة مادية في تنظيف الثياب، وطهارة معنوية في التخلي عن كل ما يمنعك عن طريق الله.
فتعبقُ منك رائحة الطهر وتتقاطر الذنوب من أطرافك مع قطرات الماء. “فإذا غسل يديه خرجت كل خطيئة كانت قد بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء … حتى يخرج نقيًا من الذنوب”
وكأننا حينما نتوضأ للصلاة فإنما نغسل أنفسنا بالماء -وليس بشيء سواه- لأنه هو الذي خُلقنا منه! وكأننا بهذا الوضوء نعود أدراجنا بفطرة سليمة -مصلحين ما تهدَّم منها- تمامًا كبداية خلقنا عندما كنا خالين من الذنوب وذلك استعدادًا للقاء الله تعالى والوقوف بين يديه
فإذا فقدنا الماء أبدلناه بالتراب في التيمم، والتراب هو ثاني مكون من مكونات خلقنا، فلقد خلقنا الله من ماء وخلقنا من تراب.
وبهذا وجب أن نستعد للصلاة بأن نكون كلنا آدم وحواء حين خلقهما الله.