خطبة بعنوان :(المال العام وحرمة التعدى عليه) للشيخ محمود عطا

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
أيها المؤمنون، أوصيكم ونفسي المقصرّة بتقوى الله، فاتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
عباد الله، حديثنا اليوم عن موضوع عظيم الأهمية، وهو المال العام وحرمة التعدي عليه. إن المال العام هو كل ما يعود بالنفع على الأمة كلها، ويشمل الموارد التي لا تخص فردًا بعينه، بل تعود بالنفع على المجتمع ككل، كالطرقات، والمستشفيات، والمدارس، والحدائق العامة، ومرافق الدولة، وكل ما يتم استخدامه لخدمة المجتمع وصالحه. وهذا المال ليس لأحد أن يعتدي عليه أو يستغله لمصلحته الشخصية، فهو أمانة في أيدي المسؤولين والمواطنين، وأي تعدٍ عليه هو تعدٍ على حقوق الأمة كلها.
 تعريف المال العام
المال العام هو كل مورد يملكه المجتمع كله، وليس فردًا أو مجموعة بعينها. وقد يكون هذا المال على هيئة موارد طبيعية مثل المياه والهواء والغابات، أو أموال الدولة التي تُجمع من الزكوات والضرائب وتُصرف في مصالح الناس، أو ممتلكات تابعة للدولة تخدم المواطنين. فكل هذه الأموال يجب صونها والمحافظة عليها لأن أي تهاون في هذا الأمر يؤدي إلى الإضرار بالمجتمع كافة.
 صور المال العام وصور التعدي عليه
أيها المسلمون، إن المال العام له صور عديدة تشمل الممتلكات التي تمولها الدولة من أموال الناس، كالطرقات العامة التي يستخدمها الناس، والمستشفيات التي تعالج المرضى، والمدارس التي يتعلم فيها الطلاب، والحدائق العامة. وهذه كلها أموال عامة يجب صيانتها وعدم التعدي عليها.
أما صور التعدي على المال العام فهي عديدة، منها:
استخدام ممتلكات الدولة للأغراض الشخصية دون إذن، كأن يستخدم شخص سيارة حكومية لأغراضه الخاصة.
سرقة الممتلكات العامة أو إهمالها.
العبث بالمرافق العامة كقطع الأشجار في الحدائق أو إتلاف الممتلكات في الطرقات والمدارس.
الأدلة من القرآن والسنة على حرمة التعدي على المال العام
أيها المسلمون، لقد جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية تحذير شديد من التعدي على المال العام أو أموال الناس، وعدّ ذلك من الظلم والخيانة. قال الله تعالى في كتابه الكريم:
{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 8].
ويقول تعالى أيضًا:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29].
وإن من أكل أموال الناس بالباطل أن يأخذ الشخص شيئًا من المال العام دون وجه حق.
وفي السنة النبوية، ورد حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يحذر فيه من التعدي على أموال الدولة أو المال العام. فقد قال صلى الله عليه وسلم:
“من استعملناه على عمل فرزقناه رزقًا، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول” (رواه أبو داود).
وفي حديث آخر، قال صلى الله عليه وسلم:
“إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة” (رواه البخاري).
مسؤولية المسلم تجاه المال العام
عباد الله، إن المحافظة على المال العام واجب شرعي ووطني. وإن المسلم الحق هو من يحافظ على كل ما يخدم مجتمعه ويعود بالنفع على بلده. وإن من التعدي على المال العام أيضًا أن يسكت المسلم عن المتعدي ولا ينصحه، لأن في ذلك إضرارًا بالمجتمع وإهدارًا للحقوق.
أسأل الله أن يوفقنا جميعًا للمحافظة على أموالنا وأموال الأمة، وأن يجعلنا من الحريصين على أداء الأمانات، وأن يحفظ بلادنا ومجتمعنا من كل سوء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.