خطبة بعنوان :(المال العام وحرمة التعدي عليه) للشيخ صلاح عبدالخالق

إعدادالشيخ /صلاح عبدالخالق

 13جماد أول 1446هـ ،15من نوفمبر2024م إن شاء الله )

العناصر:

أولاً : تعريف المال العام.

ثانيا ً:من صور استباحة المال العام.

ثالثاً : واجبنا نحو المال العام

رابعاً: حرمة التعدى على المال العام.

خامساً:من عقوبات استباحة المال العام.

سادسا ً:ماذا يفعل من استباح المال العام ؟

الخطبة الأولى :

الحمد لله على نعمة الإسلام ونشهد أن لاإله إلا الله الملك العلام ونشهد أن محمد ﷺ سيد الأنام وبعد فحديثى معكم بحول الله الواحد الديان تحت عنوان: المال العام وحرمة التعدي عليه

أولاً : تعريف المال العام:
تعريف المال العام :
-يُقصد بالمال العام المال الذى ليس مملوكا لاحد ملكاً خاصاً، والذى يُفيد منه المجتمع كله، بإشراف السلطات التى تنظم جمعه وإنفاقه، كالمياه والمراعى والمعادن، والمرافق العامة التى يستفيد منها الجميع، كالمساجد والمدارس والمستشفيات والطرق والجسور وما إليها.(فتاوى در الإفتاء المصرية (10/376).
ثانيا ً:من صور استباحة المال العام والملك العام وهى كثيرة منها مثلا:
(1) سرقة الكهرباء من الدولة بحجَّة أنَّها لا تُعطي المواطن حقَّه كاملاً.
(2)استعمال الكمبيوتر أثناء العمل لأغراض شخصيَّة غير خاصَّة بالعمل وكذلك ورق الطباعة
(3)عدم إتقان العمل، وإضاعة الوقت،والتربُّح من الوظيفة، واستغلال المال العام لأغراضٍ معينة خاصة .
(4)السرقة، والغِش، وخيانة الأمانة، والرِّشوة
(5)المجاملة في ترسِيَة العَطَاءات والمناقصات عمْدًا على شخصٍ بعينه، ويوجَد مِن بين المتقدِّمين مَن هو أفضلُ منه
(6)الحصول على عمولة من المشتري أو من المورِّد أو مَن في حُكْمهم؛ نَظِير تسهيل بعض الأمور دون عِلْم المالك. وتُعَدُّ من قبيل الرِّشوة المحرَّمة أيضًا.
(7)الاعتداء على الممتلكات العامَّة كالحدائق والمستشفيات والمتنزهات والنهر والبحر
( سرقة الأدوية والتلاعُب بها، مثل:أنْ يقومَ الطبيب بوصْف أدوية لا يحتاج إليها المريضُ من حيث النوعيَّة.والكميَّة، وإعطاء هذه الأدوية للصيدلية المتعاملة. بالمسروقات، فتُباع بسعرٍ أقلَّ من سعر التكلفة لدواءٍ
(9)الهروب والتخفِّي من مُحَصِّل سيارات هيئَة النقْل العام والقطارات.
(10)استخدام سيارات العمل لأغراض خاصة مثل توصيل الأولاد من وإلى مدارسهم أو لشراء حاجيات البيت من السوق أو الجمعية.
ثالثاً : واجبنا نحو المال العام منها مثلا:
(1)إتقان العمل:
-يجب على كل من يقوم على المرافق العامة أن يؤدى عمله بإخلاص وإتقان؛لأن هذه أمانة سيحاسب عليها أمام الله تعالى يوم القيامة :-قال تعالى:وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)التوبة.
-عَنْ عَائِشَةَ،أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ».المعجم الأوسط للطبرانى (897)،وصحيح الجامع (1880) .ومعنى يتقنه أى يُحسنه ويجمله ويكمله ويُجيده
(2)عدم الإسراف فى استخدامها:
-الإسراف في المرافق العامة مذموم كالإسراف في الماء والكهرباء،ويعتبر من إضاعة المال. -قال تعالى:يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) الأعراف -كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ:”إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا:قِيلَ وَقَالَ،وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ” صحيح البخارى (1477). صحيح مسلم (593). -إِضَاعَةُ الْمَالِ فَهُوَ صَرْفُهُ فِي غَيْرِ وُجُوهِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ وَسَبَبُ النَّهْيِ أَنَّهُ إِفْسَادٌ وَاللَّهُ لَا يجب الْمُفْسِدِينَ وَلِأَنَّهُ إِذَا أَضَاعَ مَالُهُ تَعَرَّضَ لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ .(شرح النووى (12/11)
(3)المحافظة على المرافق العامة :
-الحفاظ على المرافق العامة واجب شرعى ووطنى وإنسانى .فعلى كل فرد المحافظة على نظافة المرافق العامة و يعاملها كملكه الخاص فى المحافظة عليها وحمايتها من التلف.
– عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:«لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»صحيح البخارى (13)،صحيح مسلم (45). ولأن هذا من الإيمان بالله تعالى.
-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» صحيح مسلم (35).
ومن فوائد ذلك مثلا:
(أ) مغفرة الذنوب :-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ ،قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ،وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ»صحيح مسلم (1914).
(ب) دخول الجنة :-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، أَنَّهُ قَالَ: «نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ إِمَّا كَانَ فِي شَجَرَةٍ فَقَطَعَهُ وَأَلْقَاهُ، وَإِمَّا كَانَ مَوْضُوعًا فَأَمَاطَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ بِهَا فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ»سنن أبى داود (5245) ، صحيح الجامع (2976)
(4)مراعاة حرمة وحقوق المرافق العامة:
-المرافق العامة لها حقوق وواجبات لابد أن تحترم وتقوم بها حفاظا على المجتمع كله منها مثلا:-عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:«إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟، قَالَ:«غَضُّ الْبَصَرِ،وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ» صحيح مسلم (2121).
(5)العمل على تنمية المرافق العامة:
-يمتد ثواب العمل على تنمية المرافق العامة إلى يوم القيامة ويعتبر من الصدقات الجارية ،عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” سَبْعَةٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ أَجْرَى نَهَرًا ,أَوْ حَفَرَ بِئْرًا،أَوْ غَرَسَ نَخْلًا،أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ” شعب الإيمان للبيهقى (3175).صحيح الجامع (3602)
رابعاً: حرمة التعدى على المال العام:
(1)-ظلم للمجتمع كله :
-قال تعالى : وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) آل عمران.-عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ ،قَالَ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.صحيح مسلم (2578) ظلمات النار والعياذ بالله -إذا كان الله سبحانه قد حرَّم الاعتداء على مال الغير بأى نوع من العدوان، وجعله ظلما يكون ظلمات يوم القيامة،ووضع له عقوبات دنيوية بالحد أو التعزير بما يتناسب مع حجم الاعتداء وأهميته، فإنه حرَّم علينا الاعتداء على الممتلكات العامة” التى هى ملك للجميع والظلم فيه ظلم للغير وللنفس أيضا.(فتاوى در الإفتاء المصرية (10/376))
(2)التعدى يُوجب اللعن والطرد من رحمة الله :
-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِﷺقَالَ:«اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قَالُوا:وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ:«الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ،أَوْ فِي ظِلِّهِمْ»صحيح مسلم (269).(اتقوا اللَّعَّانَيْنِ) يشمل كل ما كان مرفقاً عاماً يرده الناس، سواء كان للسير أو للظل أو للماء أو للسفر أو غيرها، حتى ولو كان المكان خالياً وقت قضاء حاجته، لكن من شأنه أن يشغل بالناس فيما بعد، فلا يجوز له أن يقضي حاجته فيه؛ لأنه يتسبب لنفسه باللعن من الذين يتأذون من هذا العمل في هذا المكان.والله تعالى أعلم.(شرح بلوغ المرام لعطيه سالم (27/20).
-الْمُرَادُ بِاللَّاعِنَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْجَالِبَيْنِ لِلَّعْنِ الْحَامِلَيْنِ النَّاسَ عَلَيْهِ وَالدَّاعِيَيْنِ إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُمَا شُتِمَ وَلُعِنَ يَعْنِي عَادَةُ النَّاسِ لَعْنُهُ فَلَمَّا صَارَا سَبَبًا لِذَلِكَ أُضِيفَ اللَّعْنُ إِلَيْهِمَا قَالَ وَقَدْ يَكُونُ اللَّاعِنُ بِمَعْنَى الْمَلْعُونِ.شرح النووى (3/161)
-لعَنه اللهُ: طرده وأبعده من الخير “لعَنه أهلُه{وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ}معجم اللغة العربية المعاصرة(3/2017)
(3)التعدى فسادا فى الأرض:
-المساس بالمرافق العامة لونًا من الفساد المنهي عنه،فقال سبحانه:وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا (56) الأعراف.وَمن الناس مِنْ يقوم برَمْيِ النُّفَايَاتِ والقاذورات وَتَكْسِيرٍ وَتَخْرِيبٍ فى المُتَنَزَّهَاتِ العامة ويحرم الناس من الاِسْتِفَادَةَ مِنْ هَذِهِ الْأَمَاكِنِ بِسَبَبِ مَا أَصَابَهَا مِنْ تَخْرِيبٍ!! وَكَمْ مِنْ مَكَانٍ تَحَوَّلَ مِنَ النَّظَافَةِ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلنُّفَايَاتِ!! وقَدْ تَنَاثَرَتِ الْأَطْعِمَةُ فِي جَنَبَاتِهِ وَأُلْقِيَتِ الْقُمَامَةُ فِي سَاحَاتِهِ
-عَنْ أَبِي مُوسَى،عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:«إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا، أَوْ فِي سُوقِنَا، وَمَعَهُ نَبْلٌ، فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا بِكَفِّهِ، أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيْءٍ»صحيح مسلم (2615). صحيح البخارى (452).
-وجوب الحذر واليقظة عند المرور بالسلاح في المسجد أو غيره من الأماكن العامة خشية أن يؤذي به أحداً ..مَنار القارى (2/27).
خامساً:من عقوبات استباحة المال العام:
(1)فى الدنيا:الحد والتعزير بما يتناسب مع حجم التعدى:
-إذا كان الله سبحانه قد حرَّم الاعتداء على مال الغير بأى نوع من العدوان،وجعله ظلماً ووضع له عقوبات دنيوية بالحد أو التعزير بما يتناسب مع حجم الاعتداء وأهميته، فإنه حرَّم علينا الاعتداء على الممتلكات العامة التى هى ملك للجميع ، والظلم فيه ظلم للغير وللنفس أيضا.(فتاوى در الإفتاء المصرية (10/376))
(2)من عقوبات استباحة المال العام فى الآخرة مثلاً:
(أ)الفضيحة يوم القيامة:
-قال تعالى :وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ(161) آل عمران .الغلول هو: الخيانة في كل مال يتولاه الإنسان وهو محرم إجماعا،بل هو من الكبائر لأن الغلول من أعظم الذنوب وأشر العيوب. ثم ذكر الوعيد على من غل، فقال:{ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} أي: يأت به حامله على ظهره،حيوانا كان أو متاعا، أوغير ذلك، ليعذب به يوم القيامة.(تفسير السعدى (1/155))
-عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ، قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:«فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا» ثُمَّ خَطَبَنَا،فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ،ثُمَّ قَالَ:” أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى العَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أَفَلاَ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَاللَّهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ”رواه البخارى (6979) ومسلم (1832)
(ب)النار الحارقة يوم القيامة :
-قال تعالى :يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) النساء .أي يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله لا يأكل بعضكم أموال بعض بالباطل وهو كل طريق لم تُبحه الشريعة كالسرقة والخيانة والغصب وما شاكل ذلك.{وَمَن يَفْعَلْ ذلك عُدْوَاناً وَظُلْماً} أي ومن يرتكب ما نهى الله عنه معتدياً ظالماً لا سهواً ولا خطأً {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً} أي ندخله ناراً عظيمة يحترق فيها {وَكَانَ ذلك عَلَى الله يَسِيراً} أي هيناً يسيراً لا عسر فيه لأنه تعالى لا يعجزه شيئ.(صفوة التفاسير (1/248)).-عن عُمَربْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ،أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ ﷺ ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فُلَانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كَلَّا، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ » صحيح مسلم (114)
-قَوْلُهُ ﷺ كَلَّا زَجْرٌ وَرَدٌّ لِقَوْلِهِمْ فِي هَذَا الرَّجُلِ إِنَّهُ شَهِيدٌ مَحْكُومٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ أَوَّلَ وَهْلَةٍ بَلْ هُوَ فِي النَّارِ بِسَبَبِ غُلُولِهِ .(شرح النووى (2/128) .
-فإذا كَانَ الصحابي الذي جاهد مع النبي ﷺ وخرج معه ومع ذلك بسبب فساد نيته يعاقب،فما بالكم بمن يغل وهو ليس في جهاد ولا عمل صالح ولم يقدم شيئاً للإسلام وللمسلمين إلا الخيانة والسرقة، وربما تكون وظيفته هذه أخذها بوسائل غير مشروعة، ومع ذلك يرى وكأن بيت مال الْمُسْلِمِينَ من حقه يأخذ منه كما يشاء ويصرفه كما يشاء،وهذا من عمى البصيرة ونسيان الآخرة. شرح الطحاوية لسفر الحوالى (1/1985)
-عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ:«مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا، فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»صحيح مسلم (1833).فكتمنا مخيطًا”: المخيط :الإبرة، يعني: مَن أخفى منه شيئًا، وسرق منا شيئًا من ذلك المال حتى إبرةً فما فوقها، أو أقلَّ منها؛ يكون ذلك غلولًا؛ أي: خيانة، ويكون ذلك على رقبته إذا جاء يوم القيامة .(المفاتيح فى شرح المصابيح (2/485)).
سادسا ً:ماذا يفعل من استباح المال العام ؟
أولا :لايجوز الاعتداء على المال العام بسرقة أو نهب ونحوه، وفاعل ذلك معتد على عموم المسلمين، لا على الدولة فقط، ومن أخذ شيئا من هذا فإنه لا يملكه، والواجب عليه رده إلى بيت المال (خزينة الدولة) -عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ” عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ “مسند أحمد ط الرسالة (20086)والترمذي (1266)قال الترمذي: حديث حسن صحيح،وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند:حسن لغيره…
-هذا الرد من تمام التوبة، فإنه يشترط لصحة التوبة: رد المظالم والحقوق إلى أهلها، مع الندم والاستغفار والعزم على عدم العود لذلك.لكن إذا تعذر الرد إلى بيت المال، فإنه
يتصدق بما بقي من المال على الفقراء والمساكين.(الإسلام سؤال وجواب(7/282))
ثانيًا: يَلزم مَن أخذَ شيئًا من المال العام من أيِّ طريقة أنْ يردَّه إلى مَحلِّه، ولو سبَّب ذلك حَرَجًا له،فإنْ عجَزَ الإنسان عن إرجاع ما أخَذَ أو سيُسبِّب حدوثَ مَفْسدة أكبر بإرجاعها، فإنها تُجْعَل في مَنْفعة عامَّة للمسلمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.