التصوف رياضة النفس ومجاهدة الطبع

والتصوف : رياضة النفس ومجاهدة الطبع ، برده عن الأخلاق الرذيلة وحمله على الأخلاق الجميلة ابتغاء السعادة . وهذه الرياضة والمجاهدة تكون بالعكوف على العبادة والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها ، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة مال أو جاه . ( ١) انتهى .

فهذا الاسم لم يكن شائعا في زمن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، فقد كان القوم عبادا زهادا ، لم يختص فريق منهم بشعار ولا نحلة ، يمتازون بها عن البقية ، بل كان الجميع على محجة الهدى الواضحة ، يحيون ما أحياه القرآن والسنة ، تقيدوا بنصوصهما وأوامرهما فاتبعوهما ، وحملوا أنفسهم على لزوم الاتباع ، والميل عن الابتداع ، فكان عصرهم أرقى العصور وأزهاها ، بيد أنه لما تطاول الزمن بعد عصر الصحابة ، وفتحت الدنيا على الناس ، فمالت بهم ، ومالوا بها ، وظهرت بوادر الفساد ، بقي فريق من الناس متبعين خطة السلف ، ناهجين نهجهم ، عاملين على إحياء السنن وإماتة البدع ، صرفوا قلوبهم عن الدنيا وزخرفها ، وزهدوا فيها زهدا حقيقيا ، فإن حازوا على شيء منها ، فهو بأيديهم لا بقلوبهم .

عرفت هذه الفئة من الناس بالصوفية ، وهو اسم محدث كما علمت ، والأقرب إنما سموا به ، لأن شعارهم كان لبس الصوف .

فالتصوف هو تنقية الظاهر والباطن من المخالفات الشرعية ، وتعمير القلب بذكر الله تعالى ، ومراقبته وخشيته ورجائه ، والسير في العبادات والأعمال على النهج الشرعي طبق السنة الشريفة ، وخلافا للبدعة السيئة التي يحظر الإسلام التلبس بها.
__________________
(1) رسائل الإصلاح ص ١٩٠ – ١٩١

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.