الحمد لله رب العالمين كرم الإنسان وخصه بحمل الأمانة وأثنى على أهلها فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين؛ اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه حق قدره ومقداره العظيم وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فيا أيها المسلمون: المال هو قِوام الحياة، وهو من أهمِّ أسباب تعمير الأرض، وقد أمَرَنا ربُّنا تبارك وتعالى بالمحافظة عليه وتنميته، قال تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾(النساء: ٥)، لذلك عد الفقهاء الحفاظ على المال منَ الضروريات التي أمَرَ الشرع بحِفْظها، وهى: الدِّين، والنفس، والعقْل، والنَّسْل، والمال ..
ولقد دلت النصوص الشرعية على حرمة الإعتداء على المال العام، وجعلت حرمتة كحرمة المال الخاص؛ بل أشد إذ هو إعتداء على حقوق المجتمع كله، والمال الخاص له من يحميه، أما المال العام فحمايته مسؤولية المجتمع كله، لذلك جاء الوعيد الشديد؛ قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾(آل عمران: ١٦١)،
أولاً: التحذير من خطورة التعدى على المال العام؛ لقد جعل الإسلام التعدى على المال العام والمنافع المشتركة لوناً من الفساد المنهى عنه؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ (الأعراف: ٥٦)، والإفساد فى الأرض من صفات أهل الزيغ والنفاق؛ قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ (البقرة: ٢٠٥)،
قال الإمام القرطبي: والآية بعمومها تعم كل فسادٍ كان في أرضٍ أو مالٍ أو دِيْن.
ولقد شدد سيدنا رسول الله ﷺ على حرمة التعدى على المال العام؛ فعن خولة الأنصارية قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مال الله بغير حق؛ فلهم النار يوم القيامة» رواه البخاري.
وبين ﷺ أن الغلول يمنع صاحبه من دخول الجنة وإن قُتل شهيداً؛ فعن أبي هريرة قال: «خرجْنا مع رسول الله ﷺ يوم “خَيْبَر”، فلم نَغْنمْ ذهبًا ولا فِضَّة، إلاَّ الأموال والثياب والمتاع، فأهْدَى رجلٌ من بني الضُّبَيْب يُقال له: رِفَاعة بن زيد لرسول الله ﷺ غلامًا يُقال له: “مِدْعَم” فوجَّه رسولُ الله ﷺ إلى وادي القُرى، حتى إذا كان بوادي القُرى، بينما “مِدْعَم” يحطُّ رحْلاً لرسول الله ﷺ إذا سَهْمٌ عائِر فقَتَله، فقال الناس: هنيئًا له الجنة، فقال رسول الله ﷺ: «كلاَّ والذي نفسي بيده، إنَّ الشَّمْلَة التي أخَذَها يومَ “خَيْبَر” من المغانم لَم تُصِبْها المقاسِمُ، لتَشْتَعِلُ عليه نارًا» متفق عليه.
وعنه قال: «قام فينا النبي ﷺ فذكَرَ الغُلول، فعظَّمه وعظَّمَ أمرَه، قال: «لا ألفِيَنَّ أحدَكم يومَ القيامة على رَقبته شاة لها ثُغاء، على رَقبته فرس له حَمْحَمة، يقول: يا رسول الله، أغِثْني؟ فأقول: لا أملِك لك شيئًا؛ قد أبْلَغْتُك، وعلى رَقَبته بعيرٌ له رُغاء، يقول: يا رسول الله، أغِثْني؟ فأقول: لا أملِك لك شيئًا؛ قد أبلغتُك، وعلى رَقَبته صامتٌ، فيقول: يا رسول الله، أغِثْني؟ فأقول: لا أملِك لك شيئًا؛ قد أبلغتُك، أو على رَقَبته رِقَاعٌ تَخْفِق، فيقول: يا رسول الله، أغِثْنى؟ فأقول: لا أملِك لك شيئًا؛ قد أبلغتُك»رواه البخارى.
فما بال أقوام لا يراقبون الله عز وجل فيما استرعاهم الله فيه، فيعتدون على المال العام وعلى المنافع المشتركة والأماكن العامة بشتى الوسائل المحرمة، كالغلول والسرقة، وعدم إتقان العمل وإضاعة الوقت والتربُّح من الوظيفة وسرقة التيار الكهربى، والإعتداء على الممتلكات العامَّة كالحدائق والمستشفيات والمتنزهات، واستخدام الأشياء الخاصة بالعمل استخداماً سخصياً، ولقد بعث سيدنا رسول الله ﷺ عبد الله بن رواحة إلى خيبر ليخرص بينه وبين يهود خيبر، فجمعوا له حلياً من حلي نسائهم، فقالوا: خذ هذا لك وخفف عنا وتجاوز في القسمة، فقال عبد الله بن رواحة: «يا معشر اليهود والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم! أما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت وإنا لا نأكلها، فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض» رواه مالك.
ثانياً : مواقف من ورع السلف الصالح؛ لقد ضرب أسلافنا الكرام رضي الله عنهم أروع الأمثلة فى التورع عن المال العام؛
☜ فهذا أبوبكر الصديق رضى الله عنه لما نزل به الموت أوصى عائشة رضي الله عنها فقال: «الناقة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبغ فبها والقطيفة التي كنا نلبسها كنا نتفع بذلك حين كنت ألي أمر المسلمين فإذا مت فرديه إلى عمر بن الخطاب»، فلما مات الصديق رضي الله عنه أرسلت عائشة بهذه الأشياء إلى عمر رضى الله عنه فقال عمر: رحمك الله يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك؟!
☜ والفاروق على الدرب: يخرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه خلف بكرين من الإبل من إبل الصدقة يريد أن يدخلهما في الحمى خوفاً من أن يضيعا فيسأله الله تعالى عنهما وكان ذلك في يوم شديد الحر كأنه نفخ السموم فرآه عثمان بن عفان رضى الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين هلم إلى الماء والظل ونكفيك؟ قال عمر رضى الله عنه: عد إلى ظلك يا عثمان فقال عثمان رضى الله عنه: «من أحب أن ينظر إلى القوى الأمين فلينظر إلى هذا» رواه ابن الأثير في أسد الغابة.
ولقد كنس أبو موسى الأشعري بيت المال فوجد درهماً فمر إبن لعمر بن الخطاب فأعطاه أبو موسى الدرهم فرأى عمر الدرهم في يد ولده فسأله؟ فقال: أعطانيه ابو موسى فقال عمر لأبى موسى: يا أبا موسى ما كان في أهل المدينة بيت أهون عليك من آل عمر أردت ألا يبقى من أمة محمد أحد إلا طلبنا بمظلمة؟ ورد الدرهم إلى بيت المال!
☜ وهذا على بن أبى طالب رضى الله عنه تستعير ابنته عقد لؤلؤ من بيت المال لتتزين به في يوم العيد فرآها على رضى الله عنه وهى تتزين بالعقد فسألها من أين لك هذا؟ فأخبرته أنها استأذنت خازن بيت المال فأعارها العقد على أن ترده بعد العيد، فأرسل إلى خازن بيت المال فلما جاء قال له: أتخون المسلمين يا ابن رافع؟ اندهش الخازن وقال: معاذ الله أن أخون الأمانة يا أمير المؤمنين!! قال على رضى الله عنه كيف أعرت بنت أمير المؤمنين العقد؟ قال ابن رافع: إنها ابنتك وطلبت أن أعيرها العقد تتزين به في العيد وترده بعد ثلاث قال على رضى الله عنه للخازن رد العقد إلى بيت مال المسلمين وإياك أن تعود إلى مثل هذا العمل وإلا أوقعت بك العقوبة وقال له: كيف أعرتها العقد بغير إذني وبغير رضا المسلمين؟ ثم قال: ويل ابنتي لو كانت أخذت العقد على غير عارية مضمونة؟ فجاءت إليه فقالت: أنا ابنتك وبضعة منك فمن أحق أن يلبسه منى؟ فقال على لابنته أكل نساء المسلمين يتزين في العيد بمثل هذا؟ لا تذهبي بنفسك عن الحق ورديه إلى بيت المال.
فلله درك يا على إلى هذا الحد تتورع فكيف بأولئك الذين لا يراعون ربهم جل فيما جعلهم الله أمناء عليه من أموال وأعراض وضيعات أفلا يتقون الله ويقوموا بحق تلك الأمانات!!
☜ وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حمله ورعه على أن يطفا السراج عندما كان يحدثه غلامه في بعض الأمور التي تخص بيته؛ ولما حُمل إليه رضي الله عنه مسك من الغنائم قبض على أنفه حتى لا يشمه وقال: إنما ينتفع من هذا بريحه وأنا أكره أن أجد ريحه!
☜ وعامر بن عبدالله التميمي تابعى كبير، لما انتصر المسلمون على الفرس في معركة القادسية بقيادة البطل المغوار سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه وكان سعد قد أمر بجمع الغنائم وتقويمها وبينما الناس كذلك إذ برجل يأتي وهو يحمل صندوق قد ملئ بالأشياء النفيسة غالية الثمن ووضعه عند من يقومون على جمع الغنائم وولى منصرفاً فقالوا له:
يا هذا أين وجدت هذا الكنز العظيم؟ فرد قائلاً: غنمته في المعركة في مكان كذا قالوا: هل أخذت منه شيئاً؟ قال: معاذ الله إن كنوز كسرى وما ملكه الفرس لا يساوى عندي قلامة ظفر ولولا أنى مؤتمن ومسؤول أمام الله ما أتيتكم بهذا الكنز فسألوه من أنت يرحمك الله؟ فرفض أن يخبرهم باسمه حتى لا يكافؤه أو يحمدوه على أمانته وأيضاً رفض أن يخبرهم باسمه حتى يحافظ على إخلاصه فتبعه رجل منهم فعلم أنه عامر بن عبدالله التميمي.
فاتقوا الله عباد الله: وحافظوا على المال العام والمنافع المشتركة والأماكن العامة.
أقول قولى هذا واستغفر الله العظيم لى ولكم.
الخطبة الثانية: الحمد لله وكفى وصلاةً وسلاماً على عباده الذين اصطفى أما بعد: فيا أيها المسلمون: لقد حثت شريعتنا الغراء على رعاية المال العام، والمحافظة عليه وحمايته من التلف، وجعلت الحرص عليه من علامات الصلاح والبر وصدق الإيمان؛ قال تعالى:﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب﴾(المائدة:٢)، والمال العام يدخل فى كل المنافع المشتركة وجميع الأنظمة والبنى التحتية التي تبنيها الدولة وتُديرها، كالمدارس والجامعات والمصانع والجسور والأنفاق والفنادق والمكتبات والحدائق والمجمعات السكنية والأسواق والمطارات وهذه المنافع ضروريّةً لتحسين المستوى المعيشي للناس وتلبية حاجاتهم الأساسية، ولا يمكن أن تسير الحياة بدونها. ولقد شرع ديننا الحنيف وسائل متعددة لحماية الحقوق المشتركة والمنافع العامة.
ثالثاً: وسائل حماية الحقوق المشتركة؛
– الإلتزام بآداب الطريق العام؛ وهذا من الآداب العظيمة التي حث عليها ديننا الحنيف ورغب فيها، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي ﷺ قال: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ»، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا»، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ»متفق عليه.
فذكر سيدنا رسول الله ﷺ في هذا الحديث جملة من الآداب، التي ينبغى أن يتحلى بها المسلمون؛
– غض البصر، وقد أمر الله به قال تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾(النور: ٣٠)، وعن جرير ابن عبدالله قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ؟ «فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي» رواه مسلم.
وعن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ قال: «يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى، وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ»رواه أبو دواد.
وصدق القائل:
كُلُّ الحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَّظَرِ
وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
والمَرْءُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ يُقَلِّبُهَا
فِي أَعْيُنِ الغِيدِ مَوقُوفٌ عَلَى الخَطَرِ
كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا
فَتكَ السِّهَامِ بِلَا قَوسٍ ولَا وَتَرِ
يَسُرُّ نَاظِرَهُ مَا ضَرَّ خَاطِرَهُ
لَا مَرحَبًا بِسُرُورٍ عَادَ بِالضَّرَرِ
– إماطة الأذى عن الطريق العام، ولقد بين سيدنا رسول الله ﷺ أن إماطة الأذى عن الطريق العام شعبة من شعب الإيمان، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ – أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ – شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ» متفق عليه.
واعلموا عباد الله: أن إماطة الأذى عن الطريق من أسباب دخول الجنة والنجاة من عذاب النار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي ﷺ قال: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَخَذَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ»رواه البخارى.
وفي رواية لمسلم: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ».
– ومن كف الأذى عن الطريق العام؛ عدم قضاء الحاجة في طريق الناس، أوظلهم، فعن أبي هريرة: أن النبي ﷺ قال: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ»، قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ»رواه مسلم.
وقد أخرجَ الطبرانِيُّ أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «مَنْ آذَى المُسْلِمِينَ في طُرقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ»، ويدخلُ في الأذَى التعدى على الطريق فنجد بعض أصحاب المحال والمقاهى يحتل الأرصفة ويستخدمها استخداماً خاصاً فيضيق على الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
– الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ (آل عمران: ١١٠)،
قال القرطبي رحمه الله: إنما صارت أمة محمد ﷺ خير أمة، لأن المسلمين منهم أكثر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهم أفشى.
فى حين تجد أن البعض قد يعلن بالمعاصي فى الطريق العام ووسائل المواصلات، فيطلقون السُباب والشتائم، وبدعوى الحريات والتحرر تخرج بعض النساء والفتيات إلى العمل والأماكن العامة، وهن يرتدين ملابس تخالف تعاليم الإسلام وأعراف مجمعاتنا المحافظة، والسؤال هل فعل المنكرات، وإيذاء مشاعر الناس صار من الحريات؟!
– المحافظة على الثروة المائية؛ إن الماء هو سر الحياة والأساس على كوكب الأرض، ومن نعم الله عز وجل علينا أن جعل ثلاثة أرباع الأرض مياه وهذا ما أدى إلى تسمية كوكب الأرض بالكوكب الأزرق الذي تتنوع فيه أنواع وأشكال الماء، الذي منه الماء العذب، والماء المالح، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾(الأنبياء: ٣٠)، وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ﴾(النور: ٤٥)،وقال تعالى:﴿وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ (النحل: ٦٥)، ويعد تلويث المياه من أخطر ما يستهين به البعض فيقوم بصرف مياه الصرف الصحى على مجرى النيل أو صرف نفايات المصانع، وهذا مُحرم شرعاً لما يترتب على ذلك من أضرار كانتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة، ولقد شدد سيدنا رسول الله ﷺ فى النهى عن ذلك، فَعَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ» رواه مسلم.
وفي رواية: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ» متفق عليه.
– عدم الاسراف فى استخدام المياه؛ نلاحظ أن بعض الناس عندما يستخدم المياه فى الأماكن العامة يُسرف فى ذلك، لا سميا تلك المرافق الملحقة بدور العبادة والأندية والمتنزهات العامة، ولقد دعانا ديننا الحنيف إلى ترشيد استهلاك المياه، فعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَرَّ عَلَى سَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ:«مَا هَذَا السَّرَفُ؟» فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إسْرَافٌ؟ قَالَ:«نَعَمْ وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
ولقد جاء أعرابى إلى النبي ﷺ يسأله عن الوضوء؟ فأراه الوضوءَ ثلاثًا ثلاثًا، ثمَّ قال: «هَكذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ»رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: وفي الحديث دليل على أنَّ مجاوزة الثَّلاث الغسلات من الاعتداء في الماء.
والعجيب رغماً من دعوة الإسلام للحفاظ على الماء لأنه من المنافع العامة والمشتركة بين الناس
إلا أننا نجد من يسرف ويهدر فى استعماله بيد أن هناك كثير من الذين يعانون من ندرة المياه، فهل ما يفعله هؤلاء إلا نوع من كفر النعمة وعدم القيام بشكرها؟!
فاتقوا الله عباد الله: وحافظوا على المنافع المشتركة والأماكن العامة، تفوزوا برضوان ربكم جل وعلا، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه واحفظ مصر من كل مكروه وسوء واجعل رايتها عالية خفاقة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.