( لا تَلْعَنُوه، فوالله ما عَلِمْتُ إلَّا أنه يُحِبُّ اللهَ ورسولَه)..
من صاحب هذا الوسام؟..
من صاحب هذه الشهادة؟..
هل هو شهيد؟..
هل هو قائد من عمالقة الإسلام؟..
هل هو أحد العشرة المبشرين بالجنة؟..
هل هو………………..؟..
من صاحب هذه الشهادة بختم النبوة؟..
إذا كان الناس ـ عامة ـ بحاجة إلى الرحمة والرعاية..
فإن الذي زلَّ ووقع في المعصية بحاجة خاصة أن نأخذ بيده لا أن نتركه يقع على الأرض..
أو نهيل عليه التراب..
أو ندعو عليه باللعنة..
فنكون عوناً للشيطان عليه..
قف وتأدب وتعلم
هيا بنا لنتعلم من موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع النعيمان..
لقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن لعْنِه رغم شربه للخمر وإقامة الحدِّ عليه..
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(أن رجلاً على عهْدِ النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يُلَقَّبُ حِمَاراً، وكان يُضحِكُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم قدْ جلدَه في الشَّراب (الخمر)، فأُتيَ به يوماً فأمَرَ بِهِ فجُلِدَ، فقال رجلٌ مِن القوم: اللَّهُمَّ العَنْه، ما أكثر ما يُؤتَى به؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تَلْعَنُوه، فوالله ما عَلِمْتُ إلَّا أنه يُحِبُّ اللهَ ورسولَه) أخرجه البخاري.
وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم لمن لعَنَه: (لا تلعنْه فإنه يحبُّ اللهَ ورسولَه).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أُتيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بسَكران، فأمر بضَربه، فمِنَّا مَن يضربه بيده، ومنَّا مَن يضربه بنعله، ومنَّا مَن يضربه بثوبه، فلمَّا انصرف، قال رجلٌ: ما له؟! أخزاه الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكونوا عونَ الشَّيطان على أخيكم) أخرجه البخاري.
وفي رواية لأبي داود قال صلى الله عليه وسلم: (ولكن قولوا: اللهم اغفر له اللهم ارحمه).
قولوا: اللهم اغفر له اللهم ارحمه..
رددها مع تصور المشهد..
شارب الخمر..
إقامة الحد..
إصرار على الذنب..
ومع هذا…..
قولوا: اللهم اغفر له اللهم ارحمه..
في هذه القصة يظهر لنا جليا المنهج النبوي في التعامل مع المذنبين والمقصرين..
وحرصه صلى الله عليه وسلم على غرس الإيمان في قلوبهم.
ومما لا شك فيه أن هذا الصحابي رضي الله عنه قد فاق في أعماله القلبية الكثير من أعماله الظاهرة مما جعله يستحق هذه الشهادة النبوية.
لنعلم أنه مهما أوغلت النفوس في الذنوب والمعاصي ظاهرياً فستظل بارقة الإخلاص والخير والأمل تلوح في الأفق وتقود صاحبها إلى أعمال البر والخير.
وعليه فلا ينبغي أن نواجه أصحاب المعاصي بالاستحقار والكراهية والدعاء عليهم والشماتة بهم..
وقد جاء في الأثر:
” لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك “..
إذا ما الدهر جر على أناس
بكلكله أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا
سيلقى الشامتون كما لقينا
فما أجمل من أن ينشغل المسلم بإصلاح نفسه وتزكيتها وتقويمها..
قال الله تعالى:
{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا}..
وأن يجتنب الحديث عن الناس وأذيتهم وازدراء العاصين منهم بتقنيطهم من رحمة الله تعالى..
فبذلك يكمل خلقه ويصلح عمله وترتاح نفسه وتحسن سيرته وسريرته..
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه
فقوم النفس بالأخلاق تستقم
قولوا: اللهم اغفر له اللهم ارحمه..