خطبة بعنوان (صناعة العقول وأثرها في بناء الإنسان كرأس مال بشري ) للدكتور أحمد سليمان أبو شعيشع
adminaswan
9 ديسمبر، 2024
خطب منبرية, د/ احمد سليمان ابو شعيشع
331 زيارة
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : صناعة العقول وأثرها في بناء الإنسان كرأس مال بشري
كتبها الدكتور / أحمد سليمان أبوشعيشع
الحمد لله الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، بعثه الله رحمةً للعالمين ومعلمًا للناس أجمعين. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
أما بعدُ:
أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله عز وجل، قال الله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1]، وقال جل شأنه: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ [الشمس: 9].
أيها المسلمون:
إن بناء الإنسان هو أساس بناء الأمم، وهو جوهر التنمية وعماد الحضارة. فالإنسان ليس مجرد فردٍ في مجتمع، بل هو رأس مال بشريّ، إذا أُحسن إعداده أصبح قوة دافعة نحو التقدم والرقي. والحديث عن بناء الإنسان يتجاوز الجوانب المادية ليشمل التربية الفكرية والروحية والاجتماعية، وكل ذلك يساهم في تكوين عقل واعٍ ونفس صالحة.
لقد كان الإسلام سباقًا في توجيه العناية للإنسان كأغلى مورد على وجه الأرض. فقد أشار القرآن الكريم إلى أهمية العلم والوعي، وربط بين العلم وكرامة الإنسان، فقال سبحانه: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11].
أيها الأحبة:
لقد ركّز الإسلام على إعداد الإنسان وتطوير مهاراته منذ اللحظة الأولى. وفي غزوة بدر الكبرى، قدّم النبي صلى الله عليه وسلم درسًا عظيمًا في الاستثمار في الإنسان، حين جعل فداء أسرى المشركين ممن يجيدون القراءة والكتابة تعليم عشرة من المسلمين. لم يكن هذا قرارًا عشوائيًا، بل كان خطوة استراتيجية لبناء أمة قارئة، تدرك قيمة العلم والمعرفة.
إن تعلم لغات الأمم الأخرى من أهم وسائل بناء الإنسان وتطويره، وهو ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم عندما أمر زيد بن ثابت رضي الله عنه بتعلم لغة اليهود، وقال له: “إنِّي لا آمنُ يَهودَ على كِتابي”، فتعلمها زيد في أقل من نصف شهر (رواه الترمذي).
عباد الله:
بناء الإنسان كرأس مال بشري لا يعني فقط اكتساب المهارات المادية، بل يشمل أيضًا بناء منظومة القيم والأخلاق التي تجعل الإنسان مسؤولًا عن إعمار الأرض، كما قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61].
إن استثمارنا في الإنسان يعني تنمية قدراته العلمية، وتعزيز وعيه الاجتماعي، وربط حياته بالمبادئ الروحية التي تجعله متوازنًا وناجحًا.
أيها المسلمون:
فلنعمل على بناء أنفسنا وأبنائنا بالعلم النافع والأخلاق الفاضلة، ولنكن قدوة حسنة في الإخلاص والعمل، ولنتذكر دائمًا أن العلم والعمل هما جناحا النهضة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي هدانا للإيمان، وجعل لنا من أنفسنا آيات للتأمل والتفكر.
عباد الله:
إن بناء الإنسان كرأس مال بشري يقتضي منا أن نولي التعليم والتربية اهتمامًا كبيرًا، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، حين جعل العلم مفتاح النهوض بالأمة.
وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يضرب أروع الأمثلة في تعلم لغات الأقوام الأخرى، إدراكًا منه لأهمية التواصل مع العالم واستثمار المعرفة في خدمة الدعوة. لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم الصحابة القراءة والكتابة، وحثهم على تعلم ما ينفعهم من علوم الأمم الأخرى، ليكونوا أمةً رائدةً لا تابعة.
أيها المسلمون:
إن تنمية الإنسان ليست مسؤولية فردية فقط، بل هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل مؤسسات المجتمع: الأسرة، والمدرسة، والمسجد، والدولة.
فلنبدأ من بيوتنا بتربية أبنائنا على حب العلم والقراءة، ولنغرس فيهم روح الإبداع والابتكار. ولنكن جميعًا داعمين لبناء عقولهم وأرواحهم ليكونوا أفرادًا نافعين لأنفسهم ولمجتمعهم.
اللهم ارزقنا عقولًا واعية وقلوبًا طاهرة، ووفقنا لبناء أمة قوية بالعلم والإيمان.
هذا وصلوا وسلموا على من بعثه الله معلمًا للناس، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، واذكروا الله يذكركم، واستغفروه يغفر لكم، وأقم الصلاة.
شيخنا المربى العارف بالله سيدى الدكتور احمد سليمان