خطبة بعنوان : “أنت عند الله غالٍ” للشيخ ابراهيم مراسى بركات

خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 22 نوفمبر 2024م ،

الموافق العشرين من جمادى الأول لعام 1446هـ.

الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد أيها المسلمون

يقول الله تعالى في محكم آياته :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (54) المائدة ، وفي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا ، فَأَحِبَّهُ . فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا ، فَأَحِبُّوهُ . فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ »أحاديث عن حب الله تعالى لعباده سأذكر بعض الأحاديث التي تتحدّث عن حب الله لعباده فيما يأتي: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ).[٢] (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإنّ الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط).[٣] أحاديث عن حب العباد لله تعالى سأذكر بعض الأحاديث التي تتحدث عن حب العباد لله -تعالى- فيما يأتي: (أنَّ أَعْرَابِيًّا، قالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَتَى السَّاعَةُ؟ قالَ له رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: ما أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قالَ: حُبَّ اللهِ وَرَسُولِهِ، قالَ: أَنْتَ مع مَن أَحْبَبْتَ).[٤] (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا علَى سَرِيَّةٍ، وكانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ في صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: سَلُوهُ لأيِّ شيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ؟، فَسَأَلُوهُ، فَقالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وأَنَا أُحِبُّ أنْ أقْرَأَ بهَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخْبِرُوهُ أنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ).[٥] (كان من دُعاءِ داودَ يقولُ : اللهُمَّ ! إنِّي أسألُك حُبَّك وحُبَّ من يُحبُّك، والعملَ الَّذي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ، اللهُمَّ! اجْعلْ حُبَّكَ أحَبَّ إليَّ من نَفْسِي وأهْلِي، ومن الماءِ البارِدِ، قال: وكانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، إذا ذكر دَاوُدَ يُحَدِّثُ عنهُ قال: كان أعْبَدَ البشَرِ).[٦] أحاديث عن الحب في الله سأذكر بعض الأحاديث التي تتحدث عن الحب في الله فيما يأتي: (إنَّ اللَّهَ يقولُ يَومَ القِيامَةِ: أيْنَ المُتَحابُّونَ بجَلالِي، اليومَ أُظِلُّهُمْ في ظِلِّي يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي).[٧] (ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ: مَن كانَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، ومَن أحَبَّ عَبْدًا لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ عزَّ وجلَّ، ومَن يَكْرَهُ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ، بَعْدَ إذْ أنْقَذَهُ اللَّهُ، منه كما يَكْرَهُ أنْ يُلْقَى في النَّارِ).[٨] ( مَن أحَبَّ للهِ، وأبغَض للهِ، وأعطى للهِ، ومنَع للهِ، فقد استكمَل الإيمانَ).[٩] (من أحبَّ أن يجدَ طعمَ الإيمانِ فلْيُحبَّ المرءَ لا يُحبُّه إلا للهِ).[١٠] (دخَلْتُ مسجدَ دِمَشْقَ فإذا فتًى برَّاقُ الثَّنايا وإذا النَّاسُ معه إذا اختلَفوا في شيءٍ أسنَدوه إليه وصدَروا عن رأيِه فسأَلْتُ عنه فقيل: هذا معاذُ بنُ جبلٍ فلمَّا كان الغدُ هجَّرْتُ فوجَدْتُه قد سبَقني بالتَّهجيرِ ووجَدْتُه يُصَلِّي قال: فانتظَرْتُه حتَّى قضى صلاتَه ثمَّ جِئْتُه مِن قِبَلِ وجهِه فسلَّمْتُ عليه وقُلْتُ: واللهِ إنِّي لَأُحِبُّك للهِ فقال: آللهِ ؟ قُلْتُ: آللهِ فأخَذ بحَبوةِ ردائي فجذَبني إليه وقال: أبشِرْ فإنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ( قال اللهُ تبارَك وتعالى: وجَبَتْ محبَّتي للمُتحابِّين فيَّ والمُتجالِسينَ فيَّ والمُتزاوِرينَ فيَّ

إخوة الإسلام

إن محبة الله للعبد : هي المنزلة التي فيها يتنافس المتنافسون .. وعليها يتفانى المحبون .. وبِرَوحِ نسيمها تروَّح العابدون .. محبة الله للعبد : هي قوت القلوب ، وغذاء الأرواح .. وقرة العيون ..وهي الحياة التي من حُرِمها فهو من جملة الأموات .. وهي النور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات .. وهي الشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه الأمراض والأسقام .. وهي اللذة التي من لم يظفر بها ، فعيشه كله هموم وآلام .. محبة الله للعبد : هي غاية مطلب العِباد، ومُنية قلوبهم، وشوق أرواحهم؛ ، فمن أحبه الله : تحلّ عليه رحمته في الدُّنيا والآخرة، فينال في الدّنيا حياةً طيّبةً، ويفوز في الآخرة بدخول الجنة؛ ولذا فيسعى المؤمنون إلى نيل هذه المراتب العُليا ،والمنزلة الرفيعة؛ بتحرّي مواطن تلك المنحة الإلهيّة العظيمة ،والوصول إليها، ويدرك العارفون بالله -سبحانه وتعالى- أنّ هذا المقام لا يتحصّله العبد بالأماني، وإنّما بمجاهدة النفس ،وترك نزواتها، ومواجهة مداخل الشيطان ووسوسته، ومن المعلوم أن حرمان العبد من محبة الله: هو حرمان من الحياة الآمنة الطيّبة في الدنيا والآخرة، ولذلك فالإسلام دعانا إلى السّعي في سبيل تحصيل هذه المحبّة، ودلّنا على الطريق إليها درجات الحب في الإسلام

حبّ الله تعالى حب الله -تعالى- ثلاثةُ مراتب، وبيانها مرتّبة فيما يأتي:[١] المرتبة الأولى: الحبّ الذي يستولي فيه ذكر الله -تعالى- على قلب الإنسان، فلا يدخله وسواس، ولا شيءٍ غيره، فيُصبح يتلذّذ بعبادته، ويأنس بقربه، ممّا يُخفّف عنه تعبه ومصائبه، ممّا يدفعه للافتقار لربّه ومُتابعة النبي -عليه الصلاة والسلام- وسُنّته. المرتبة الثانية: الحبّ الذي يبعث في النفس إيثار الحقّ على غيره، من خلال النظر في صفات الله -تعالى-، ممّا يدفع المسلم إلى محبّته، والدوام على ذكره، وتعلّق القلب به وترك ما سواه. المرتبة الثالثة: الحبّ الذي يخطف القلب من خلال إطالة النظر في كمال ذات الله -تعالى-.—————

حب العبد لله تعالى حبّ العبد لخالقه من أعظم الواجبات؛ فقد أوجب الله -تعالى- على الإنسان محبّته وتوعّد من خالف ذلك؛ فقال: (قُل إِن كانَ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم وَإِخوانُكُم وَأَزواجُكُم وَعَشيرَتُكُم وَأَموالٌ اقتَرَفتُموها وَتِجارَةٌ تَخشَونَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللَّـهِ وَرَسولِهِ وَجِهادٍ في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأتِيَ اللَّـهُ بِأَمرِهِ وَاللَّـهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ)،[٢] فهي سبب لدخول الجنة، ومُرافقة النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها،[٣] وتكون هذه المحبّة من خلال معرفة الله -تعالى- وأسمائه وصفاته، واستشعار عظمته ونعمه، واتّباع أوامره، وتكون محبّته للآخرين كأبنائه ووالديه طريقٌ للقُرب منه -سبحانه وتعالى-، ومحبّة الله -تعالى- هي مُحرّك الإنسان للخير وللإيمان الحقّ،[٤] قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)؛[٥] فإيمان العبد يدفعه لحبّ الله -تعالى- ويدعوه إليه،[٦] وأحد الأعمال التي تزيد من محبّة الله -تعالى- في قلب العبد، ذكر نعمه، وكثرة ذكره وحمده، ومُناجاته وخاصّةً في قيام الليل، والإلحاح عليه بالدُعاء في توفيقه لمحبّته، وتحبيب النّاس بالله -عزّ وجلّ-، والاعتبار من هذه المحبة.—-

حب الله تعالى لعبده لمحبّة الله -تعالى- لعباده العديد من المظاهر؛ كتوفيق العبد لأداء الطاعات وبُعده عن السيئات، واستجابة دعائه، وحفظه وتأييده، وكراهة إساءته بالموت، ووضع القبول له في الأرض، ووجوب محبّته لأهل السماء؛ لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إذا أحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّماءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في أهْلِ الأرْضِ)،[٨][٩] ومن المظاهر أيضاً فضله على البشر قبل وجودهم؛ كتكريمه على باقي المخلوقات بالعقل والنفخ فيه من روحه، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)،[١٠] وقد اختار الله -تعالى- البشر من ذرية آدم ليكونوا ممّن يؤدي معنى العبودية لله -تعالى-، واختار لهم الزمان والمكان المُناسب لوجودهم، واختار أبويهم، ويسّر الحياة لهم، واختار البيئة المُناسبة لوجودهم، وجعلهم ممّن يتكلّمون اللغة العربية؛ ممّا يُعين العبد المسلم على فهم القُرآن ومراد الله -تعالى- منه، ومُعافاة العبد من العيوب الخَلقيَّة، وإعانته عند البلاء والمصائب.[١١]———

حب النبي صلى الله عليه وسلم يُعدّ حُبّ النبي -عليه الصلاة والسلام- من الأُمور المُستمرّة في حياة الإنسان، وليست مُقتصرة على زمانٍ مُعيّن، فهي تشمل نُصرته، والاقتداء به، والدفاع عن سُنّته ورسالته، وتقديم محبّته على باقي المحبوبات كالوالد والولد، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ) وينبغي على المُسلم قراءة سيرته؛ للوصول إلى حُبّه من خلال مواقفه التي تصل إلى القلب، وكلّما تعمّق الإنسان بقراءتها كُلّما ازداد حُبّاً لنبيّه -عليه السلام-، وحبّ النبيّ -عليه السلام- من علامات الإيمان، وطريق إلى رضا الله -تعالى- ونيل الجنّة، والنجاة من النار.[١٥] حب الآباء والأمهات والزوجة والأبناء يُعدّ حُب الآباء لأبنائهم من أنواع الشعور الطبيعية والفطرية عند الإنسان، وهو أقوى وأبقى من الحقوق العُرفيّة والاجتماعيّة؛ فهو جُزءٌ منه، ويسعى إلى بقاءه أكثر من نفسه،[١٦] وقد كانت العرب تفتخر بآبائها في الأسواق وأمام الحجيج، وقد ذكر الله -تعالى- ذلك بقوله: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا)،[١٧][١٨] وأمّا حق الآباء على الأبناء فهي كبيرة وعظيمة، وذكرها الله -تعالى- بقوله: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)،[١٩] وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما جاءه رجل يسأله عن أحقّ الناس بحقّ صُحبته قال: (أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ).[٢٠][٢١] وأمّا ميل الرجل لزوجته وحُبّه لها فهي من قبيل الفطرة، لقوله -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[٢٢] فمن رحمة الله -تعالى- بأن جعل البشرية جنسين؛ ليسكن كُلٌ منهما إلى الآخر، ويحصل بينهما المودّة والسكينة والرحمة، ولا تحصل السكينة والائتلاف الحقيقييّن إلّا بين البشر.————–

حب المسلم لأخيه المسلم يُعدّ حُبّ المُسلم لأخيه المُسلم؛ وإرادة الخير له، ونُصرته أيضاً جميعها من علامات حُبّ الله -تعالى-، ومحبّة الله -تعالى- تكون بمحبّة ما يُحبّه من الأعمال والأفعال، وبُغض ما يبغضه من الأعمال والأفعال؛ فالأخوّة في الله -تعالى- تجعل المُسلم يعتصم بالله -تعالى-، ويثق بإخوانه، ويكوّن الاحترام المُتبادل بينهم، ويُعدّ الحب في الله- تعالى- من أوثق عُرى الإيمان، وهو جزء من الدين، ومن المودّة في القُربى، ومن الرحمة التي جعلها الله -تعالى- بين المُسلمين،[٢٤] وقد بشّر الله -تعالى- المُتحابّين فيه بالجزاء العظيم يوم القيامة، قال النبيّ -عليه السلام- في الحديث القُدسي الذي يرويه عن ربّه: (إنَّ اللَّهَ يقولُ يَومَ القِيامَةِ: أيْنَ المُتَحابُّونَ بجَلالِي، اليومَ أُظِلُّهُمْ في ظِلِّي يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي)،[٢٥] ويكون هذا الحُبّ لأجل الله -تعالى- وطمعاً في رضاه، وليس طمعاً في الدُنيا أو المال؛[٢٦] فيُحبّ المسلم أخوه المسلم لأجل طاعته لله -تعالى-؛ كمُحافظته على صلاة الجماعة وغيرها من الطاعات، مما يجعل المُسلم يُحشر معه يوم القيامة، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (المرْءُ مع مَن أحَبَّ يومَ القيامةِ).[٢٧][٢٨] الحُبّ في الإسلام يُعدّ الحُبّ، والكره، والرضا، والحزن، والفرح وغيرها من الصفات المُلازمة للإنسان، والتي لا تنفك عنه؛ فالحُبّ مصدر من مصادر سعادته، كما أنّه يسمو بنفسه، ويضفي على حياته البهجة والسرور بذلك.[٣]

يحكى أن النبي عليه الصلاة والسلام أمره الله أن يقرأ سورة البينة على أبي بن كعب، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي وقال له: يا أبي !

قال: نعم يا رسول الله!

قال: لقد أمرني ربي أن أقرأ عليك سورة البينة.

فنظر أبي بن كعب إلى رسول الله، وقال: يا رسول الله! وهل سماني باسمي؟!

قال: نعم،

فبكى أبي بن كعب.

يقول بعض الصحابة: “والله ما علمنا أن الفرح يبكي إلا من يومها”

حب الله للعبد إنّ الله -تعالى- إذا أحبّ عبدًا حبّب فيه خلقه وعباده الصالحين وملائكته، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن -النّبي صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى إذَا أحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّ فُلَانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ في السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ويُوضَعُ له القَبُولُ في أهْلِ الأرْضِ)،[١] وقد أخبر الله -تعالى- في كتابه بمحبته للتوابين من عباده والصابرين، فقال -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.[٢][٣] قصص عن حب الله للعبد وآتيًا ذكر بعض القصص الدالة على حبّ الله لعباده

قصة حب الله لمعاوية بن معاوية المزني -رضي الله عنه- روى أمامة الباهلي رضي الله عنه، أنّ جبريل -عليه السّلام- نزل على النّبي -عليه السلام-يوم تبوك، فسأل النّبي -عليه السّلام- الصلاة على معاوية بن معاوية المزني، فخرج النّبي عليه السلام وخرج جبريل -عليه السلام- ومعه سبعون ألفًا من الملائكة في صفين، فصلّوا على معاوية، فلمّا سأل النّبي -عليه السّلام- جبريل عن عمل معاوية، أخبره جبريل -عليه السّلام- أنّه إنّما نال هذا الشّرف وهذه المنزلة بسبب حبه لسورة الإخلاص وقراءته لها في كل أحواله، وهذا إذا دلّ على شيء إنّما دلّ على حبّ الله تعالى له.[٤] قصة حب الله تعالى لسعد بن معاذ -رضي الله عنه- بعد انقضاء أمر يهود بني قريظة بحكم سعد بن معاذ -رضي الله عنه- فيهم وكان حكمه موافقًا لحكم الله -تعالى- وهذا دليل محبة الله له، استجاب الله تعالى لدعوته -رضي الله عنه- فمات شهيدًا في سبيل الله تعالى، ويكفيه شرفًا وفضلًا ومنزلةً حبُّ الله تعالى له واهتزاز عرشه فرحًا واستبشارًا بقدومه، فقد رُوي عن جابر رضي الله عنه، عن -النّبي صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعَاذ)،[٥] فَقالَ رَجُلٌ: لِجَابِرٍ، فإنَّ البَرَاءَ يقولُ: اهْتَزَّ السَّرِيرُ، فَقالَ: إنَّه كانَ بيْنَ هَذَيْنِ الحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ، سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ، يقولُ: (اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ).[٦][٧] قصة حبّ الله للأعرابي الذي صدقه رُوي عن شداد بن الهادِ رضي الله عنه، أن رجلًا من الأعراب جاء من البادية إلى النّبي -عليه السّلام- فآمن به وصدّقه ثم طلب من النّبي أن يهاجر معه للمدينة فأذن له، فلمّا كانت غزوة غَنِم النّبي -عليه السلام- منها وقسمّها، فلمّا عُرِض عليه قسمته جاء للنّبي -عليه السلام- وأعلمه أن نيته في الهجرة ما كانت لأجل الغنيمة وإنّما لأجل الموت في سبيل الله وأشار إلى حلقه، فدخلوا في معركة واستشهد فلمّا أُتي به إلى النّبي -عليه السلام- محمولًا والسَّهم حيث أشار، قال النّبي -عليه السلام- فيه “صدق الله فصدقه”، ثمّ كفنّه النّبي -عليه السلام- وصلّى عليه، فكان صدق إيمانه سببًا لمحبة الله -تعالى- له فصَدقه اللهم احفظ مصر واجعلها في امانك واحسانك

اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا

ومن كل ضيق مخرجا

ومن كل بلاء عافيه

اللهم انت ملاذنا وانت عياذنا

وعليك اتكالنا اللهم احفظ مصر من كل سوء ومكروه وفتنه

يا كريم يا كريم يا رحيم

اللهم احفظ امننا ووحدتنا واستقرارنا

اللهم اكشف الغمه

اللهم اكشف الغمه

اللهم اكشف الغمه

اللهم اجعل مصر آمنه مطمئنه ساكنة مستقره

محفوظة مصونه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.