قصيدة أبي مدين الغوث
( تضيق بنا الدنيا )
1 – تَضِيقُ بِنَا الدُّنْيَا إِذَا غِبْتُمُ عَنَّا * وَتَذْهَبُ بِالأَشْوَاقِ أَرْوَاحُنَا مِنَّا
2 – فَبُعْدُكُمُِ مَوْتٌ وَقُرْبُكُمُ حَيَا * فَإِنْ غِبْتُمُ عَنَّا وَلَوْ نَفَساً مُتْنَا
3 – نَمُوتُ بِبُعْدِكُمُ وَنَحْيَا بِقُرْبِكُمْ * وَإِنْ جَاءَنَا عَنْكمْ بَشِيرُ اللِّقَا عِشْنَا
4 – وَنَحْيَا بِذِكْرِكُمُ إِذَا لَمْ نَرَاكُمُ * أَلاَ إِنَّ تِذْكَارَ الأَحِبَّةِ يُنْعِشْنَا
5 – فَلَوْلاَ مَعَانِيكُمْ تَرَاهَا قُلوبُنَا * إِذَا نَحْنُ أَيْقَاظٌ وَفِي النَّوْمِ إِنْ غِبْنَا
6 – لمَتُنْنَا أَسىً مِنْ بُعْدِكُمْ وَصَبَابَةً * وَلكِنَّ فِي المَعْنى مَعَانِيكُمْ مَعْنَا
7 – حَرِّكُنَا ذِكْرُ الأَحَادِيثِ عَنْكُمُ * وَلَوْلاَ هَوَاكُمْ فِي الْحَشَا مَاتَحَرَّكْنَا
8 – فَقُلْ لِلَّذي يَنْهَى عَنِ الْوَجْدِ أَهْلَهُ * إِذَا لَمْ تَذُقْ مَعْنى شَرَابِ الْهَوى دَعْنَا
9 – إِذَا اهتَزَّتِ الأَرْوَاحُ شَوْقاً إِلى اللِّقَا * تَرَقَّصَتِ الأَشْبَاحُ يَا جَاهِلَ الْمَعْنى
10 – أَمَا تَنْظُرُ الطَّيْرَ الْمُقَفَّصَ يافَتى * إِذَا ذَكَرَ الأَوْطَانَ حَنَّ إِلى الْمَغْنى
11 – يُفَرِّجُ بِالتَّغْرِيدِ مَا بِفُؤادِهِ * فَتَضْطَرِبُ الأَعْضَاءُ فِي الْحِسِّ وَالْمعْنى
12 – وَيَرْقًُصُ فِي الأَقْفاصِ شَوْقاً إِلى اللِّقَا * فَتَهْتَزُّ أَرْبَابُ الْعُقُولِ إِذَا غَنّى
13 – كَذلِكَ أَرْوَاحُ الْمُحِبِّينَ يَا فَتى * تُهَزِّزُهَا الأّشْوَاقُ لِلْعَالَمِ الأَسْنى
14 – أَنُلْزِمُهَا بِالصَّبْرِ وَهْيَ مَشُوقَةٌ * وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الصَّبْرَ مَنْ شَاهَدَ الْمَعْنى
15 – إِذَا لَمْ تَذُقْ مَا ذَاقَتِ النَّاسُ فِي الْهَوى * فَبِاللهِ يَا خَالِي الْحَشَا لاَ تُعنِّفْنَا
16 – وَسَلِّمْ لَنَا فِيمَا ادَّعَيْنَا لأَنَّنَا * إِذَا غَلَبَتْ أَشْوَاقُنَا رُبَّمَا صِحْنَا
17 – ( وَتَهْتَزُّ عِنْدَ الإِسْتِمَاعِ قُلُوبُنَا * إِذَا لَمْ نَجِدْ كَتْمَ الْمَوَاجِيِدِ صَرَّحْنَا )
18 – وَفِي السِّرِّ أَسْرَارٌ دِقَاقٌ لَطِيفَةٌ * تُرَاقُ دِمَانَا جَهْرَةً إِنْ بِهَا بُحْنَا
19 – فَيَا حَادِيَ الْعُشَّاقِ قُمْ وَاحْدُ قَائِماً * وَزَمْزِمْ لَنَا بِاسْمِ الْحَبِيبِ وَرَوِّحْنَا
20 – وَصُنْ سِرَّنَا فِي سُكْرِنَا عَنْ حَسُودِنَا * وَإِنْ أَنْكَرَتْ عَيْنَاكَ شَيْئاً فَسَامِحْنا
21 – فَإِنَّا إِذَا طِبْنَا وَطَابَتْ عُقُولُنَا * وَخَامَرْنَا خَمْرُ الْغَرَامِ تَهَتَّكْنَا
22 – فَلاَ تَلُمِ السَّكْرَانَ فِي حَالِ سُكْرِهِ * فَقَدْ رُفِعَ التَّكْلِيفُ في سُكْرِنَا عَنَّا