خطبة بعنوان : ( وقولوا للناس حسنا) للشيخ أيمن حمدى الحداد

عناصر الخطبة
♦أولاً: باقة عطرة من أقوال الحبيب ﷺ.
♦ثانياً: ﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا﴾.
♦ ثالثاً: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾.
نص الخطبة:
الحمد لله رب العالمين خلق الإنسان، وعلمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبدالله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه حق قدره ومقداره العظيم وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن أتبع هداهم إلى يوم الدين؛ أما بعد: فيا أيها المسلمون: إن من أجل النعم التي أنعم الله بها على الإنسان نعمة الإفصاح والبيان قال تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾(الرحمن: ١-٤)، ولقد أمرنا ربنا تبارك وتعالى بحسن القول في عدة مواضع من كتابه العزيز؛ قال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ (البقرة: ٨٣)، وقال تعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِيناً﴾(الإسراء: ٥٣)، فالقول الحسن الطيب يألف بين القلوب ويغرس المحبة والمودة، وفى المقابل فإن فحش القول يفرق بين القلوب والصفوف، ويغرس الأحقاد والضغائن في النفوس فعلى الإنسان أن يلجم لسانه بلجام الإيمان؛ فعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «ألَا أُخْبِرُكُم مَنِ المُسلِمُ؟ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لِسانِه ويَدِه، والمُؤمِنُ مَن أمِنَه الناسُ على أمْوالِهِم وأنْفُسِهم، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ» رواه الترمذي وأحمد.
♦أولاً: باقة عطرة من أقوال الحبيب ﷺ؛ لقد أوتى سيدنا رسول الله ﷺ جوامع الكلام؛ فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «نُصِرْتُ بالرُّعْبِ وأُوتِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ» رواه مسلم.
وهذه باقة عطرة من كلام سيدنا رسول الله ﷺ الرقيق الرقراق الذى فتح به القلوب من ذلك؛
– يفتتح ﷺ الكلام باسم الله ولا يتكلم بغير حاجة؛ فعن الحسن بن علي، قال: سألت خالي هند بن أبي هالة، وكان وصافاً، فقلت: صف لي منطق رسول الله ﷺ، قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ دَائِمَ الْفِكْرَةِ لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ، طَوِيلُ السَّكْتِ، لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، يَفْتَتِحُ الْكَلَامَ وَيَخْتِمُهُ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، كَلَامُهُ فَصْلٌ، لَا فُضُولَ وَلَا تَقْصِيرَ» الشمائل المحمدية الترمذي.
– يتكلم ﷺ بكلام مفصَّل مبين، يستطيع سامعه أن يعيَ ويفهمَ عنه ما يقول؛ فعن عائشة رضي الله عنها: «إن النبي ﷺ كان يحدث حديثًا لو عدَّه العادُ لأحصاه» متفق عليه.
وعنها: «ما كان يسرد سردكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام بَيْنَهُ فصلٌ، يفهمه كل من سمعه» رواه الترمذي.
وعن أنس رضي الله عنه: «إن النبي ﷺ كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم عنه» رواه البخاري.
– يرفق ﷺ عند النصحية؛ فعن أَنَسٌ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى عَلَى رَجُلٍ صُفْرَةً فَكَرِهَهَا، قَالَ: «لَوْ أَمَرْتُمْ هَذَا أَنْ يَغْسِلَ هَذِهِ الصُّفْرَةَ» قَالَ: وَكَانَ لَا يَكَادُ يُوَاجِهُ أحداً فِي وَجْهِهِ بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ. رواه أحمد.
ولذا كثيراً ما كان يقول ﷺ: «ما بال أقوام يفعلون كذا»
– يفشى السلام؛ فعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّه ﷺ إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ، وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» رواه أبو دواد.
– لا يعيب طعاماً؛ فإذا قُدم له طعام وعافته نفسه ولم يعجبه لم ينتقده؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «مَا عَابَ النَّبِيُّ ﷺ طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ» رواه الشيخان.
– يقدر ﷺ أصحابه؛ فكان يثني عليهم إظهاراً لعلوً قدرهم، فنجده ﷺ يصف أصحابه بصفات تُعَزِّز من الألفة والتقارب بينه وبينهم، فيقول فى الصديق والفاروق رضى الله عنهما: «وَأَمَّا وَزِيرَاي مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ»رواه الترمذي.
– ويقول فى أبى عبيدة رضى الله عنه: «وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بِنُ الجَرَّاحِ» رواه البخاري.
ويقول فى الزبير بن العوام رضى الله عنه: «الزُّبَيْرُ ابْنُ عَمَّتِي وَحَوَارِيِّي مِنْ أُمَّتِي» رواه أحمد.
– ويقول فى سلمان الفارسي رضى الله عنه :«سلمان منا آل البيت»رواه الحاكم.
– ويثنى على أبى طلحة رضى الله عنه فيقول ﷺ
:«لصوتُ أبي طلحة في الجيش أشدُّ على المشركين من فئة،» رواه أحمد.
وفى رواية: «لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل» رواه الحاكم.
– ويقول فى عبدالله بن عمر رضى الله عنهما: « إنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ، لو كانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ» قالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذلكَ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ» رواه البخارى.
وبين ﷺ فضل أصحابه رضى الله عنهم فيقول: «خيرُ الناس قرْني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» متفق عليه.
– وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ :«لا تسبُّوا أصحابي؛ فلوا أنَّ أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهباً، ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه» متفق عليه.
– يدعو لهم ﷺ بالخير؛ فعن أنس رضي الله عنه قال: «خرج رسول الله ﷺ إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلما رأى ما بهم من النَّصَب، والجوع» قال: «اللَّهُمَ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَة.. فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَة»، فقالوا مجيبين له: «نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبداً» رواه البخاري.
– يجبر ﷺ الخواطر؛ وخير شاهد على ذلك حديثه إلى الأنصار بعد غزوة حنين حيث خاطبهم قائلاً: «يا معشر الأَنصار: مقالةٌ بلغتني عنكم، وجِدَة وجدتموها عليّ في أَنفُسكم؟ ألم آتكم ضُلّالا فهداكم اللَّهُ، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ، وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ! قَالُوا: بَلَى، اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَار؟ قَالُوا: بِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ للَّه وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ، قَالَ ﷺ: أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ، فَلَصَدَقْتُمْ وَلَصُدِّقْتُمْ: أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلًا فَآسَيْنَاكَ أَوَجَدْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكَلْتُكُمْ إلَى إسْلَامِكُمْ، أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَرْجِعُوا بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى رحالكُمْ؟ فوالّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ، اللَّهمّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ»، فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قَسْمًا وَحَظًّا. ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَتَفَرَّقُوا».
– يواسى ﷺ الناس في وقت الشدة والبلاء؛ فعندما رأي ﷺ جابر بن عبد الله مهموماً حزيناً، فقال: «يا جابرُ ما لي أراكَ منكسِراً قال: يا رسولَ اللَّهِ استُشهِدَ أبي وترَك عليهِ دينًا وعيالًا فقال ألا أبشِّرُك بما لقيَ اللَّهُ بهِ أباكَ إنَّ اللَّهَ لم يُكلِّم أحدًا من خلقِه قطُّ إلَّا من وراءِ حجابٍ وإنَّ اللَّهَ أحيا أباكَ فَكلَّمَه كفاحًا وقالَ يا عبدي تمنَّ عليَّ ما شئتَ أعطيكَ قال تردَّني إلى الدُّنيا فأقتلُ فيكَ فقال تبارَك وتعالى لا إنِّي أقسمتُ بيمينٍ أنَّهم إليها لا يُرجَعونَ يعني الدُّنيا» رواه الترمذي.
وعن أبي سعيد الخدري قَالَ: «أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ». فَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مترفقاً بحاله: «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ» رواه مسلم..
– يرسخ ﷺ قيمة الإحترام بين الناس؛ فينهاهم عن السخرية؛ فعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَجْتَنِي سِوَاكًا مِنْ الْأَرَاكِ وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ فَجَعَلَتْ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ« مِمَّ تَضْحَكُونَ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ.» رواه أحمد..
– يمزح ﷺ ولا يقول إلا حقاً؛ فكان مزاحه تأليفاً وتفاعلاً مع أصحابه، وإدخالاً للسرور عليهم فلم يمنعه ﷺ مقام النبوة والرسالة أن يكون منبسطاً معهم، ويضاحكهم فعن صهيب أنه قدم على النبي ﷺ وبين يديه تمر وخبز قال :«أدن فكل» فأخذ يأكل من التمر، فقال له النبي ﷺ: «إن بعينك رمداً»، فقال: يا رسول الله: إنما آكل من الناحية الأخرى. فتبسم رسول الله ﷺ» رواه أحمد.
– يقدر ﷺ صغار السن؛ فعن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ أُتِيَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلاَمِ: «أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلاَءِ؟”، فَقَالَ الغُلاَمُ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي يَدِهِ» متفق عليه.
– وعن انس بن مالك انه قال: كانَ النَّبيُّ ﷺ أحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وكانَ لي أخٌ يُقَالُ له: أبو عُمَيْرٍ قالَ: أحْسِبُهُ- فَطِيمًا، وكانَ إذَا جَاءَ قالَ: يا أبَا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ نُغَرٌ كانَ يَلْعَبُ به، فَرُبَّما حَضَرَ الصَّلَاةَ وهو في بَيْتِنَا، فَيَأْمُرُ بالبِسَاطِ الذي تَحْتَهُ فيُكْنَسُ ويُنْضَحُ، ثُمَّ يَقُومُ ونَقُومُ خَلْفَهُ، فيُصَلِّي بنَا» رواه البخاري.
عباد الله: إذا أردنا أن تسود بيننا روح المودة والمحبة فعلينا أن نتأسى بما كان عليه سيدنا رسول الله ﷺ من طيب الكلام ومكارم الأخلاق؛ قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾(الأحزاب: ٢١)،
♦ثانياً: ﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا﴾؛ لقد علم الصالحون أن الإنسان مسؤول عن كلّ لفظ يخرج من فمه حيث يسجل ويحاسب عليه؛ قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾(ق: ١٨)، وعنْ أَبي هُريرَة رضي الله عنه قَالَ: قال رسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَقَاهُ اللَّه شَرَّ مَا بيْنَ لَحْييْهِ، وشَرَّ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ دَخَلَ الجنَّةَ» رَوَاه التِّرمِذي وقال: حديث حسنٌ.
وَعَنْ عُقْبةَ بنِ عامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسول اللَّهِ مَا النَّجاةُ؟ قَال: «أمْسِكْ عَلَيْكَ لِسانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بيْتُكَ، وابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ» رواه الترمذي وقالَ: حديثٌ حسنٌ.
وصدق القائل:
احـفظ لســانك أيهـا الإنســـــان
لا يلــــدغـنـــك إنـــه ثعــبـــان
كـم فـي المقابر مـن قتيل لسـانه
كـانت تخــاف لقـاءه الشــجعان
لذلك كان الصالحون يحرصون على حفظ ألسنتهم عن فضول الكلام من أمثلة ذلك:
– لقد دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه، فقال له عمر: مه، غفر الله لك، فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد.
– وكان عمر رضي الله عنه يقول: من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به.
– وكان ابن عباس رضي الله عنهما يأخذ بلسانه وهو يقول: ويحك قل خيراً تغنم، أو اسكت عن سوء تسلم، وإلا أنك ستندم. فقيل له: يا ابن عباس! لم تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أن الإنسان ليس على شيء من جسده أشد حنقاً أو غيظاً منه على لسانه، إلا من قال به خيراً، أو أملى به خيراً.
– وكان ابن مسعود رضي الله عنه يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان.
– وعن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ما اتَّقى اللَّهَ أحدٌ حَقَّ تُقاتِه حتَّى يَخزُنَ من لسانِه.
– وقال عَمرُو بنُ العاصِ رَضِيَ اللَّهُ عنه: الكَلامُ كالدَّواءِ؛ إن أقلَلْتَ منه نَفَع، وإن أكثَرْتَ منه قَتَل.
– وقال مالِكُ بنُ دينارٍ: كان الأبرارُ يتواصَون بثلاثٍ: بسَجنِ اللِّسانِ، وكَثرةِ الاستِغفارِ، والعُزلةِ.
– وعن الحَسَنِ قال: ما عَقَلَ دِينَه مَن لم يَحفَظْ لِسانَه.
– وعنه قال: اللِّسانُ أميرُ البَدَنِ، فإذا جنى على الأعضاءِ بشيءٍ جَنَت، وإن عَفَّ عفَّت.
– قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: من علم أن كلامه من عَمَلِهِ، قل كلامه إلا فيما يعنيه.
ولقد دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئاً
فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذباً فأنت من أهل هذه الآية: ﴿إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾(الحجرات: ٦)، وإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية: ﴿هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ﴾(القلم: ١١﴾، وإن شئت عفونا عنك؟
فقال: العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبداً.
– ولقد كان إبراهيم النخعي إذا طلبه من يكره أن يخرج إليه وهو في الدار قال للجارية: قولي له اطلبه في المسجد ولا تقولي له ليس هاهنا كيلا يكون كذباً.
– وقال محمد بن عجلان: إنما الكلام أربعة: أن تذكر الله، وتقرأ القرآن، وتسأل عن علم فتخبر به، أو تكلم فيما يعنيك من أمر دنياك. فليس الكلام مأمورا به على الإطلاق ولا السكوت مأموراً به على الإطلاق، بل لا بد من الكلام في الخير العاجل والآجل، والسكوت عن الشر الآجل والعاجل، واللسان ترجمان القلب والمعبر عنه وقد أمرنا باستقامة القلب واللسان، قال ﷺ: «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه» رواه الإمام أحمد في مسنده.
– قال جبير بن عبد الله: شهدت وهب ابن منبه وجاءه رجل فقال: إن فلاناً يقع منك، فقال وهب: أما وجد الشيطان أحداً يستخف به غيرك؟ فما كان بأسرع من أن جاء الرجل، فرفع مجلسه وأكرمه.
– ولقد اغتاب رجل عند معروف الكرخي فقال له: اذكر القطن إذا وُضع على عينيك.
–ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ من أكل الحرام والظلم والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى ذلك الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً، ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد ما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول.
– ولقد روى الربيع بن صبيح أن رجلاً قال للحسن: يا أبا سعيد إني أرى أمراً أكرهه
قال: وما ذاك يا ابن أخي؟
قال: أرى أقواماً يحضرون مجلسك يحفظون عليك سقط كلامك ثم يحكونك ويعيبونك
فقال: يا ابن أخي: لا يكبرن هذا عليك، أخبرك بما هو أعجب
قال: وما ذاك يا عم؟
قال: أطعت نفسي في جوار الرحمن وملوك الجنان والنجاة من النيران ومرافقة الأنبياء ولم أطع نفسي في السمعة من الناس، إنه لو سلم من الناس أحد لسلم منهم خالقهم الذي خلقهم، فإذا لم يسلم من خلقهم فالمخلوق أجدر ألا يسلم.
– ولقد قال رجل لعمرو بن عبيد: إن الأسواري مازال يذكُرك في قصصه بشرٍ.
فقال له عمرو: يا هذا، ما رعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه، ولا أديت حقي حين أعلمتني عن أخي ما أكره، ولكن أعلمه أن الموت يعُمنا والقبر يضمنا والقيامة تجمعنا، والله تعالى يحكم بيننا وهو خير الحاكمين.
– وقال محمَّدُ بنُ واسِعٍ لمالِكِ بنِ دينارٍ: يا أبا يحيى؛ حِفظُ اللِّسانِ أشَدُّ على النَّاسِ مِن حِفظِ الدِّينارِ والدِّرهَمِ..
فاتقوا الله عباد الله وتمسكوا بما كان عليه أسلافكم الكرام رضي الله عنهم تفوزوا في الدارين
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لى ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى أما بعد: فيا أيها المسلمون: إن الإنسان قد يرتفع بقوله فى درجات الجنان، أو يهبط إلى قاع النيران؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال رسول الله ﷺ: «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ» رواه البخاري.
وعنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْـمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ. فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» رواه مسلم.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قُلتُ: يا نبيَّ اللهِ، إِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟ قال: «ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِعلَى وجوهِهِم أوعلَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم» رواه الترمذي.
فعلى العاقل أن يلجم لسانه عن فضول الكلام وأن يلزم لسانه بالطيب من القول.
♦ ثالثاً: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ لقد وصف
الله عز وجل عباده المؤمنين بالهداية إلى الطيب من القول من ذلك؛
– أطيب كلمة هى كلمة التوحيد؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ ترَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾(إبراهيم :٢٤-٢٥)،
– إنها العروة الوثقى وأجرها عظيم؛ فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «مَن قالَ في يومٍ مائةَ مرَّةٍ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شيءٍ قدير، كانَ لَهُ عدلُ عشرِ رقابٍ، وَكُتِبَت لَهُ مائةُ حَسنةٍ، ومُحيَ عنهُ مائةُ سيِّئةٍ، وَكُنَّ لَهُ حِرزًا منَ الشَّيطانِ، سائرَ يومِهِ إلى اللَّيلِ، ولم يأتِ أحدٌ بأفضَلَ ممَّا أتى بِهِ، إلَّا من قالَ أَكْثرَ» متفق عليه.
– أحب الكلام إلى الله عز وجل؛ فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ» رواه مسلم
وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ»
رواه الترمذي.
– وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟» فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ:«يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ» رواه مسلم ..
– وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾(الأحزاب: ٤١-٤٢)،
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أن رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ»، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ» رواه مسلم.
– المدوامة على الإستغفار؛ لقد وعد الله عز وجل المستغفرين الجنة؛ فعَن عائشةَ رضي اللَّه عنها قالَت:«طوبى لِمن وجدَ في صَحيفتِهِ استغفارًا كثيرًا» رواه البيهقى.
– وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ. قالَ: ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ» رواه البخاري.
– الأمر بالمعروف؛ قال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾(آل عمران: ١١٠)،
وعَنْ حُذيفةَ رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ :«والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بالْمَعْرُوفِ، ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّه أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجابُ لَكُمْ» رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ.
– ولا بد أن يكون الأمر بالمعروف بمعروف وأن يكون النهى عن المنكر بغير منكر فلما أرسل الله عز وجل موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون أمرهما بالترفق معه في القول؛ قال تعالى: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾(طه: ٤٤)، وقَالَ تَعَالَى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ (النحل:١٢٥)، وعن أَبِي هُريرةَ رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِم شَيْئًا، ومَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» رواه مسلم.
– التعاون بكلمة خير قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾(المائدة:٢)، وعن أَبِي مسعودٍ عُقبَةَ بْن عمْرٍو الأَنْصَارِيِّ البدري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلهُ مثلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» رواه مسلم.
– وعن أبى ذر الغفارى قال رسول الله ﷺ: «وإرشادُك الرَّجلَ في أرضِ الضَّلالةِ لك صدَقةٌ وإماطتُك الأذَى والشَّوْكَ والعظْمَ عن الطَّريقِ لك صدقةٌ وإفراغُك من دلْوِك في دلْوِ أخيك لك صدقةٌ» رواه المنذرى.
– الإخبار بالحب؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مَرَّ رجُلٌ بالنَّبيِّ ﷺ وعِندَ النَّبيِّ ﷺ رجُلٌ جالِسٌ، فقال الرَّجُلُ: واللهِ يا رسولَ اللهِ، إنِّي لَأُحِبُّ هذا في اللهِ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ:«أخبَرْتَه بذلك؟» قال: لا، قال: «قُمْ فأَخبِرْهُ؛ تَثْبُتِ المَودَّةُ بيْنكما»، فقام إليه فأخبَرَه، فقال: إنِّي أُحِبُّك في اللهِ، أو قال: أُحِبُّك للهِ، فقال الرَّجُلُ: أَحَبَّك الذي أحبَبْتَني فيه.
رواه أبو دواد والترمذى والنسائى.
– الإصلاح بين الناس؛ قال تعالى: ﴿لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾(النساء: ١١٤)، وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «ما عُمِل شيءٌ أفضلَ من الصَّلاةِ وإصلاحِ ذاتِ البيْنِ وخُلُقٍ جائزٍ بين المسلمين» رواه المنذرى.
– تعطير الأفواه بالصلاة والسلام على الحبيب ﷺ؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾(الأحزاب: ٥٦)، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «من ذُكرتُ عِندَه فليُصلِّ عليَّ ، فإنَّهُ من صلَّى عليَّ مرةً صلَّى اللهِ عزَّ وجلَّ عليْهِ عشرًا» رواه النسائي.
وعن أبى بن كعب رضي الله عنه قال: قلتُ يا رسولَ اللهِ! إني أُكثِرُ الصلاةَ عليك، فكم أجعلُ لك من صلاتي؟ فقال: ما شئتَ، قلت: الربعَ؟ قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك، قلتُ: النصفَ؟! قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك، قلت: فالثُّلُثَيْنِ؟ قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك، قلتُ : أجعلُ لك صلاتي كلَّها؟! قال: إذًا تُكْفَى همَّك، ويُكَفَّرُ لك ذنبَك» رواه أحمد.
فاتقوا الله عباد الله وأكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ﷺ وقولوا التى هي أحسن تفوزوا برضوان ربكم جل وعلا.
اللهم أجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وأقم الصلاة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.