1
سلو قلبي غداة سلا وثابا * لعل على الجمال له عتابا
2
ويسأل في الحوادث ذو صواب * فهل ترك الجمال له صوابا
3
وكنت إذا سألت القلب يوما * تولى الدمع عن قلبي الجوابا
4
ولي بين الضلوع دم ولحم * هما الواهي الذي ثكل الشبابا
5
تسرب في الدموع فقلت:ولى * وصفق في الضلوع فقلت: ثابا
6
ولو خلقت قلوب من حديد * لما حملت كما حمل العذابا
7
وأحباب سقيت بهم سلافا * وكان الوصل من قصر حبابا
8
ونادمنا الشباب على بساط * من اللذات مختلف شرابا
9
وكل بساط عيش سوف يطوى * وإن طال الزمان به وطابا
10
كأن القلب بعدهم غريب * إذا عادته ذكرى الأهل ذابا
11
ولا ينبيك عن خلق الليالي * كمن فقد الأحبة والصحابا
12
أخا الدنيا أرى دنياك أفعى * تبدل كل آونة إهابا
13
وأن الرقط أيقظ هاجعات * وأترع في ظلال السلم نابا
14
ومن عجب تشيب عاشقيها * وتفنيهم وما برحت كعابا
15
فمن يغتر بالدنيا فإني * لبست بها فأبليت الثيابا
16
لها ضحك القيان إلى غبي * ولي ضحك اللبيب إذا تغابى
17
جنيت بروضها وردا وشوكا * وذقت بكأسها شهدا وصابا
18
فلم أر غير حكم الله حكما * ولم أر دون باب الله بابا
19
ولا عظمت في الأشياء إلا * صحيح العلم والأدب اللبابا
20
ولا كرمت إلا وجه حر * يقلد قومه المنن الرغابا
21
ولم أر مثل جمع المال داء * ولا مثل البخيل به مصابا
22
فلا تقتلك شهوته وزنها * كما تزن الطعام أو الشرابا
23
وخذ لبنيك والأيام ذخرا * وأعط الله حصته احتسابا
24
فلو طالعت أحداث الليالي * وجدت الفقر أقربها انتيابا
25
وأن البر خير في حياة * وأبقى بعد صاحبه ثوابا
26
وأن الشر يصدع فاعليه * ولم أر خيرا بالشر آبا
27
فرفقا بالبنين إذا الليالي * على الأعقاب أوقعت العقابا
28
ولم يتقلدوا شكر اليتامى * ولا ادرعوا الدعاء المستجابا
29
عجبت لمعشر صلوا وصاموا * عواهر خشية وتقى كذابا
30
وتلفيهم حيال المال صما * إذا داعي الزكاة بهم أهابا
31
لقد كتموا نصيب الله منه * كأن الله لم يحص النصابا
32
ومن يعدل بحب الله شيئا * كحب المال ضل هوى وخابا
33
أراد الله بالفقراء برا * وبالأيتام حبا وارتبابا
34
فرب صغير قوم علموه * سما وحمى المسومة العرابا
35
وكان لقومه نفعا وفخرا * ولو تركوه كان أذى وعابا
36
فعلم ما استطعت لعل جيلا * سيأتي يحدث العجب العجابا
37
ولا ترهق شباب الحي يأسا * فإن اليأس يخترم الشبابا
38
يريد الخالق الرزق اشتراكا * وإن يك خص أقواما وحابى
39
فما حرم المجد جنى يديه * ولا نسي الشقي ولا المصابا
40
ولولا البخل لم يهلك فريق * على الأقدار تلقاهم غضابا
41
تعبت بأهله لوما وقبلي * دعاة البر قد سئموا الخطابا
42
ولو أني خطبت على جماد * فجرت به الينابيع العذابا
43
ألم تر للهواء جرى فأفضى * إلى الأكواخ واخترق القبابا
44
وأن الشمس في الآفاق تغشى * حمى كسرى كما تغشى اليبابا
45
وأن الماء تروى الأسد منه * ويشفي من تلعلعها الكلابا
46
وسوى الله بينكم المنايا * ووسدكم مع الرسل الترابا
47
وأرسل عائلا منكم يتيما * دنا من ذي الجلال فكان قابا
48
نبي البر بينه سبيلا * وسن خلاله وهدى الشعابا
49
تفرق بعد عيسى الناس فيه * فلما جاء كان لهم متابا
50
وشافي النفس من نزعات شر * كشاف من طبائعها الذئابا
51
وكان بيانه للهدي سبلا * وكانت خيله للحق غابا
52
وعلمنا بناء المجد حتى * أخذنا إمرة الأرض اغتصابا
53
وما نيل المطالب بالتمني * ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
54
وما استعصى على قوم منال * إذا الإقدام كان لهم ركابا
55
تجلى مولد الهادي وعمت * بشائره البوادي والقصابا
56
وأسدت للبرية بنت وهب * يدا بيضاء طوقت الرقابا
57
لقد وضعته وهاجا منيرا * كما تلد السماوات الشهابا
58
فقام على سماء البيت نورا * يضيء جبال مكة والنقابا
59
وضاعت يثرب الفيحاء مسكا * وفاح القاع أرجاء وطابا
60
أبا الزهراء قد جاوزت قدري * بمدحك بيد أن لي انتسابا
61
فما عرف البلاغة ذو بيان * إذا لم يتخذك له كتابا
62
مدحت المالكين فزدت قدرا * فحين مدحتك اقتدت السحابا
63
سألت الله في أبناء ديني * فإن تكن الوسيلة لي أجابا
64
وما للمسلمين سواك حصن * إذا ما الضر مسهم ونابا
65
كأن النحس حين جرى عليهم * أطار بكل مملكة غرابا
66
ولو حفظوا سبيلك كان نورا * وكان من النحوس لهم حجابا
67
بنيت لهم من الأخلاق ركنا * فخانوا الركن فانهدم اضطرابا
68
وكان جنابهم فيها مهيبا * وللأخلاق أجدر أن تهابا
69
فلولاها لساوى الليث ذئبا * وساوى الصارم الماضي قرابا
70
فإن قرنت مكارمها بعلم * تذللت العلا بهما صعابا
71
وفي هذا الزمان مسيح علم * يرد على بني الأمم الشبابا