أي إبراهيم: لا تعمل بالهوى، وعليك بمتابعة سيدنا النبي ﷺ في الأقوال والأفعال، فان كل طريقة خالفت الشريعة زندقة .
أي إبراهيم: إلفت وجهة قلبك عن غير ربك فإن الأغيار لا يضرون ولا ينفعون وقل: {إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}
وحسبُك من النعم الإيمان، ومن العطايا العافية، ومن التُّحف العقل، ومن الإلهام التقوى، وفي الكُلِّ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ،إن ربي على ما يشاء قدير.
لا تُسْقِط بالتَّسْلِيم حَمْلَةَ التكليف، ولا تنزع بالتكليف ثوب التَّسيلم، ولا تَركن إلى الذين ظلموا، قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}،.
ولا تَهرَعُ في مُهِمَّات أمورك إلا إلى الله تعالى، وأبتغِ الوسيلة إليه بعد التقوى أشرف الوسائل حبيبه عليه أفضل الصلاة والسلام، وخذ الدعاء درعاً والاعتماد على الله حصناً، وأتبع ولا تبتدع.
وروّح قلبك بالحَسَنِ من المباحات القولية والفعلية، والزم الأدب مع الله، وخالق الناس بخلق حسن، ولا تقطع حبلك برؤية نفسك فان من رأى نفسه شيئا ليس على شيء.
ولا تنحرف عن مقام العُبُودِيَّة أجَلِّ المقامات، قال قوم بعُلُوِّ مقام المحبُوبية عليه، وما عَرَفُوهُ أنَّه هو لا غيره، وظنوا أن مقام المحبوبية مقام أهل التذَلُّل والقولِ والدعوى العريضة والتَّرفُّع والتَّعزُّز، واستدلوا بهذه الأوصاف.
كلا.. لو كان ذلك لأتصف بمثل تلك الأوصاف عبد الله رسولنا سيدنا محمد سيد المحبوبين عليه الصلاة والسلام، بلى إن مقام المحبوبية مقام أهل التدلل الذين تحققوا بسر قوله عليه الصلاة والسلام: «أفَلَا أكونُ عبداً شكوراً»، فعرفوا عظمة السيد القادر العظيم الذي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ * وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، ووقفوا على طريق الأدب، إن أحسن إليهم شكروه بإحسان العبودية، وإن أمتحنهم صبروا وانقطعوا عن الأغيار إليه بخالص العبدية {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}.