خطبة بعنوان “المخدرات ضياع للإنسان” للدكتور أحمد سليمان أبو شعيشع
adminaswan
21 ديسمبر، 2024
خطب منبرية, د/ احمد سليمان ابو شعيشع
170 زيارة
الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله على كل حال، الحمد لله حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله، الرَّافع رافع السماء بلا عمد، الباسط باسط الأرض على ما إن جمد، الرزاق مقسم الأرزاق على العباد فأحصاهما عددًا. وأشهد أن سيدنا وحبيبنا ومصطفانا سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد الحركات والسكون، وعدد ما كان وما هو كائن وما سيكون، وعدد تسبيح من سبَّحك ويسبحك وسيسبحك في ملكك وملكوتك يا رب العالمين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا مباركًا إلى يوم الدين.
ثم أما بعد:
عباد الله، أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله عز وجل، فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131].
حديثنا اليوم عن موضوع خطير يمس كل فردٍ في المجتمع، كبيرًا كان أو صغيرًا، ألا وهو المخدرات: طريق الضياع والهلاك. إنها آفة العصر التي تفتك بالأرواح، وتدمر العقول، وتهدم البيوت.
عباد الله، إن الله تعالى خلقنا في أحسن تقويم، وأمرنا أن نحافظ على نعمة العقل والجسد، فجعل العقل أمانة، وميَّزنا به عن سائر المخلوقات. لكن بعض الناس -هدانا الله وإياهم- يسعون بأيديهم إلى تدمير هذه النعمة العظيمة بتعاطي المخدرات التي تغيّب العقل، وتفسد الفطرة السوية.
أيها المسلمون، إن المخدرات والخمور سواء بسواء في إفسادها للعقل والجسد. وقد حرم الله الخمر في القرآن الكريم على مراحل، حيث قال في البداية: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219]. ثم جاء النهي عن الاقتراب من الصلاة حال السكر، فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]. وأخيرًا، جاء التحريم القاطع في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90].
عباد الله، المخدرات أكثر خطرًا من الخمر، فهي ليست مسكرة فقط، بل مهلكة، تدمر الجسد والعقل، وتجعل الإنسان عبئًا على نفسه وأهله ومجتمعه. وكل ذلك مما ينافي مقاصد الشريعة التي جاءت لحفظ النفس والعقل.
أيها الأحبة، إن من يتعاطى المخدرات آثم شرعًا، لأنه يعتدي على نفسه التي أوجب الله عليه حفظها، ومن يتاجر فيها أعظم إثمًا، لأنه شريك في نشر الفساد.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
عباد الله، إن المخدرات من كبائر الذنوب، وقد أجمع العلماء على تحريمها، لأنها تغيّب العقل وتفسده، وتؤدي إلى الجرائم والمآسي. وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من كل مسكر ومفتر، فقال: “كل مسكر خمر، وكل خمر حرام” [رواه مسلم].
من الناحية الطبية، أثبت الأطباء أن المخدرات تسبب تدمير الجهاز العصبي، وتؤدي إلى أمراض خطيرة مثل التليف الكبدي، والفشل الكلوي، وأمراض القلب. كما أن الإدمان يجعل الإنسان عبدًا لهذه المادة السامة، فيفقد السيطرة على نفسه وحياته.
ومن الناحية القانونية، فإن قوانين الدول تجرّم تعاطي المخدرات والاتجار بها، وتعاقب عليها بشدة، لأنها تهدد الأمن العام، وتؤدي إلى تفكك المجتمعات.
أيها المسلمون، المخدرات ليست نوعًا واحدًا، بل منها الحشيش، والكوكايين، والهيروين، والأمفيتامينات، وغيرها الكثير. وكلها تؤدي إلى تدمير الجسد والعقل، وتدفع إلى ارتكاب الجرائم والفواحش.
عباد الله، واجبنا جميعًا أن نحارب هذه الآفة، وأن ننصح أبناءنا وإخواننا بالابتعاد عنها. وأن نُبلغ الجهات المختصة عن مروجيها، لأنهم أعداء للمجتمع والإنسانية.
نسأل الله أن يحفظنا ويحفظ أبناءنا من هذه الشرور، وأن يرد كيد كل مفسد إلى نحره، إنه سميع قريب.
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد أمرنا الله بذلك في محكم التنزيل، فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم احفظنا واحفظ أبناءنا وبناتنا، واهدنا واهدهم إلى صراطك المستقيم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.