س: جرت العادة عندنا في المساجد ، في هذه الأيام المباركة، على التكبير جماعة دبر الصلوات، فهل لهذا العمل أصل أم أنه بدعة ضلالة كما يروج بعض أدعياء السلفية؟.
ج: قال إمامنا مالك بن أنس: ((الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ، وَأَوَّلُ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ وَالنَّاسُ مَعَهُ دُبُرَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَآخِرُ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ وَالنَّاسُ مَعَهُ دُبُرَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ)) هكذا ذكره بنصه الحافظ ابن عبد البر في “الاستذكار”.
ثم ذكر الحافظ أبو عمر بعض الآثار الواردة عن السلف في هذا الأمر، فقال: ((وَالْمَأْثُورُ فِيهِ عَنْ عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ:
- قَالَ أَخْبَرَنَا بن التَّيْمِيِّ وَهُشَيْمٌ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
- قَالَ: وأخبرنا بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَكَبَّرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، ويُكَبِّرُ أهل الأسواق فيملأون مِنًى تكبيرا.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا عِنْدَهُمْ مِنْ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الْبَقَرَةِ:185].
- عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أخبرنا بن أبي رواد عن نافع عن ابن عُمَرَ أَنَّهُ: كَانَ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَرَاءَ الصَّلَوَاتِ بِمِنًى، وَيَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
- قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ وعن أبي إسحاق عن الأسود عن ابن مسعود أنهما كانا يُكَبِّرَانِ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
- وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَا: التَّكْبِيرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صلاة العصر آخر أيام التشريق. وعن ابن عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلَهُ.
- قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَمَّنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ التَّكْبِيرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ.
وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ التَّكْبِيرِ، فَالَّذِي صَحَّ عَنْ عُمَرَ وابن عُمَرَ وعَلِي وابن مَسْعُودٍ أَنَّهُ: ثَلَاثٌ ثَلَاثٌ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ)) [الاستذكار (4 /337-338)].