* أولاً : الأحنــــاف :
قال الإمام الزيلعي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (1/234): [(قَوْلُهُ: يُلَقَّنُ لِظَاهِرِ مَا رَوَيْنَا إلَخْ) وَنُسِبَ إلَى أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَخِلَافُهُ إلَى الْمُعْتَزِلَةِ. اهـ. كَمَالٌ قَالَ قَاضِي خَانْ: إنْ كَانَ التَّلْقِينُ لَا يَنْفَعُ لَا يَضُرُّ أَيْضًا فَيَجُوزُ. اهـ. قَالَ فِي الْحَقَائِقِ قَالَ صَاحِبُ الْغِيَاثِ سَمِعْت أُسْتَاذِي قَاضِي خَانْ يَحْكِي عَنْ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ أَنَّهُ لَقَّنَ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَ دَفْنِهِ، وَأَوْصَانِي بِتَلْقِينِهِ فَلَقَّنْتُهُ بَعْدَ مَا دُفِنَ ثُمَّ نَقَلَ صَاحِبُ الْحَقَائِقِ مَا نَقَلَهُ أَوَّلًا عَنْ قَاضِي خَانْ.وَعِبَارَتُهُ فِي الْمَنْظُومَةِ فِي بَابِ الشَّافِعِيِّ وَيَحْسُنُ التَّلْقِينُ وَالتَّسْمِيعُ، قَالَ فِي الْحَقَائِقِ ذَكَرَ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ الصَّفَّارُ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّ تَلْقِينَ الْمَيِّتِ مَشْرُوعٌ لِأَنَّهُ تُعَادُ إلَيْهِ رُوحُهُ، وَعَقْلُهُ وَيَفْهَمُ مَا يُلَقَّنُ قُلْت وَلَفْظُ التَّسْمِيعِ يُخَرَّجُ عَلَى هَذَا وَصُورَتُهُ أَنَّهُ يَقُولُ يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ اُذْكُرْ دِينَكَ الَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ رَضِيتَ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَبِيًّا، وَعَلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةُ لَا يُفِيدُ التَّلْقِينُ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ عِنْدَهُمْ مُسْتَحِيلٌ.]اهـ
قال الإمام أبو بكر الزبيدي في الجوهرة النيرة (1/102) : [وَأَمَّا تَلْقِينُ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ فَمَشْرُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِيه فِي الْقَبْرِ وَصُورَتُهُ أَنْ يُقَالَ يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اُذْكُرْ دِينَك الَّذِي كُنْت عَلَيْهِ وَقَدْ رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا.]اهـ
وقال الإمام ملا خسرو في درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 160) : [وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَأَمَّا تَلْقِينُ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ فَمَشْرُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِيهِ فِي الْقَبْرِ وَصُورَتُهُ أَنْ يُقَالَ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اُذْكُرْ دِينَك الَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ وَقُلْ رَضِيتُ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَالْأَشْهَرُ أَنَّ السُّؤَالَ حِينَ يُدْفَنُ وَقِيلَ فِي بَيْتِهِ تُقْبَضُ عَلَيْهِ الْأَرْضُ وَتَنْطَبِقُ كَالْقَبْرِ، فَإِنْ قِيلَ هَلْ يُسْأَلُ الطِّفْلُ الرَّضِيعُ فَالْجَوَابُ أَنَّ كُلَّ ذِي رُوحٍ مِنْ بَنِي آدَمَ، فَإِنَّهُ يُسْأَلُ فِي الْقَبْرِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ لَكِنْ يُلَقِّنُهُ الْمَلَكُ فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ رَبُّك ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قُلْ اللَّهُ رَبِّي ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: مَا دِينُك ثُمَّ يَقُولُ لَهُ قُلْ دِينِي الْإِسْلَامُ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ مَنْ نَبِيُّك ثُمَّ يَقُولُ لَهُ قُلْ نَبِيِّ مُحَمَّدٌ – صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُلَقِّنُهُ بَلْ يُلْهِمُهُ اللَّهُ حَتَّى يُجِيبَ كَمَا أَلْهَمَ عِيسَى – عَلَيْهِ السَّلَامُ – فِي الْمَهْدِ.]اهـ
وقال الإمام ابن عابدين في الدر المحتار (2/ 191) : [مَطْلَبٌ فِي التَّلْقِينِ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُلَقَّنُ بَعْدَ تَلْحِيدِهِ) ذَكَرَ فِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ ثُمَّ قَالَ وَفِي الْخَبَّازِيَّةِ وَالْكَافِي عَنْ الشَّيْخِ الزَّاهِدِ الصَّفَّارِ: أَنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ بَعْدَ الْمَوْتِ عِنْدَهُمْ مُسْتَحِيلٌ أَمَّا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ فَالْحَدِيثُ أَيْ «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِيهِ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – «أَنَّهُ أَمَرَ بِالتَّلْقِينِ بَعْدَ الدَّفْنِ فَيَقُولُ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ اُذْكُرْ دِينَك الَّذِي كُنْت عَلَيْهِ مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا» . اهـ. وَقَدْ أَطَالَ فِي الْفَتْحِ فِي تَأْيِيدِ حَمْلِ مَوْتَاكُمْ فِي الْحَدِيثِ عَلَى حَقِيقَتِهِ مَعَ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْمَعُ أَوْ لَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: إنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَجَازُهُ ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا لَا يُنْهَى عَنْ التَّلْقِينِ بَعْدَ الدَّفْنِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ بَلْ نَفْعٌ فَإِنَّ الْمَيِّتَ يَسْتَأْنِسُ بِالذِّكْرِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْآثَارِ إلَخْ.
قُلْت: وَمَا فِي ط عَنْ الزَّيْلَعِيِّ لَمْ أَرَهُ فِيهِ وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ قِيلَ يُلَقَّنُ لِظَاهِرِ مَا رَوَيْنَاهُ وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ لَا يُؤْمَرُ بِهِ وَلَا يُنْهَى عَنْهُ اهـ وَظَاهِرُ اسْتِدْلَالِهِ لِلْأَوَّلِ اخْتِيَارُهُ فَافْهَمْ.]اهـ
ثانياً المالكيـــــة :
قال الإمام عبد الله المواق المالكي في التاج والإكليل لمختصر خليل (3/52) : [قَالَ أَبُو حَامِدٍ: وَيُسْتَحَبُّ تَلْقِينُ الْمَيِّتِ بَعْدَ الدَّفْنِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي مَسَالِكِهِ: إذَا أُدْخِلَ الْمَيِّتُ قَبْرَهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَلْقِينُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَهُوَ فِعْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الصَّالِحِينَ مِنْ الْأَخْيَارِ لِأَنَّهُ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] وَأَحْوَجُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إلَى التَّذْكِيرِ بِاَللَّهِ عِنْدَ سُؤَالِ الْمَلَائِكَةِ.]اهـ
قال الإمام القرطبي في التذكرة (1/ 340 : 343) :[ باب ما جاء في تلقين الإنسان بعد موته شهادة الإخلاص في لحده ذكر أبو محمد عبد الحق يروي «عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب. فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب، ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة الثانية فإنه يستوي قاعداً، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة الثالثة فإنه يقول: أرشدنا رحمك الله، ولكنكم لا تسمعون.
فيقول: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأنك رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وبالقرآن إماماً، فإن منكراً ونكيراً يتأخر كل واحد منهما.
ويقول: انطلق بنا ما يقعدنا عند هذا، وقد لقن حجته، ويكون الله حجيجهما دونه.
فقال رجل: يا رسول الله فإن لم تعرف أمه؟ قال: ينسبه إلى أمه حواء» .
قلت: هكذا ذكره أبو محمد في كتاب العاقبة لم يسنده إلى كتاب ولا إلى إمام، وعادته في كتبه نسبة ما يذكره من الحديث إلى الأئمة، وهذا والله أعلم، نقله من إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد فنقله كما وجد ولم يزد عليه. وهو حديث غريب.خرجه الثقفي في الأربعين له، أنبأناه الشيخ المسن الحاج الرواية: أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن علي بن فتوح بن أبي الحسن القرشي ـ عرف بابن رواح ـ بمسجده بثغر الإسكندرية حماه الله، والشيخ الفقيه الإمام مفتي الأنام أبو الحسن علي بن هبة الله الشافعي بمنية ابن خصيب. على ظهر النيل بها قالا جميعاً:
حدثنا الشيخ الإمام الحافظ أبو ظاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني قالا: أخبرنا الرئيس أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن محمود الثقفي بأصبهان.
أخبرنا أبو علي الحسين بن عبد الرحمن بن محمد بن عبدان التاجر بنيسابور، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا أبو الدرداء هاشم بن يعلى الأنصاري، حدثنا عتبة بن السكن الفزاري الحمصي، عن أبي زكريا، عن حماد بن زيد، عن سعيد الأزدي قال: دخلت على أبي أمامة الباهلي وهو في النزع فقال لي: يا سعيد إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا.
فقال: «إذا مات الرجل منكم فدفنتموه فليقم أحدكم عند رأسه فليقل: يا فلان ابن فلانة فإنه سيسمع.
فليقل يا فلان ابن فلانة فإنه يستوي قاعداً.
فليقل يا فلان ابن فلانة فإنه سيقول: أرشدنا يرحمك الله فلقيل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله باعث من في القبور، فإن منكر ونكيراً عند ذلك يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول: ما نصنع عند رجل لقن حجته فيكون الله حجيجهما دونه» .
حديث أبي أمامة في النزع غريب من حديث حماد بن زيد ما كتبناه إلا من حديث سعيد الأزدي.
قال أبو محمد عبد الحق: وقال شيبة بن أبي شيبة: أوصتني أمي عند موتها.
فقالت لي: يا بني إذا دفنتني فقم عند قبري، وقل يا أم شيبة، قولي: لا إله إلا الله.
ثم انصرف، فلما كان من الليل رأيتها في المنام فقالت لي: يا بني لقد كدت أن أهلك.
لولا أن تداركتني لا إله إلا الله.
فلقد حفظتني في وصيتي يا بني.
قال المؤلف: قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي: ينبغي أن يرشد الميت في قبره حيث يوضع فيه إلى جواب السؤال، ويذكر بذلك فيقال له: قل الله ربي.
والإسلام ديني.
ومحمد رسولي فإنه عن ذلك يسأل.
كما جاءت به الأخبار على ما يأتي إن شاء الله.
وقد جرى العمل عندنا بقرطبة كذلك.
فيقال: قل هو محمد رسول الله وذلك عند هيل التراب ولا يعارض هذا بقوله تعالى: {وما أنت بمسمع من في القبور} .
وقوله: {إنك لا تسمع الموتى} لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نادى أهل القليب وأسمعهم وقال: «ما أنتم بأسمع.
ولكنهم لا يستطيعون جواباً» ، وقد قال في الميت: «إنه ليسمع قرع نعالهم. وأن هذا يكون في حال دون حال ووقت دون وقت» .
وسيأتي استيفاء هذا المعنى في باب: ما جاء أن الميت يسمع ما يقال: إن شاء الله.]اهـ
ثالثاً : الشافعيــة :
قال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب (5/ 303 ، 304) :[قَالَ جَمَاعَاتٌ مِنْ أَصْحَابِنَا يُسْتَحَبُّ تَلْقِينُ الْمَيِّتِ عَقِبَ دَفْنِهِ فَيَجْلِسُ عِنْدَ رَأْسِهِ إنْسَانٌ وَيَقُولُ يَا فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ وَيَا عَبْدَ اللَّهِ ابن أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ الْعَهْدَ الَّذِي خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لا اله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وأن البعث حق وأن الساعة آتية لاريب فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا زَادَ الشَّيْخُ نَصْرٌ ربي الله لا إله الا هو عله تَوَكَّلْت وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ فَهَذَا التَّلْقِينُ عندهم مستحب ممن نَصَّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي وَالشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ أَصْحَابِنَا مُطْلَقًا وَسُئِلَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ التَّلْقِينُ هُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ وَنَعْمَلُ بِهِ قَالَ وَرَوَيْنَا فِيهِ حَدِيثًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ لَيْسَ إسْنَادُهُ بِالْقَائِمِ لَكِنْ اُعْتُضِدَ بِشَوَاهِدَ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الشَّامِ قَدِيمًا هَذَا كَلَامُ أَبِي عَمْرٍو قُلْت حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَلَفْظُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ قَالَ ” شَهِدْتُ أَبَا أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ فِي النَّزْعِ فَقَالَ إذَا مِتُّ فَاصْنَعُوا بِي كَمَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إخْوَانِكُمْ فَسَوَّيْتُمْ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ ثُمَّ لِيَقُلْ يَا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلَا يُجِيبُ ثُمَّ يَقُولُ يَا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا ثُمَّ يَقُولُ يا فلان ابن فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ أَرْشِدْنَا رَحِمَك اللَّهُ وَلَكِنْ لا تشعرون فَلْيَقُلْ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ انْطَلِقْ بِنَا مَا نَقْعُدُ عِنْدَ مَنْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ نَعْرِفْ أُمَّهُ قَالَ فَيَنْسُبُهُ إلَى أُمِّهِ حَوَّاءَ يَا فُلَانَ ابْنَ حَوَّاءَ ” قُلْتُ فَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَيُسْتَأْنَسُ بِهِ وَقَدْ اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرُهُمْ عَلَى الْمُسَامَحَةِ فِي أَحَادِيثِ الْفَضَائِلِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَقَدْ اُعْتُضِدَ بِشَوَاهِدَ مِنْ الْأَحَادِيثِ كَحَدِيثِ ” وَاسْأَلُوا لَهُ الثبيت ” وَوَصِيَّةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُمَا صَحِيحَانِ سَبَقَ بَيَانُهُمَا قَرِيبًا وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الشَّامِ عَلَى الْعَمَلِ بِهَذَا فِي زَمَنِ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ وَإِلَى الْآنَ وَهَذَا التَّلْقِينُ إنَّمَا ” هُوَ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ الْمَيِّتِ أَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا يُلَقَّنُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.]اهـ
وقال الإمام ابن الملقن في البدر المنير (5/ 332 : 335) : [قَالَ الرَّافِعِيّ: «وَيسْتَحب أَن يلقن الْمَيِّت بعد الدّفن، فَيُقَال: يَا عبد الله، (يَا) ابْن أمة الله، اذكر مَا خرجت عَلَيْهِ من الدُّنْيَا، شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَأَن الْجنَّة حق، وَالنَّار حق، وَأَن الْبَعْث حق، وَأَن السَّاعَة آتِيَة لَا ريب فِيهَا، وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور، وَأَنَّك رضيت بِاللَّه ربًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دينا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قبْلَة، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا» . ورد بِهِ الْخَبَر عَن النَّبِي – صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -.هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «مُعْجَمه الْكَبِير» عَن أبي عقيل أنس بن [سلم] ، ثَنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْعَلَاء الْحِمصِي، نَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، نَا عبد الله بن مُحَمَّد الْقرشِي، عَن يَحْيَى بن أبي كثير، عَن سعيد بن عبد الله (الأودي) قَالَ: «شهِدت أَبَا أُمَامَة وَهُوَ فِي النزع، فَقَالَ: إِذا أَنا مت فَاصْنَعُوا بِي كَمَا أمرنَا رَسُول الله – صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم – أَن نصْنَع بموتانا؛ أمرنَا رَسُول الله – صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم – فَقَالَ: إِذا مَاتَ أحد من إخْوَانكُمْ فسويتم التُّرَاب عَلَى قَبره فَليقمْ أحدكُم عَلَى رَأس قَبره، ثمَّ ليقل: يَا فلَان بن (فلَان) ، (فَإِنَّهُ يسمعهُ وَلَا يُجيب) ، ثمَّ يَقُول: يَا فلَان بن فُلَانَة، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدا، (ثمَّ يَقُول: يَا فلَان بن فُلَانَة) ؛ (فَإِنَّهُ يَقُول) : أرشدنا يَرْحَمك الله. وَلَكِن لَا تشعرون، فَلْيقل: اذكر مَا خرجت عَلَيْهِ من الدُّنْيَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، وَأَنَّك رضيت بِاللَّه ربًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دينا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا. فَإِن مُنْكرا ونكيرًا يَأْخُذ كل وَاحِد مِنْهُمَا بيد صَاحبه وَيَقُول: انْطلق بِنَا، مَا (يقعدنا) عِنْد من قد لقن حجَّته. فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، فَإِن لم يعرف أمه؟ قَالَ: ينْسب إِلَى أمه حَوَّاء؛ يَا فلَان بن حَوَّاء» . إِسْنَاده لَا أعلم بِهِ بَأْسا، وَذكره الْحَافِظ أَبُو مَنْصُور فِي «جَامع الدُّعَاء الصَّحِيح» ، وَزَاد بعد قَوْله: «قد لقن حجَّته» : «وَيكون الله (حجَّته) دونهمَا» . قَالَ: وَقد أرخص الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل فِي تلقين الْمَيِّت، وَأَعْجَبهُ ذَلِك، وَقَالَ: (أهل) الشَّام يَفْعَلُونَهُ. قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَهُوَ من العزمات والتذكير بِاللَّه، و (السماح) بذلك مأثور عَن السّلف، وَقَالَ الْحَافِظ زَكى الدَّين فِي الْجُزْء الَّذِي خرجه فِي التَّلْقِين بعد أَن سَاقه: وَفِيه بعد الشَّهَادَتَيْنِ «وَأَن السَّاعَة آتِيَة لَا ريب فِيهَا، وَأَن الله (يبْعَث) من فِي الْقُبُور» . قَالَ أَبُو نعيم الْحداد: هَذَا حَدِيث غَرِيب من حَدِيث حَمَّاد بن زيد، مَا كتبته إِلَّا من حَدِيث سعيد (الْأَزْدِيّ) ، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: سعيد (الْأَزْدِيّ) عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رَوَى عَنهُ … سَمِعت أبي يَقُول ذَلِك. قَالَ الْمُنْذِرِيّ: هَكَذَا قَالَ: (الْأَزْدِيّ) وَوَقع فِي روايتنا «الأودي» ، وَهُوَ مَعْنَى الْمَجْهُول، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي «الْمُغنِي فِي الضُّعَفَاء» : سعيد (الْأَزْدِيّ) لم أر لَهُ ذكر فِي الضُّعَفَاء وَلَا غَيرهم. قلت: لَكِن حَدِيثه هَذَا لَهُ شَوَاهِد يعتضد بهَا.]اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 310 ، 311] : [قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَقَّنَ الْمَيِّتُ بَعْدَ الدَّفْنِ فَيُقَالُ يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فيها وأن الله يبعث مَنْ فِي الْقُبُورِ وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ “إذَا أَنَا مِتُّ فَاصْنَعُوا بِي كَمَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَصْنَعَ بِمَوْتَانَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ “إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إخْوَانِكُمْ فَسَوَّيْتُمْ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ ثُمَّ لْيَقُلْ يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلَا يُجِيبُ ثُمَّ يَقُولُ يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا ثُمَّ يَقُولُ يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ أَرْشِدْنَا يَرْحَمْكَ اللَّهُ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ فَلْيَقُلْ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ انْطَلِقْ بِنَا مَا يُقْعِدُنَا عِنْدَ مَنْ لُقِّنَ حُجَّتُهُ” قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ،فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أُمَّهُ قَالَ يَنْسُبُهُ إلَى أُمِّهِ حَوَّاءَ يَا فُلَانُ بْنُ حَوَّاءَ”وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ وَقَدْ قَوَّاهُ الضِّيَاءُ فِي أَحْكَامِهِ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي الشَّافِي وَالرَّاوِي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ سَعِيدٌ الْأَزْدِيُّ بَيَّضَ لَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَلَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ مِنْهَا مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ وَضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا إذَا سُوِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْرُهُ وَانْصَرَفَ النَّاسُ عَنْهُ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُقَالَ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ قَبْرِهِ يَا فُلَانُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قُلْ رَبِّي اللَّهُ وديني الإسلام ونبيي محمد ثم يصرف.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ الْحَارِثِ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ “إذَا دَفَنْتُمُونِي وَرَشَشْتُمْ عَلَى قَبْرِي الْمَاءَ فَقُومُوا عَلَى قَبْرِي وَاسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَادْعُوا لِي” روى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي حَدِيثٍ سبق بَعْضُهُ وَفِيهِ فَلَمَّا سَوَّى اللَّبِنَ عَلَيْهَا قَامَ إلَى جَانِبِ الْقَبْرِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جنبيها وصعد روحها رُوحَهَا وَلَقِّهَا مِنْك رِضْوَانًا وَفِيهِ أَنَّهُ رَفَعَهُ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ فِي حَدِيثٍ عِنْدَ مَوْتِهِ “إذَا دَفَنْتُمُونِي أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٍ وَيُقَسَّمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ رُسُلَ رَبِّي” وَقَدْ تَقَدَّمَ حديث “واسألوا له التثبت فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ” وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْت لِأَحْمَدَ هَذَا الَّذِي يَصْنَعُونَهُ إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ يَقِفُ الرَّجُلُ وَيَقُولُ يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانَةَ قَالَ مَا رَأَيْت أَحَدًا يَفْعَلُهُ إلَّا أَهْلُ الشَّامِ حِين مَاتَ أَبُو الْمُغِيرَةِ يورى فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَم عَنْ أَشْيَاخِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَكَانَ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ يرويه يشير إلَى حَدِيثِ أَبِي أُمَامَة.]اهـ
قال الإمام الخطيب الشربيني في الإقناع حل ألفاظ أبي شجاع (1 / 210) : [وَيسن تلقين الْمَيِّت الْمُكَلف بعد الدّفن لحَدِيث ورد فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَة والْحَدِيث وَإِن كَانَ ضَعِيفا لكنه اعتضد بشواهد من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَلم تزل النَّاس على الْعَمَل بِهِ من الْعَصْر الأول فِي زمن من يقْتَدى بِهِ وَيقْعد الملقن عِنْد رَأس الْقَبْر أما غير الْمُكَلف وَهُوَ الطِّفْل وَنَحْوه مِمَّن لم يتقدمه تَكْلِيف فَلَا يسن تلقينه لِأَنَّهُ لَا يفتن فِي قَبره.]اهـ
وقال أيضاً في مغني المحتاج (2/ 60) : [وَيُسَنُّ تَلْقِينُ الْمَيِّتِ الْمُكَلَّفِ بَعْدَ الدَّفْنِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا. لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، لَكِنَّهُ اعْتَضَدَ بِشَوَاهِدَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَلَمْ تَزَلْ النَّاسُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ مِنْ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ فِي زَمَنِ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] وَأَحْوَجُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إلَى التَّذْكِيرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَيَقْعُدُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ، أَمَّا غَيْرُ الْمُكَلَّفِ وَهُوَ الطِّفْلُ وَنَحْوُهُ مِمَّنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ تَكْلِيفٌ فَلَا يُسَنُّ تَلْقِينُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْتَنُ فِي قَبْرِهِ.]اهـ
- قال الإمام شمس الدين الرملي في نهاية المحتاج (3/41) : [وَيُسْتَحَبُّ تَلْقِينُ الْمَيِّتِ الْمُكَلَّفِ بَعْدَ تَمَامِ دَفْنِهِ لِخَبَرِ «إنَّ الْعَبْدَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، فَإِذَا انْصَرَفُوا أَتَاهُ مَلَكَانِ» الْحَدِيثَ فَتَأْخِيرُ تَلْقِينِهِ لِمَا بَعْدَ إهَالَةِ التُّرَابِ أَقْرَبُ إلَى حَالَةِ سُؤَالِهِ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا: شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا.وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: يَا ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ دُعَاءُ النَّاسِ بِآبَائِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَنْفِيِّ وَوَلَدِ الزِّنَا عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي مَجْمُوعِهِ خَيَّرَ فَقَالَ يَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ، وَيَقِفُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّاهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ مِنْ أَقْرِبَائِهِ وَإِلَّا فَمِنْ غَيْرِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا يُلَقَّنُ طِفْلٌ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَمَجْنُونٌ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ تَكْلِيفٌ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ لِعَدَمِ افْتِتَانِهِمَا، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ كَمَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ.]اهـ
قال الإمام سليمان المعروف بالجمل في فتوحات الوهاب (2/ 204، 205) : [وَيُسْتَحَبُّ تَلْقِينُ الْمَيِّتِ الْمُكَلَّفِ بَعْدَ تَمَامِ دَفْنِهِ لِخَبَرِ «إنَّ الْعَبْدَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ فَإِذَا انْصَرَفُوا أَتَاهُ مَلَكَانِ» الْحَدِيثَ فَتَأْخِيرُ تَلْقِينِهِ لِمَا بَعْدَ إهَالَةِ التُّرَابِ أَقْرَبُ إلَى حَالَةِ سُؤَالِهِ فَيَقُولُ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَبِيًّا وَرَسُولًا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ دُعَاءُ النَّاسِ بِآبَائِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.
وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَنْفِيِّ وَوَلَدِ الزِّنَا عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي مَجْمُوعِهِ خَيَّرَ فَقَالَ يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَمَةِ اللَّهِ وَيَقِفُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّاهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ مِنْ أَقْرِبَائِهِ وَإِلَّا فَمِنْ غَيْرِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يُلَقَّنُ طِفْلٌ، وَلَوْ مُرَاهِقًا وَلَا مَجْنُونٌ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ تَكْلِيفٌ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ لِعَدَمِ افْتِتَانِهِمَا وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ كَمَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ – رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى – وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ – عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – لَا يُسْأَلُونَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ يُسْأَلُ عَنْ النَّبِيِّ فَكَيْفَ يُسْأَلُ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ انْتَهَتْ.
وَقَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ أَيْ فَلَا يُسْأَلُ وَأَفَادَ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الشُّهَدَاءِ يُسْأَلُ.]اهـ
قال الإمام البجيرمي في تحفة الحبيب على شرح الخطيب (2 / 210 :[ وَيُسَنُّ تَلْقِينُ الْمَيِّتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] وَأَحْوَجُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إلَى التَّذَكُّرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهُوَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ الْعَهْدَ الَّذِي خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةٌ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ الْقَبْرَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنَّك رَضِيتَ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَبِيًّا وَرَسُولًا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا وَيُسَنُّ إعَادَةُ التَّلْقِينِ ثَلَاثًا.]اهـ
رابعاً : الحنابلة :
قال علاء الدين المرداوي في الإنصاف (2/ 548 ، 549) : [فَائِدَةٌ: يُسْتَحَبُّ تَلْقِينُ الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اسْتَحَبَّهُ الْأَكْثَرُ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَأَكْثَرُنَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَغَيْرِهِمْ فَيَجْلِسُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَلْقِينُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ مُبَاحٌ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ: الْإِبَاحَةُ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ، وَلَا يُكْرَهُ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَوْ انْصَرَفُوا قَبْلَهُ لَمْ يَعْرِفُوا؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ نَسْمَعْ فِي التَّلْقِينِ شَيْئًا عَنْ أَحْمَدَ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ لِلْأَئِمَّةِ قَوْلًا سِوَى مَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ قَالَ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَهَذَا الَّذِي يَصْنَعُونَ إذَا دَفَنُوا الْمَيِّتَ، يَقِفُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ (يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ إلَى آخِرِهِ) فَقَالَ: مَا رَأَيْت أَحَدًا فَعَلَ هَذَا إلَّا أَهْلَ الشَّامِ، حِين مَاتَ أَبُو الْمُغِيرَةِ، وَقَالَ فِي الْكَافِي: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ تَلْقِينِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ؟ فَقَالَ: مَا رَأَيْت أَحَدًا يَفْعَلُهُ إلَّا أَهْلَ الشَّامِ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ شَاهِينَ، وَأَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي وَغَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِي تَلْقِينِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى نُزُولِ الْمَلَكَيْنِ إلَيْهِ، وَسُؤَالِهِ وَامْتِحَانِهِ.النَّفْيُ: قَوْلُ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَالْإِثْبَاتُ: قَوْلُ أَبِي حَكِيمٍ، وَغَيْرِهِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ، [قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: يُسْأَلُ الْأَطْفَالُ عَنْ الْأَوَّلِ حِينَ الذُّرِّيَّةِ، وَالْكِبَارُ يُسْأَلُونَ عَنْ مُعْتَقَدِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَإِقْرَارِهِمْ الْأَوَّلِ] قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، قَالَ شَيْخُنَا: يُلَقَّنُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُقَدَّمُ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهُوَ أَصَحُّ [فَعَلَى هَذَا: يَكُونُ الْمَذْهَبُ التَّلْقِينُ، وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى عَدَمِهِ، وَالْعَمَلِ عَلَيْهِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَالْحَاوِيَيْنِ.]اهـ
قال محفوظ بن أحمد الكلوذاني في الهداية على مذهب الإمام أحمد (1/ 123) : [ويُسَنُّ تَلْقِيْنُهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ دَفْنِهِ كَمَا رَوَى أبو أُمَامَةَ؛ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم – قَالَ: ((إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَسَوَّيْتُمْ عَلَيْهِ التُّرِابَ فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ ثُمَّ يَقُولُ يَا فُلاَنَ بنَ فُلاَنَةَ فإنهُ يسمع وَلاَ يجيب ثُمَّ ليقل يَا فُلاَن بن فلانة ثانية فيستوي قاعداً ثُمَّ ليقل يَا فُلاَن بن فلانة فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا يَرْحَمُكَ اللهُ، ولَكِنْ لاَ تَسْمَعُوْنَ فَيَقُوْلُ: اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا شَهَادَةُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ وإنَّكَ رَضِيْتَ باللهِ رَبّاً وبِالإسْلاَمِ دِيْناً وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً وبالقُرانِ إِمَاماً، فَإِنَّ مُنْكَراً وَنَكِيْراً يَقُولانِ: مَا يُقْعِدَنا عِنْدَ هَذَا وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُوْلَ اللهِ فإنْ لَمْ يَعْرِف اسْمَ أُمِّهِ قَالَ: فَلْيَنْسِبْهُ إِلَى حَوَّاءَ)).]اهـ
قال موفق الدين المشهور بابن قدامة في المغني (2/ 277 ، 278) :[ فَأَمَّا التَّلْقِينُ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ شَيْئًا، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ لِلْأَئِمَّةِ قَوْلًا، سِوَى مَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَهَذَا الَّذِي يَصْنَعُونَ إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ، يَقِفُ الرَّجُلُ، وَيَقُولُ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ، اُذْكُرْ مَا فَارَقْتَ عَلَيْهِ، شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا فَعَلَ هَذَا إلَّا أَهْلَ الشَّامِ، حِينَ مَاتَ أَبُو الْمُغِيرَةِ جَاءَ إنْسَانٌ، فَقَالَ ذَاكَ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْمُغِيرَةِ يَرْوِي فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَشْيَاخِهِمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ، وَكَانَ ابْنُ عَيَّاشٍ يَرْوِي فِيهِ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ: إنَّمَا لِأُثْبِتَ عَذَابَ الْقَبْرِ.قَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ. وَرَوَيَا فِيهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ، فَسَوَّيْتُمْ عَلَيْهِ التُّرَابَ، فَلْيَقِفْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ، وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ الثَّانِيَةَ، فَيَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَلَكِنْ لَا تَسْمَعُونَ. فَيَقُولُ: اُذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا، شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا. فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَتَأَخَّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَقُولُ: انْطَلِقْ، فَمَا يُقْعِدُنَا عِنْدَ هَذَا وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، وَيَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى حُجَّتَهُ دُونَهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ؟ قَالَ: فَلْيَنْسُبْهُ إلَى حَوَّاءَ» رَوَاهُ ابْنُ شَاهِينَ فِي (كِتَابِ ذِكْرِ الْمَوْتِ) بِإِسْنَادِهِ.]اهـ
وقال أيضاً في الكافي : (1/ 272، 273) : [فصل سئل احمد رضي الله عنه عن تلقين الميت في قبره فقال ما رأيت أحدا يفعله إلا أهل الشام قال وكان أبو المغيرة يروي فيه عن أبي بكر بن أبي مريم عن أشياخهم أنهم كانوا يفعلونه وقال القاضي وأبو الخطاب يستحب ذلك ورويا فيه حديثا عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم عند راس قبره ثم ليقل يا فلان بن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب ثم ليقل يا فلان ابن فلانة الثانية فيستوي قاعدا ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فإنه يقول أرشدنا يرحمك الله ولكن لا تسمعونه فيقول اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ألا لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرآن إماما فإن منكراً ونكيراً يتأخر كل واحد منهما فيقول انطلق فما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته ويكون عند الله حجيجه دونهما فقال رجل يا رسول الله فإن لم يعرف اسم أمه قال فلينسبه إلى حواء رواه الطبراني في معجمه بمعناه.]اهـ
وقال منصور يوسف البهوتي في كشاف القناع (2/ 135 ، 136) : [(وَاسْتَحَبَّ الْأَكْثَرُ تَلْقِينَهُ بَعْدَ دَفْنِهِ، فَيَقُومُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِهِ بَعْدَ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ ابْنَ فُلَانَةَ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ نَسَبَهُ إلَى حَوَّاءَ ثُمَّ يَقُولُ: اُذْكُرْ مَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَسَوَّيْتُمْ عَلَيْهِ التُّرَابَ فَلْيَقُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ ثُمَّ لْيَقُلْ يَا فُلَانُ ابْنَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ وَلَا يُجِيبُ ثُمَّ لْيَقُلْ يَا فُلَانُ ابْنَ فُلَانَةَ ثَانِيَةً فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ لِيَقُلْ يَا فُلَانُ ابْنَ فُلَانَةَ ثَالِثًا فَإِنَّهُ يَقُول: أَرْشِدْنَا يَرْحَمْكَ اللَّهُ وَلَكِنْ لَا تَسْمَعُونَ فَيَقُولُ: اُذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَقُولَانِ: مَا يُقْعِدُنَا عِنْدَهُ وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ؟ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ قَالَ: فَلْيَنْسُبْهُ إلَى حَوَّاءَ» قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي الشَّافِي وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ شَاهِينَ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلِلطَّبَرَانِيِّ أَوْ لِغَيْرِهِ فِيهِ «وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ: وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ» وَفِيهِ «وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا» وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا الَّذِي يَصْنَعُونَ إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ يَقْفُ الرَّجُلُ، وَيَقُولُ يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانَةَ اُذْكُرْ مَا فَارَقْتَ عَلَيْهِ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا نَقَلَ هَذَا إلَّا أَهْلَ الشَّامِ، حِينَ مَاتَ أَبُو الْمُغِيرَةِ جَاءَ إنْسَانٌ فَقَالَ ذَاكَ وَكَانَ أَبُو الْمُغِيرَةِ يَرْوِي فِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ.]اهـ