العدالة والرحمة والبركة فى عهد الإمام

عن علي – رضي الله عنه ” أنه نظر إلى ابنه الحسن – رضي الله عنه – ,فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه النبي – صلى الله عليه وسلم – , وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم – صلى الله عليه وسلم – , يشبهه في الخُلُق, ولا يشبهه في الخَلق,- ثم ذكر قصة وزاد- يملأ الأرض عدلاً ” ([1])

فالاحاديث نصت على ان الإمام المهدى يشبه النبى صلى الله عليه وسلم فى الخُلُق ولا يشبهه فى الخلقة – اى الشكل – .

واعظم شئ مُدح فى النبى صلى الله عليه وسلم هى اخلاقه قال تعالى “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ” حتى ان كفار قريش وصفوه فى الجاهلية بالصادق الامين، وحتى انه وصف باخلاقه ايضاً فى الامم السابقة.

فهو صلى الله عليه وسلم حليم كثير العفو، لا تزيده شدة الجهل عليه الا حلما، رؤوف حليم لاسيما على الفقراء والمساكين والايتام، فاخلاقه كاملة صلى الله عليه وسلم فهو رحمة شاملة.

فالإمام المهدى تكاد تكون صفاته هى صفات النبى صلى الله عليه وسلم، الا انه سيأتى محارباً بالسيف وقوى الظل والطغيان قد بلغت منتهاها , فلابد ان يكون لدى المهدى بعض القوة والشدة ، حتى يظن بعض الناس به الظنون من فرط قوته وشدته.

ولعل هذا الفارق بين النبى صلى الله عليه وسلم والإمام المهدى لان العرب كانوا فى الجاهلية أهل اخلاق وكانوا لا يؤثر علي احدهم كذبة فقال صلى الله عليه وسلم “انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق” .

الا ان ظروف زمن الإمام المهدى مختلفة عن زمن النبى صلى الله عليه وسلم، لانه سيحتاج الى شدة فى محاربة اعدائه وهذا سيأثر على شخصية الإمام المهدى لانه سيحارب كثير من الأمم ويهدم الظلم والطغيان حتى ان الروم وغيرهم يهفون الى عدله.

فالزمن يفرض على الإمام المهدى ان تكون عنده بعض الشدة التى يحتاجها فى محاربة اعدائه وتقوم الاعوجاج الخلقى عند المسلمين وغير المسلمين.

وان نظرنا سنجد كثير من التفسخ الاخلاقى والظلم والفاحشة والفساد والرشوة اصبحت مستباحة ، ولابد ان يقوِّم الإمام المهدى هذه المفاسد بشئ من القوة حتى يتحقق قول الله تعالى “الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ” الحج : 41

وقوله تعالى ” يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ” مريم : 12

 قال الله تعالى واصفاً الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم: ” ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ” القلم : 1ـ4

قال تعالى: ” الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ” الحج : 41.

عن علي – رضي الله عنه ” أنه نظر إلى ابنه الحسن – رضي الله عنه – , فقال : إن ابني هذا سيد كما سماه النبي – صلى الله عليه وسلم – , وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم – صلى الله عليه وسلم – , يشبهه في الخُلُق, ولا يشبهه في الخَلق,- ثم ذكر قصة وزاد- يملأ الأرض عدلاً “([2])

عن أبى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يخرج رجل من أهل بيتي ، و يعمل بسنتي، وينزل  الله البركة من السماء، وتخرج له الأرض بركتها، و تملأ به الأرض عدلا، كما ملئت ظلما وجورا، ويعمل على هذه الأمة سبع سنين، وينزل بيت المقدس “([3])

عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم ”  المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ويملك سبع سنين”([4])

قال كعب الأحبار : إني لأجد المهدي مكتوبا في أسفار الأنبياء ما في حكمه ظلم ولا عيب . ([5])

عن طاوس قال : علامة المهدي أنه يكون شديدا على العمال جوادا بالمال رحيما بالمساكين . ([6])

قال بعض أهل العلم : ان الإمام المهدى يعمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم لا يوقظ نائما ، ويقاتل على السنة لا يترك سنة إلا أقامها ولا بدعة إلا رفعها ، يقوم بالدين آخر الزمان كما قام به النبي صلى الله عليه وسلم أوله ، يملك الدنيا كلها كما ملك ذو القرنين وسليمان بن داود عليهما السلام ، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرد إلى المسلمين ألفتهم ونعمتهم ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يحثو المال حثوا ولا يعده عدا ، يقسم المال صحاحا بالسوية ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض والطير في الجو والوحش في القفر والحيتان في البحر ، يملأ قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى حتى إنه يأمر مناديا ينادي : ألا من له حاجة في المال ؟ فلا يأتيه إلا رجل واحد فيقول أنا فيقول ائت السادن – أي الخازن – فقل له المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له احث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول كنت أجشع – أي أحرص – أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعجز عني ما وسعهم ؟ قال فيرده فلا يقبل منه فقال له إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه    الأمة ([7])

قال بعض أهل العلم : إن الإمام المهدى تنعم أمة محمد برها وفاجرها في زمانه نعمة لم يسمعوا بمثلها قط وترسل السماء عليهم مدرارا لا تدخر شيئا من قطرها ، وتؤتي الأرض أكلها لا تدخر عنهم شيئا من بذرها ، تجري على يديه الملاحم ، يستخرج الكنوز ويفتح المدائن ما بين الخافقين ، يؤتى إليه بملوك الهند مغللين وتجعل خزائنهم لبيت المقدس حليا ، يأوي إليه الناس كما يأوي النحل إلى يعسوبه حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأول ، يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه مخالفيه وأدبارهم جبريل على مقدمته وميكائيل على ساقته ، ترعى الشاة والذئب في زمانه في مكان واحد ، وتلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا تضرهم شيئا ، ويزرع الإنسان مدا فيخرج له سبعمائة مد ، ويرفع الربا والزنا وشرب الخمر ، وتطول الأعمار وتؤدى الأمانة وتهلك الأشرار ولا يبقى من يبغض آل محمد صلى الله عليه وسلم . ([8])

قال بعض أهل العلم : ان الإمام المهدى محبوب – يعني المهدي – في الخلائق يطفئ الله به الفتنة العمياء وتأمن الأرض حتى إن المرأة تحج في خمس نسوة ما معهن رجل ولا يخفن شيئا إلا الله ، مكتوب في شعائر الأنبياء ما في حكمه ظلم ولا عيب([9])

قال العلامة الشيخ مرعي في كتابه ( فوائد الفكر في المهدي المنتظر ) : اعلم أن لظهور المهدي علامات جاءت بها الآثار ودلت عليها الأحاديث والأخبار ، فمن علامات ظهوره على ما ورد كسوف الشمس والقمر ونجم الذنب والظلمة وسماع الصوت برمضان وتحارب القبائل بذي القعدة وظهور الخسف والفتن ، ومعه قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه ، ورايته من مرط مخملة معلمة سوداء فيها حجر لم تنشر منذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تنشر حتى يخرج المهدي مكتوب على رأسها ” البيعة لله ” كذا في الإشاعة للعلامة السيد محمد البرزنجي المدني ، ويغرس قضيبا يابسا في أرض يابسة فيخضر ويورق ، ويطلب منه آية فيومئ إلى طير في الهواء بيده فيسقط على يده وينادي مناد من السماء : أيها الناس إن الله قطع عنكم الجبارين والمنافقين وأشياعهم وولاكم خير أمة محمد صلى الله عليه وسلم فألحقوه بمكة فإنه المهدي واسمه محمد بن عبد الله ، وتخرج الأرض أفلاذ كبدها مثل الأسطوانات من الذهب ويخرج كنز الكعبة المدفون فيها فيقسمه في سبيل الله

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تأوي إليه أمته كما تأوي النحلة إلى يعسوبها ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأول. لا يوقظ نائماً و لا يهريق دماً”([10])

قال الإمام على كرم الله وجهه فى الجفر : (…. ولا يفلت من يدى المهدى بلاد بحر العرب ولا كل من يعطى وجهه البحر المحيط، يأتيه المهدى من البحر ومن السماء فى مثل الفضة، مراكب تسبح فى السماء، وتمر مر السحاب، يعلم الله الانسان ما لم يعلم، فمنهم من يؤمن قلبه ومنهم من يجحد، ومهما تعلم لا يفهم، يعيش فى غضب الله، ويموت دائماً الى عذاب الله، والمهدى يملك ولا يقسو فكل ما ترونه مثل بلال بن رباح الى عدله يهفو)

بعض ما ذكر بشأن العلماء السبعة وفيه زهد الإمام المهدى :

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ” إذا انقطعت التجارات والطرق وكثرت الفتن ، خرج سبعة رجال علماء من أفق شتى على غير ميعاد ، يبايع لكل رجل منهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، حتى يجتمعوا بمكة فيلتقي السبعة فيقول بعضهم لبعض : ما جاء بكم ؟ فيقولون : جئنا في طلب هذا الرجل الذي ينبغي أن تهدأ على يديه هذه الفتن وتفتح له القسطنطينية ، قد عرفناه باسمه واسم أبيه وأمه وحليته ، فيتفق السبعة على ذلك . فيطلبونه فيصيبونه بمكة : فيقولون له : أنت فلان بن فلان ، فيقول لا ، بل أنا رجل من الأنصار ، حتى يفلت منهم . فيصفونه لأهل الخبرة والمعرفة به ، فيقال هو صاحبكم الذي تطلبونه ، وقد لحق بالمدينة ، فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة ، فيطلبونه بمكة فيصيبونه فيقولون : أنت فلان بن فلان وأمك فلانة بنت فلان وفيك آية كذا وكذا ، وقد أفلت منا مرة فمد يدك نبايعك ، فيقول : لست بصاحبكم ، أنا فلان بن فلان الأنصاري ، مروا بنا أدلكم على صاحبكم حتى يفلت منهم ، فيطلبونه بالمدينة ، فيخالفهم إلى مكة فيصيبونه بمكة عند الركن فيقولون : إثمنا عليك ودماؤنا في عنقك إن لم تمد يدك نبايعك ، هذا عسكر السفياني قد توجه في طلبنا ، عليهم رجل من جرم ، فيجلس بين الركن والمقام فيمد يده فيبايع له ، ويلقي الله محبته في صدور الناس ، فيسير مع قوم أسد بالنهار ، رهبان بالليل “([11])

([1]) أخرجه أبو داود , ونعيم بن حماد في الفتن

([2]) أخرجه أبو داود , ونعيم بن حماد في الفتن .

([3]) أخرجه الإمام أبو عمرو الداني، في سننه. , وأخرجه الحافظ أبو نعيم، في صفة المهدي .

([4]) رواه ابى داوود فى سننه .

([5]) أخرجه أبو عمرو المقري في سننه ونعيم بن حماد . كتاب لوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية الجزء الثانى باب حلية المهدى وصفته

([6]) أخرجه أبو نعيم , كتاب لوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية الجزء الثانى باب حلية المهدى وصفته

([7]) كتاب لوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية الجزء الثانى باب حلية المهدى وصفته

([8]) كتاب لوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية الجزء الثانى باب حلية المهدى وصفته

([9]) كتاب لوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية الجزء الثانى باب حلية المهدى وصفته

([10])الفتن لابن حمّاد ,  عرف السيوطي، الحاوي

([11])ذكره ابن حماد ، والسيوطى فى العرف الوردى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.