أصاب بني إسرائيل قحط على عهد النبي موسى عليه السلام
فاجتمع الناس إليه قالوا: يا كليم الله ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث، فخرج بهم إلى الصحراء وهم سبعون ألفا، ودعا ربه:
”إلهي اسقنا غيثك وانشر علينا رحمتك وارحمنا بالأطفال الرضع والبهائم الرتع والمشايخ الركع” فلم يُستَجب لهم!
فقال عليه السلام: “إلهي إن كان قد خَلُق جاهي عندك، فبجاه النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم الذي تبعثه في آخر الزمان” فأوحى الله إليه: “ما خلق جاهك، وإنك عندي وَجِيه، لكن فيكم عبد يبارزني منذ أربعين سنة بالمعاصي، فناد في الناس ليخرج من بينكم فبه منعتكم” فقال موسى عليه السلام: إلهي، أنا عبد ضعيف وصوتي ضعيف، فأين يبلغ وهم سبعون ألفا أو يزيدون؟
فأوحى الله إليه: ( مِنك النداء ومني البلاغ )، فقام عليه السلام مناديا وقال: “يا أيها العَبد العاصي الذي يُبارِز الله منذ أربعين سنة، اخرج من بين أظهرنا؛ فبك منعنا المطر” فنظر العاصي يمينا وشمالا فلم يَر أحدا خرج، فعلم أنه المطلوب!
فقال في نفسه: إن أنا خرجت افتضحت بين بني إسرائيل، وإن قعدت منعوا لأجلي، فأدخل رأسه في ثيابه نادما على أفعاله، وقال: “إلهي وسيدي، عصيتك أربعين سنة وأمهلتني، وقد أتيتك طائعا فاقبلني” فلم يستتم الكلام حتى ارتفعت سحابة بيضاء فأمطرت كأفواه القرب!
فقال موسى عليه السلام: “إلهي، بماذا سقيتنا وما خرج من بين أظهرنا أحد”؟
فقال الله عز وجل: ( يا موسى، سقيتكم بالذي به مَنعتكم ).
فقال موسى عليه السلام: “إلهي أرني هذا العبد الطائع” فقال الله عز وجل: ( يا موسى، إني لم أفضحه وهو يعصيني، أأفضحه وهو يطيعني؟
يا موسى إني أبغض النمامين، أفأكون نماما؟ ).
(كتاب التوابين)