
مسألة هامة:
هل الترك يفيد التحريم؟
أو هل كل ما لم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- والسلف الصالح يعد حرامـًا؟؟
– ونقصد بالترك:أن يترك النبي -صلّى االله عليه وآله وسلّم- شيئـًا لم يفعله، أو يتركه السلف الصالح، من غير أن يأتي حديث أو أثر بالنهي عن ذلك الشيء المتروك يقتضي تحريمه أو كراهته.
– هذا وقد أكثر الاستدلال به كثير من المتأخرين، وأفرط في استخدامه بعض المتنطعين على تحريم أشياء أو ذمـها.
– فالترك وحده إن لم يصحبه نص على أنّ المتروك محظور لا يكون حجة في ذلك، بل غايته أن يفيد أنّ ترك ذلك الفعل مشروع، وأمـا أنّ ذلك الفعل المتروك يكون محظوراً فهذا لا يستفاد من الترك وحده، وإنمـا يستفاد من دليل يدل عليه.
– ولنعلم أن الذي يدل على التحريم ثلاثة أشياء:
أولها: النـهي، مثل “ولا تقربوا الزنا”
ثانيها: لفظ التحريم، مثل “حرمت عليكم الميتة”
ثالثها: ذم الفعل أو التوعد عليه بالعقاب، مثل “من غش فليس منا”
والترك ليس واحداً من هذه الثلاثة فلا يقتضي التحريم.
– وأيضا قوله -تعالى-: “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا” لم يقل فيه ربنا -سبحانه وتعالى-: وماتركه فانتهوا عنه، فدل ذلك على أن الترك لا يفيد التحريم.
– وأيضا قول النبي -صلّى االله عليه وآله وسلّم-: “ما أمرتكم به فائتوا منه مااستطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه” ولم يقل: وما تركته فاجتنبوه، فكيف دل الترك على التحريم؟!!!!
– والأصوليون عرفوا السنـة بأنها قول النبي -صلى االله عليه وآله وسلّم-
وفعله وتقريره، ولم يقولوا وتركه؛ لأنه ليس بدليل.
– وأيضا الترك يحتمل أنواعاً غير التحريم منها أن يكون ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- الفعل مخافة أن يفرض على أمته، أو تركه النبي سهوا، أو يكون تركه عادة، أو يكون تركه لعدم تفكيره فيه، إلى غير ذلك من الاحتمالات، والقاعدة الأصولية تقول: ( أن ما دخله الاحتمال سقط به الاستدلال ).
– فنعلم من هذا كله أن الترك لا يقتضي تحريـماً وإنما يقتضي جواز المتروك.
والله أعلــــم