التداوي والاستشفاء بالريق والتراب والماء (بين المؤمنين)
شرع الله التيمم بالتراب، فقال تعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) [النساء: 43].
وهكذا جاء وصف التراب بأنه طيب
واعتبر التراب طهورا أيضا فقال صلى الله عليه وسلم : (جُعلت لي الأرض مسجدا وطهوراً) [رواه البخاري]
إذا عرفنا هذا فعلينا أن نعلم ما جاء في الصحيح عَنْ أم المؤمنين السيدة عائِشَةَ رضي الله عنهما:
أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ: «بِسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أرْضِنا، بِرِيقَةِ بَعْضِنا، يُشْفى سَقِيمُنا، بِإذْنِ رَبِّنا» صحيح البخاري ٥٧٤٥
وفي رواية الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن ابن أبي عمر عن سفيان زيادة في أوله ولفظه ” كان إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي – صلى الله عليه وسلم – بإصبعه هكذا – ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها – بسم الله ” .
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : معنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء ثم يتمسح به على الموضع الجريح أو العليل ويقول هذا الكلام في حال المسح. وخصه بعضهم بريق النبي ﷺ وتربة المدينة والأصح العموم والشفاء من الله سبحانه يجعله فيما يشاء من الأسباب]
قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى : فيه دلالة على جواز الرقى من كل الآلام ، وأن ذلك كان أمرا فاشيا معلوما بينهم
شرح الإمام النووي رحمه الله تعالى على صحيح الإمام مسلم رحمه الله تعالى )) (14/ 184)، و((فتح الباري)) (10/ 208)
وأخرج أبو داود والنسائي رحمهم الله تعالى ما يفسر به الشخص المرقي ، وذلك في حديث عائشة ” أن النبي – صلى الله عليه وسلم – دخل على ثابت بن قيس بن شماس وهو مريض فقال : اكشف الباس ، رب الناس . ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ، ثم نفث عليه ، ثم صبه عليه ” أي صب التراب عليه وفي رواية ابن حبّان الطبراني أن القدح فيه ماء “ثمَّ أخَذ تُرابًا مِن بُطحانَ فجعَله في قَدَحٍ فيه ماءٌ فصبَّه عليه”
وفي رواية الإمام أبي داود رحمه الله تعالى في السنن ” ثمَّ نَفَث عليه بماءٍ وصَبَّه عليه” ولعل النفث بالماء على التراب أنسب في مراعاة الحال والله أعلم
وهذا التداوي يحتاج إلى يقين وإيمان بالله تعالى الذي يضع سرّ الشفاء فيما يخصّ من الدواء وأيضاً تسليم لحبيب الله صلى الله عليه وسلم فيما أوحى إليه الله من هذه الأدوية التي أخبر بها أصحابه وأمته، والمستفيدون من هذا على مراتب ودرجات حسب أحوالهم وتسليمهم لسيد السادات صلى الله عليه وسلم، ووِفق حكمة الله التي قهرت جميع الخلائق.