خير الأعمال أدومها
adminaswan
7 نوفمبر، 2024
قصص وعبر
33 زيارة
جمع وترتيب الشيخ أحمد أبو اسلام
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية
روى الإمام مسلم من طريق النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِحَدِيثٍ يَتَسَارُّ إِلَيْهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ حَبِيبَةَ -رضي الله عنها- تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: “مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ” قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ -رضي الله عنها-: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ عَنْبَسَةُ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ: مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَنْبَسَةَ، وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ: مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ.
تحرص أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان -رضي الله عنها- على هذا العمل الصالح الذي تعلمته من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وداوَمت عليه؛ لأنها تريد أن يبنى لها بيت في جنة الخلد.
ولا يَقل عنها أخوها عنبسة بن أبي سفيان -رضي الله عنه-؛ فقد كان من حرصه أن ثبت على هذا العمل الصالح، ودوام عليه لأنه يريد أن يجد لنفسه بيتًا في الجنة.
وما كان عمرو بن أوسٍ عنهما ببعيد، فقد داوم عليها راغبًا أن يبنى له بيت في الجنة، وكذلك النعمان بن سالم حرص أن لا يفوته ذلك الأجر العظيم، والخير الكبير.
وهلَّا كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أسوةً لنا؟ فقد جاء الصحيحين واللفظ لمسلم من حديث ابن عمر -رضي الله عنها- أنَّه رأى رؤيا في منامه قال: “فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ -رضي الله عنها، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ -رضي الله عنها- عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ” قَالَ سَالِمٌ بن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ، بَعْدَ ذَلِكَ، لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا”.
كان رضي الله عنها يسهر ليله في الصلاة، يريد أن يحقق الخيرية تلك وصفه بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيكون نعم الرجل، لذلك كان -رضي الله عنها- يقضي أكثر الليل من الصلاة في الليل ودوام عليه رضي الله عنها.
وهذا علي بن أبي طالب -رضي الله عنها- لا يقل حرصًا على الأجر والفضل ممن سبق ذكرهم، ففي صحيح البخاري عَنِ عَلِيٍّ بن أبي طالب -رضي الله عنها-: أَنَّ فَاطِمَةَ -رضي الله عنها- أَتَتِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ -رضي الله عنها- قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ، فَقَالَ: “عَلَى مَكَانِكُمَا” فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَالَ: “أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ”، وفي رواية قال علي -رضي الله عنها-: “فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ، قِيلَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ”.
كان سلف الأمة يداومون على الأعمال الصالحة، ويثبتون على الخيرات، ويحرصون على الأجور، ويسابقون إلى المنازل العالية عند ربِّ السموات والأرض.
فقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِبلالٍ عندَ صلاةِ الفجرِ : ( يا بلالُ حدِّثْني بأرجى عمَلٍ عمِلْتَه عندَكَ في الإسلامِ فإنِّي سمِعْتُ اللَّيلةَ خَشْفةَ نَعليكَ بَيْنَ يدَيَّ في الجنَّةِ ) فقال : ما عمَلٌ عمِلْتُه أرجى عندي أنِّي لَمْ أتطهَّرْ طُهورًا تامًّا في ساعةٍ مِن ليلٍ أو نهارٍ إلَّا صلَّيْتُ لربِّي ما قُدِّر لي أنْ أُصلِّيَ فأقَرَّ به أبو أسامةَ وقال : نَعم
الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 7085 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
وكان الحبيب -صلى الله عليه وسلم- يحثنا على الثبات والمداومة على الأعمال الصالحة؛ فجاء في صحيح مسلم عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: “أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: “أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ”.
أورد البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: “سَأَلْتُ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قُلْتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ؟ قَالَتْ: “لاَ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَطِيعُ”.
أَلا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلى رَسُولِ الهُدى؛ كَمَا أَمَرَكُمْ جَلَّ وَعلا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].