للعارف أربع أجنحة : الخوف ، والرجاء ، والمحبة ، والشوق
فلا هو بجناح الخوف فيستريح من الهرب
ولا بجناح الرجاء فيستريح من الطلب
ولا بجناح المحبة فيستريح من الطرب
ولا بجناح الشوق فيستريح من الشغب ،
والله تعالى بيَّنَ في كتابه نعْتَهم بقوله : (ترى أعيُنَهم تفيض من الدمعِ مما عرفوا من الحق) وقوله تعالى : (لا تلهيهم تجارة)
وذلك لأن عمل العارف خالصٌ للمولى ،
وقوله مستأنس بالذكرى
ونفسه صابرة في البلوى
وسرّه دائم النجوى
وفكره بالأفق الأعلى
فمرَّةً يتفكر في نعم ربه ،
ومرَّةً يجول حول سرادقات قدسه ، فحينئذٍ يصير حُرّاً عبدا ً، وعبدا حُرّاً ، وغنياً فقيرا ، وفقيراً غنياً ،
هكذا يعدُّ ما أمكنه طَرداً وعكساً من الألفاظ ،
مثل الموجود والمعروف ، والعزيز والمسرور ، والقريب والمحمود ، والناطق والساكت ، والمقبول والخائف ، والشاهد والغائب ، والباكي والضاحك ،
وذلك لأن ضحكه وسروره في حزنه ،
وحزنه في سروره ،
وعِزُّه مختلطٌ بذُلِّه ، وذُلّه مختلطٌ بعِزِّه ،
وخوفه ممزوجٌ برجائه ، ورجاؤه ممزوجٌ بخوفه
لا خوف يذهب برجائه ، ولا رجاء يذهب بخوفه
وهو بنفسه يعيشُ مع الناس
وبقلبه مع الله تعالى
لا تغلب معاملةُ نفسه مع الناس معاملةَ قلبه مع الله تعالى
عزيزٌ ذليل ، فقيرٌ غنيّ