فهنيئاً لمن زار هؤلاء السادة الأخيار

قال سيدنا ذو النون المصري الصوفي العظيم وأحد كبار تلامذة الإمام مالك رضي الله عنه: كنت في كل سنة آتي إلى البهنسا وأزور الجبانة لما رأيت في ذلك من الأجر والثواب فحصل لي سنة من السنين عارض أشغلني عن زيارتها فبينما أنا ذات ليلة من الليالي إذ رأيت رجالاً لم أر أحسن منهم وجوهاً ولا أنقى ثياباً وهم على خيول شهب وبأيديهم رايات خضر ووجوههم تتلألأ بالأنوار فسلموا علي وقالوا قد أوحشتنا يا ذا النون في هذه السنة فإن لم تزرنا زرناك كلنا، فقلت: من أنتم يرحمكم الله؟

فقالوا: نحن الشهداء الأخيار أصحاب محمد المختار صلى الله عليه وسلم كنا بأرض الروم لنصرة المسلمين على أعداء الدين مررنا نسلم عليك وننظر ما سبب انقطاعك عنا، فقلت: في أي أرض أنتم؟

قالوا: نحن سكان جبانة البهنسا ولك علينا حق الزيارة، فقلت لهم: يا سادتي ما عدت أقطع حبل المودة بيني وبينكم وما كنت أظن في نفسي أني صاحب هذا المقدار وما كنت أعلم أنكم تعلمون من يزوركم .

فقالوا: يا ذا النون ألم تعلم أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون وبهذا نطق الكتاب المكنون، ثم تركوني ومضوا فاستيقظت من النوم وفي قلبي لهيب النار فهنيئاً لمن زار هؤلاء السادة الأخيار. ([1])

([1]) فتوح الشام , لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي دار الكتب والعلمية – بيروت , ص 291 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.