قيل لرابعة : ما كمال حال العارف ؟
قالت: احتراقُهُ بحبه لربه ، وعلامته أن يكون مستغنياً بالمُعطي عن العطاء ، وبالمكوِّنِ عن الكون ، مستغرقاً في بحار سرور وِجْدانِه ، ساكناً بقلبه معه ، مع ترك كل اختيار لنفسه ، ولا يجزع عند الشدائد والبلوى لرؤيته .
ويعلم أن الله تعالى أقرب إليه من كل شيء ، وأرحم عليه من كل أحد ، وأعزُّ وأكبرُ من كل شيء ، وأن لكل شيء خلفاً ما خلا الله تعالى.
وإنما يُعرف العارف
إذا ميّز الخواطر النفسية من الخواطر الروحية ، والإرادة الدنيوية من الأُخْرَوِيّة ، والهمم العُلْوية من السُّفْلية ، فمن رُزِقَ التوفيق إلى حفظ حدود صدق وفاء العبودية ، والقيام بشروطها ، ووجد السبيلَ إلى طريق حفظ تحقيقها ، ثم قام بذكره ، وذَكَرَ ذِكْرَه ، ثم شكره ، وشَكَرَ شُكْرَهُ ، فيصيرُ مع النفسِ بلا نفس ، ومع الروح بلا روح ، ومع الخَلْقِ بلا خلق.