وظهرت يوم مولده صلى الله عليه وسلم أمور غريبة عجيبة،
تعظيما لقدومه وإجلالا لجنابه وإكراما له أي إكرام،
منها أن تزينت السماوات وحفظت من القواعد السمعية،
فمن استرق السمع بعد ذلك أتبعه شهاب مبين بالرمي والرجم والإيلام.
ولما ولد عيسى ابن مريم حجبت الشياطين عن ثلاث سماوات تعظيما لجلالته الروحية
وحجبت عن الجميع عند ولادة نبينا على مر الدهور والأعوام،
وتلألأت الكائنات بالأنوار وتدلت الكواكب من الجوانب الأفقية
، وأفل طالع الكفر ولاح فجر الإسلام،
وتزينت الجنان بأجمل زينة وأجمل مزية،
وافتخرت الولدان وتبخترت الحور المقصورات في الخيام،
وانصدع إيوان كسرى وسقطت شرفاته المبنية،
وظهر دين الحق وبطلت عبادة الأصنام،
وخمدت النيرات التي كانت تعبدها الجاهلية وكان لها على الصحيح لم تخدم ألف عام،
وغاضت بحيرة ساوة وقد عرفت بالأماكن الفارسية،
وفاض ماء وادي سماوة وهي مفازة في جبال وآكام،
وكان مولده صلى الله عليه وسلم بمكان يعرف بسوق الليل بالأباطح المكية، بالبلد الحرام المشرف بدعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وعند مسقط رأسه تنفُح إلى الآن رائحة عنبرية.
فيا سعادة من حيَّاهُ بالتقبيل وعظمه بالالتثام،
وألبست الشمس يوم ولادته أنوارا عظيمة ضحُويَّة،
وازداد القمر نورا على نوره وغاب حِنْدِس الظلام،
ووضعت الحوامل ذكورا تعظيما لقدوم ذاته المحمدية،
واخضرت الأرض وأثمرت الأشجار
وجاء الرغد من كل جانب وفاض طوفان الخير وتلاطمت أمواج بحور الإنعام،
وكان صلى الله عليه وسلم وهو في المهد يناغي القمر ويتحرك مهده بتحريك الملائكة الروحانية،
وحديثه مع القمر لأجل تسليته عن البكاء ونزول دموعه السجام،
وأول من أرضعه ثويبة بعد أمه آمنة الوهبية،
وأعتقها سيدها لما بشرتع بولادته فجوزي بتخفيف العذاب عنه كل ليلة اثنين على الدوام.