خطبة بعنوان ( الطفولة بناء وأمل ) للشيخ صلاح عبدالخالق

إعداد الشيخ / صلاح عبدالخالق

(خطبة الجمعة القادمة : 18جمادى الأحر 1446هـ ،20من ديسمبر 2024م إن شاء الله )

العناصر:

أولاً :ما الفرق بين الطفل والغلام والصبي ؟

ثانياً : حال الرسول ﷺ مع الأطفال

الخطبة الأولى :

الحمد لله على نعمة الإسلام ونشهد أن لاإله إلا الله الملك العلام ونشهد أن محمد ﷺ سيد الأنام وبعد فحديثى معكم بحول الله الواحد الديان تحت عنوان: الطفولة بناء وأمل

أولاً :ما الفرق بين الطفل والغلام والصبي ؟

-«طِفْل[مفرد]:ج أطفال: ولد صغير يتراوح عمره بين الولادة والبلوغ “{وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا}«معجم اللغة العربية المعاصرة» (٢/ 1405)

-«غُلام [مفرد]: ج أغْلِمَة وغِلمان وغِلْمة:صبيُّ حين يولد إلى أن يَشبّ أو حين يقارب سنَّ البلوغ، ” {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} – {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ} »«معجم اللغة العربية المعاصرة» (٢/ 1638)

-(صَبَى)الصَّادُ وَالْبَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ ثَلَاثَةُ أُصُولٍ صَحِيحَةٍ:يَدُلُّ عَلَى صِغَرِ السِّنِّ»«مقاييس اللغة»(٣/ 331).

ثانياً : حال الرسول ﷺ مع الأطفال:

اهتم النبى ﷺ بالأطفال اهتماماً كبيراً بالتربية الصحيحة لأنهم رجال المستقبل فمن ذلك مثلاً:

(1)السلام على الأطفال :

-عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ» وَقَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَفْعَلُهُ»صحيح البخارى (٦٢٤٧)«عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: ” أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى غِلْمَانٍ يَلْعَبُونَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ “«سنن أبي داود (٥٢٠٢)صححه الألبانى وشعيب الأرنؤوط»

– فِي السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ تَدْرِيبُهُمْ عَلَى آدَابِ الشَّرِيعَةِ وَفِيهِ طَرْحُ الْأَكَابِرِ رِدَاءَ الْكِبْرِ وَسُلُوكُ التَّوَاضُعِ وَلِينُ الْجَانِبِ.وَيَنْبَغِي لِوَلِيِّهِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالرَّدِّ لِيَتَمَرَّنَ عَلَى ذَلِكَ (فتح البارى (11/33).

-وقد جرت عادة الكثير من الناس ألا يسلم على الصبيان استخفافا بهم ولكن هذا خلاف هدي النبي ﷺ حيث كان يسلم على الصغير والكبير فهذا أنس بن مالك رضي الله عنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال إن النبي ﷺ كان يفعله أي كان يسلم على الصبيان وللسلام على الصبيان أكثر من فائدة :

(1) اتباع السنة: سنة النبي ﷺ وقد قال الله تعالى :لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)الأحزاب.

(2) التواضع: حتى لا يذم الإنسان بنفسه ويشمخ بأنفه ويعلو برأسه يتواضع ويسلم على الصبيان وقد قال النبي ﷺ ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه

(3) تعويد الصبيان لمحاسن الأخلاق لأن الصبيان إذا رأوا الرجل يمر بهم ويسلم عليهم تعودوا ذلك واعتادوا هذه السنة المباركة الطيبة. (4) أن هذا يجلب المودة للصبي يعني أن الصبي يحب لذي يسلم عليه ويفرح لذلك وربما لا ينساها أبدا لأن الصبي لا ينسى ما مر به فهذه من فوائد السلام على الصبيان فينبغي لنا إذا مررنا على صبيان يلعبون في السوق أو جالسين يبيعون شيئا أوما أشبه ذلك أن نسلم عليهم.(شرح رياض الصالحين لابن عثيمين(4/417)

-وهذا يدل على التسليم على الصبيان؛ وفيه تواضع الكبير في السلام على الصبيان، وفيه أيضاً تعويد الصبيان وتأنيسهم وتفريحهم بإلقاء السلام عليهم، وفي ذلك فائدة للجهتين: فالكبير يحصل منه التواضع، وتعليم الصغار، وتعويدهم السلام، والصغار يحصل لهم الاستئناس والفرح والابتهاج بحصول ذلك من الكبار لهم.وفي ذلك أيضاً تعويد لهم على الحرص على السلام وإلقائه، وعدم التهاون فيه، وأيضاً كونهم يلعبون لا يمنع في السلام عليهم؛ لأن الصبيان شأنهم اللعب، فحصول السلام عليهم سواء كانوا يلعبون أو لا يلعبون أمر مطلوب.

(شرح سنن أبي داود للعباد (591/12)

(2)ترسيخ العقيدة الصحيحة عند الأطفال :

تربيت الأطفال ، وتنشئتهم على معرفة أمور دينهم، عقيدة وشريعة، وسلوكًا وأخلاقًا، وهكذا ينبغي على كل ولي أمر، فكما يهتم بتربية أجساد أبنائه؛ عليه أن يهتم بتربية أرواحهم،عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ،احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» سنن الترمذي(2516)،صحيح الجامع(7957) فهذا درسٌ في تعليم العقيدة

(3)التدريب على الصلاة :

-قال الله تعالى «وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها» , وقال تعالى «يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً»-«عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ»«سنن أبي داود(495)سنن الترمذى (407) صحيح الجامع(5868)

-(وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ) : لِيَعْتَادُوا وَيَسْتَأْنِسُوا بِهَا (فِي الْمَضَاجِعِ) : أَيِ: الْمَرَاقِدِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: لِأَنَّ بُلُوغَ الْعَشْرِ مَظَنَّةُ الشَّهْوَةِ، وَإِنْ كُنَّ أَخَوَاتٍ، وَإِنَّمَا جَمَعَ الْأَمْرَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالْفَرْقِ بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ فِي الطُّفُولِيَّةِ تَأْدِيبًا وَمُحَافَظَةً لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَصْلُ الْعِبَادَاتِ، وَتَعْلِيمًا لَهُمُ الْمُعَاشَرَةَ بَيْنَ الْخَلْقِ، وَأَنْ لَا يَقِفُوا مَوَاقِفَ التُّهَمِ فَيَجْتَنِبُوا مَحَارِمَ اللَّهِ تَعَالَى كُلَّهَا.(مرقاة المفاتيح (2/512). وإذا دخل الأب البيت يسأل يقول: «أصلي الغلام» -عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَمَا أَمْسَى، فَقَالَ: «أَصَلَّى الْغُلَامُ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فَاضْطَجَعَ حَتَّى إِذَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، «قَامَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى سَبْعًا – أَوْ خَمْسًا – أَوْتَرَ بِهِنَّ، لَمْ يُسَلِّمْ إِلَّا فِي آخِرِهِنّ»سنن أبى داود (1356) صححه الأرنؤوط.

(4)تربيتهم على آداب الطعام –

-عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ .صحيح البخارى (5376 ) ،صحيح مسلم (2022)-معنى الحديث:يقول عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما” كنت غلاماً “أي كنت ولداً صغيراً دون البلوغ ” في حجر رسول الله ﷺ ” أي أعيش في بيته تحت كفالته ورعايته ” وكانت يدي تطيش في الصحفة ” أي تتحرك في آنية الطعام كلها، وتجول في جميع نواحيها ” فقال لي رسول الله ﷺ” معلماً وموجهاً: ” يا غلام سمّ الله ” أي قل بسم الله في بداية الطعام تبركاً بهذا الاسم المبارك ” وكل بيمينك ” أي وكل بيدك اليمنى ” وكل مما يليك ” أي من الجهة المقابلة لك من الإناء دون الأطراف الأخرى قال:”فما زالت تلك طعمتي بعد “أَي فما زالت تلك الطريقة المهذبة هي طريقتي في الأكل بعد ذلك طيلة حياتي.أن من آداب الأكل ومستحباته التسمية في بداية الطعام طرداً للشيطان.(منار القارى (5/142).-

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ ثَلَاثِ سُنَنٍ مِنْ سُنَنٍ الْأَكْلِ وَهِيَ التَّسْمِيَةُ وَالْأَكْلُ بِالْيَمِينِ وَقَدْ سبق بيانهما والثالثة الأكل ممايليه لِأَنَّ أَكْلَهُ مِنْ مَوْضِعِ يَدِ صَاحِبِهِ سُوءُ عشرة وترك مروءة فقد يتقذره صاحبه لاسيما فِي الْأَمْرَاقِ وَشِبْهِهَا وَهَذَا فِي الثَّرِيدِ وَالْأَمْرَاقِ وَشِبْهِهَا.شرح النووى (13/193)

(5)المنع من أكل الحرام-

-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:«كِخْ كِخْ، ارْمِ بِهَا،أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟» صحيح البخارى(3072) ،صحيح مسلم (1069).- كِخْ كِخْ :هِيَ كَلِمَةٌ يُزْجَرُ بِهَا الصِّبْيَانُ عَنِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ فَيُقَالُ لَهُ كِخْ أَيِ اتْرُكْهُ وَارْمِ بِهِ ،هِيَ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ بِمَعْنَى بِئْسَ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الصِّبْيَانَ يُوَقَّوْنَ مَا يُوَقَّاهُ الْكِبَارُ وَتُمْنَعُ مِنْ تَعَاطِيهِ وَهَذَا وَاجِبٌ عَلَى الْوَلِيِّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ) هَذِهِ اللَّفْظَةُ تُقَالُ فِي الشَّيْءِ الْوَاضِحِ التحريم وَنَحْوِهِ. (شرح النووى (7/176).-الْحَدِيثِ :جَوَازُ إِدْخَالِ الْأَطْفَالِ الْمَسَاجِدَ وَتَأْدِيبِهِمْ بِمَا يَنْفَعُهُمْ وَمَنْعِهِمْ مِمَّا يَضُرُّهُمْ وَمِنْ تَنَاوُلِ الْمُحَرَّمَاتِ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُكَلَّفِينَ لِيَتَدَرَّبُوا بِذَلِكَ.(فتح البارى (3/355)

-ففي هذا دليل على أن الإنسان بجب عليه أن يؤدب أولاده عن فعل المحرم، كما يجب عليه أن يؤدبهم على فعل الواجب.(شرح رياض الصالحين (3/169).

(6) المزاح مع الأطفال وتقبيلهم :

-ومن هديه ﷺ مع أطفاله، الرحمة بهم، والمعاملة لهم بلطف، وإضفاء الحنان عليهم بالملاعبة وغيرها أما خطر في بالك وأنت تتشرف بالجلوس في بيت النبوة أن تداعب صغارك وتمازح أبناءك وتسمع ضحكاتهم وجميل عباراتهم؟ كان نبي الأمة يفعل ذلك كله فمثلا:

(أ)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِﷺ يُدْلِعُ لِسَانَهُ لِلْحُسَيْنِ، فَيَرَى الصَّبِيُّ حُمْرَةَ لِسَانِهِ، فَيَهَشُّ إِلَيْهِ»صحيح ابن حبان (5596) (ادلع) اللِّسَان خرج واسترخى .(المعجم الوسيط (1/293) هَشَّ: انشرح صدرُه فرحًا وسرورًا به، تبسّم وارتاح له.معجم اللغة العربية المعاصرة (3/2351).

(ب) عن أَبَى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ:إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا،فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قَالَ:«مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ» صحيح البخارى (5997).تقبيل الذرية من هدى سيد البرية ﷺ ؛ وفيه الراحة القلبية والنفسية

(7)إعطاء حقوق الطفل وعدم الإستخفاف بهم :-

-عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ: «أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاَءِ؟»، فَقَالَ الغُلاَمُ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ.صحيح البخارى (2451) ،وصحيح مسلم (2030) وفي ذلك إشارة من النبي ﷺ بالاهتمام بالطفل، والتأكيد على إعطائه حقه، وإشعاره بقيمته، وتعويده الشجاعة وإبداء رأيه في أدب، وتأهيله لمعرفة حقه والمطالبة به.-فهذا دليل على أنه إذا كان الذي على اليمين أصغر سنا فإنه يفضل على الذي على اليسار ولو كان أكبر

سنا والأول يدل على أنه كان الذي على اليمين أقل قدرا فإنه يعطي ويقدم على الذي هو أعظم قدرا إذا كان على اليسار.شرح رياض الصالحين (4/239)

(8)تعويد أنفسنا وأطفالنا على كتمان السر:-

-قال تعالى :قَالَ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) يوسف.-عَنْ أَنَسٍ،قَالَ:أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ،وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ

قَالَ:فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ ،فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ:مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِﷺ لِحَاجَةٍ،قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ:إِنَّهَا سِرٌّ، قَالَتْ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَحَدًا.(صحيح مسلم (2482)

(9)تعويد الأطفال على الصدق :

-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟» قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ»سنن أبى داود(4991)، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب(2943). دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا) أَيْ: نَادَتْنِي وَطَلَبَتْنِي وَأَنَا صَغِيرٌ -وهذا يدل على أن الكذب على الصغار يعتبر كذباً، ، بل المطلوب أن يعود الصغار على الصدق، وألا يعودوا على الكذب.(شرح سنن أبى داود للعباد (567/24) ومن مظاهر الصدق ألا يكذب المربي على ولده مهما كان السبب؛ لأن المربي إذا كان صادقاً اقتدى به أولاده، وإن كان كاذباً ولو مرة واحدة أصبح عمله ونصحه هباء، وعليه الوفاء بالوعد الذي وعده للطفل، فإن لم يستطع فليعتذر إليه

(10)الدعاء للأطفال بكل خير وسعادة :فمثلاً : :

(أ) الدعاء بالحفظ من الأذى :عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: ” إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ “صحيح البخارى (٣٣٧١).معنى الحديث: أن النبي ﷺ كان كثيراً ما يعوذ الحسن والحسين ويحصنهما بهذه التعويذة المأثورة، وهي قوله: ” أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامّة ” أي ألجأ إلى الله تعالى وأستجير به، وأسأله أن يحصّن الحسن والحسين بكلماته الجامعة لكل خير، المانعة من كل شر، أن يصونهما ” من كل شيطان وهامة ” بالتشديد واحدة الهوام وهي ذوات السموم ” ومن كل عين لامّة ” أي ومن كل عين شريرة تلم بالإِنسان فتصيبه بمكروه، وقد أخبرنا ﷺ أن إبراهيم الخليل عليه السلام كان يعوذ ولديه بهذه التعويذة النافعة.(منار القارى (4/197)

(ب)الدعاء للأطفال بالعلم النافع : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ الخَلاَءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا قَالَ: «مَنْ وَضَعَ هَذَا فَأُخْبِرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»صحيح البخارى (143) وهذه دعوة النبي ﷺ لابن عباس رضي الله عنه بالفقه في الدين والعلم بالقرآن ، وهذا ما تحقق حيث أصبح ابن عباس عالما من علماء الصحابة ومفسريهم فلتقتدى بالنبى ﷺ فى الدعاء للذرية بكل خير وبركة وسعادة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.