من أجمل وأروع وأكمل من وصف النبي صلي الله عليه وسلم هند بن أبي هالة ربيب النبي صلي الله عليه وسلم وابن السيدة خديجة وأخو السيدة زينب والسيدة فاطمة الزهراء والسيدة رقية والسيدة أم كلثوم من أمهن السيدة خديجة وخال الإمام الحسن والإمام الحسين
إقرؤوا معي ماذا قال في الوصف البديع الذي أبدع فيه بين الجمال في المنطق وفي السمت وفي اللفتات وفي الوجه المضئ وفي الخلق وكل النبي صلى الله عليه وسلم جمال في جمال في جمال ولهذا الوصف أهمية خاصة لأنه وصف لمن عاش مع النبي وعاشره وتعلم منه وكان أقرب الناس إليه
تعالوا لنقرأ
” يُروَى عن الحَسنِ بنِ عليٍّ رضي الله عنهما، قال: سألتُ خالي هِنْدَ بنَ أبي هالةَ عن حِلْيَةِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم- وكان وصَّافًا -، وأنا أَرجُو أنْ يَصِفَ لي منها شيئًا أَتعلَّقُ به، قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فَخْمًا مُفَخَّمًا، يتلأْلَأُ وجهُهُ تلأْلُؤَ القمرِ ليلةَ البدرِ، أطْوَلَ مِنَ المَرْبوعِ، وأقصَرَ مِنَ المُشَذَّبِ، عظيمَ الهامَةِ، رجِلَ الشَّعَرِ، إنْ انفرَقَتْ عَقيصَتُهُ فَرَقَ، وإلَّا فلا يُجاوِزُ شعَرُهُ شَحْمةَ أُذُنِهِ إذا هو وفَّرَهُ، أزْهَرَ اللَّوْنِ، واسِعَ الجَبينِ، أزَجَّ الحواجبِ سوابِغَ مِن غيرِ قَرَنٍ، بينهُما عِرْقٌ يُدِرُّه الغضبُ، أقْنَى العِرْنينِ، لهُ نورٌ يَعلُوهُ، ويَحسَبُهُ مَن لم يتأمَّلْهُ أشَمَّ، كثَّ اللِّحيةِ، أدْعَجَ، سهْلِ الخدَّيْنِ، ضليعَ الفمِ، أشْنَبَ، مُفَلَّجَ الأسنانِ، دَقيقَ المَسْرُبةِ، كأنَّ عُنقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ في صَفاءِ الفِضَّةِ، معتَدِلَ الخَلْقِ، بادِنًا، متماسِكًا، سواءَ البطنِ والصَّدْرِ، عريضَ الصَّدْرِ، بَعيدَ ما بيْن المَنْكِبيْنِ، ضخْمَ الكَراديسِ، أَنوَرَ المُتَجَرَّدَ، مَوصولَ ما بيْن اللَّبَّةِ والسُّرَّةِ بشعَرٍ يجري كالخطِّ، عاريَ الثَّدْييْنِ والبطنِ ممَّا سوى ذلكَ، أشعَرَ الذِّراعيْنِ والمَنْكِبيْنِ وأعالي الصَّدْرِ، طويلَ الزَّنْدَيْنِ، رحْبَ الرَّاحةِ، شَثْنَ الكفَّيْنِ والقَدميْنِ، سائِلَ الأطرافِ، سَبْطَ العَصَبِ، خَمْصانِ الأَخْمَصَيْنِ، مَسيحَ القدميْنِ يَنبو عنهُما الماءُ، إذا زالَ زالَ تقلُّعًا، ويَخطو تكفُّأً، ويَمشي هَوْنًا، ذَريعَ المِشْيَةِ، إذا مشَى كأنَّما ينحَطُّ مِن صَبَبٍ، وإذا التفتَ التفتَ جميعًا، خافِضَ الطَّرْفِ، نظرُهُ إلى الأرضِ أطولُ مِن نظرِهِ إلى السَّماءِ، جُلُّ نظرِهِ الملاحظةُ، يَسوقُ أصحابَهُ، ويَبدأُ مَن لَقِيَهُ بالسَّلامِ، قلت: صِفْ لي مَنطِقَهُ، قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم متواصِلَ الأحزانِ، دائمَ الفِكرةِ، ليستْ له راحةٌ، ولا يتكلَّمُ في غير حاجَةٍ، طويلَ السُّكوتِ، يفتتِحُ الكلامَ ويختِمُهُ بأشداقِهِ، ويتكلَّمُ بجوامعِ الكَلِمِ فصْلًا، لا فُضولَ فيهِ ولا تقصيرَ، دَمِثًا ليس بالجافي ولا المُهينِ، يُعظِّمُ النِّعمةَ وإنْ دقَّتْ، لا يَذُمُّ شيئًا، غيرَ أنه لم يكنْ يذُمُّ ذَواقًا ولا يمدحُهُ، ولا يقومُ لغضبه إذا تعرَّضَ للحقِّ شيْءٌ حتَّى ينتصِرَ له، ولا يغضَبُ لنفْسِهِ ولا يَنتصِرُ لها، إذا أشار أشار بكفِّه كلِّها، وإذا تعجَّب قلَبها، وإذا تحدَّثَ اتَّصَلَ بها فضرب بإبهامه اليُمنى راحتَه اليُسرَى، وإذا غضِبَ أعرَضَ وأشاحَ، وإذا فرِحَ غضَّ طرْفَهُ، جُلُّ ضحِكِهِ التَّبَسُّمُ، ويَفْتَرُّ عن مثْلِ حَبِّ الغَمامِ صلَّى الله عليه وسلَّم “
وصدق حسان بن ثابت حين قال
وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني
وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ
خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيبٍ
كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ
نحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم بجميل ذكره