ذات يوم ألح ذلك التلميذ على سيدي عبد القادر الجيلاني بأن يُعطيه الإذن في النصح والإرشاد، فقال له الشيخ : ليس بعد ( أي لم يكتمل لك الأمر)، زاد إلحاح التلميذ على الشيخ وقال :لكني استطيع نصح الناس سيدي، فقال له الشيخ : غدًا ألقِ الدَّرسَ. فاجتمع الناس في المسجد واعتلى التلميذ المنبر فتكلم في علوم العارفين مجلسه بكل بلاغه وفصاحه لم ينتبه لكلامه أحد، فأشار إليه الشيخ بالنزول، فنزل وصعد الشيخ وقال كلمة موجزة : “كنت اليوم صائمًا وأعدت لي زوجي طعامًا فتركت باب الخلوة مفتوحًا فدخلت الهرة على الطعام فأكلته ..”
فكل الحاضرين أجهشوا بالبكاء ..
فتعجب التلميذ مما رآه من حال الناس بعد هذا القول، الذي ظن أنه كلام لا يرقى إلى ما قاله وخاطب به الناس، فسأل أحدهم : ما الذي يبكيك ..؟!
فقال له : ألم تعي ما قاله الشيخ ؟!!
لقد شبه الشيخ أعمالنا بالطعام والرِّياء بالهرة فيدخل الرياء على ما قدمنا فيحبط العمل..
وكل واحد فسر له كلام الشيخ حسب ما وقع في قلبه ….
فقال الشيخ : يا بني عندما يفتح الله لك أقفال القلوب جاز لك أن تتحدث.