خطبة بعنوان (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) تنشر لأول مرة للدكتور مسعد الشايب
adminaswan
19 أكتوبر، 2024
خطب منبرية, د / مسعد الشايب
413 زيارة
((وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)) ((تنشر لأول مرة))
الجمعة الموافقة 22 من ربيع الثاني 1446هـ الموافقة 25/10/2024م
==========================
أولا: العناصر:
1. دعوة الشريعة الإسلامية لالتزام القول الحسن.
2. أربعةٌ من صور، وأشكال القول الحسن في الشريعة الإسلامية.
3. الخطبة الثانية: (التحذيرُ مِنْ ستةٍ مِنْ حصائد الألسنة).
ثانيا: الموضوع:
الحمد لله ربّ العالمين، هدانا إلى الحق وإلى طريق مستقيم، سبحانه، سبحانه أمرنا بالأخلاق الطيبات وأبان لنا طرقها، ونهانا عن الرذائل والخبائث وحذرنا سوء عاقبتها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلاة وسلاما عليه دائمين متلازمين إلى يوم الدين وعلى آله وصحبه وأتباعه وأحبابه إلى يوم الدين، وبعد أيها الأحبة الكرام:
===========================
(1) ((دعوة الشريعة الإسلامية إلى التزام القول الحسن))
============================
فإن ديننا الإسلامي هو دين المثل والقيم والأخلاق، وما أرسل نبينا (صلى الله عليه وسلم) إلا ليتمم صالح الأخلاق، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ) (رواه أحمد).
ومن أخلاق الإسلام العالية، ومن مثله، وقيمه السامية، التزام القول الحسن؟ فكيف دعتنا الشريعة الإسلامية إلى التزام القول الحسن؟ وهل من نماذج لصوره وأشكاله؟ وما هي حصائد الألسنة؟ هذا ما سنتعرف عليه بإذن من الحق تبارك في لقاء الجمعة الطيب المبارك، فأعيروني يا عباد الله القلوب وأصغوا إليّ بالآذان والأسماع، فأقول وبالله التوفيق:
===
_ لقد رغبتنا الشريعة الإسلامية في التزام القول الحسن لما فيه من القضاء على نزغات (إفساد) الشيطان بيننا، فالشيطان قد يقلب الكلام السيئ إلى عداوة، وخصومة، وأفعال لا تحمد عقباها، وصدق الله إذ يقول مخاطبًا نبينا (صلى الله عليه وسلم): {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}[الإسراء:53]، أي: ظاهر العداوة لبني الإنسان، منذ أُمر بالسجود لأبيهم آدم (عليه السلام).
===
_ كذلك رغبتنا الشريعة الإسلامية في التزام القول الحسن لما له من أثر كبير في إصلاح النفوس، وإذهاب ما بها من المساوئ والرذائل، وإقلاب العدو اللدود إلى صديق حميم، فقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ*وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:35،34]، أي: وما يقبل هذه الوصية، ويعمل بها إلا من صبر عليها، فإنها من الأمور الشاقة على النفوس، {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}، أي: ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والأخرة.
===
_ وبينت لنا الشريعة الإسلامية أن الله (عزّ وجلّ) في عليائه لا يحب القول السيئ ولا يرضى بالجهر به إلا في حالة الظلم فقط، فقال تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}[النساء:148].
===
_ كما بينت الشريعة الإسلامية أن التزام القول الحسن أمرت به الأمم السابقة، فهو من القواسم الأخلاقية المشتركة بين جميع الأمم، وهذا أدعى لتآلفها، وصدق الله إذ يقول: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ}[البقرة:83].
===
_ وها هو نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: (…وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ)(اللفظ لمسلم)، فالقول الخير: هو القول الحسن، الداعي إلى حق، أو هدى، أو صواب…وهكذا، ومن صوره في شريعتنا الإسلامية الغراء:
====
(2) ((أربعةٌ من صور، وأشكال القول الحسن في الشريعة الإسلامية))
===
1ـ إفشاء السلام: أي: إظهارُه، وإذاعتُه، ونشرُه، والإكثارُ منه بين الأفراد، والمجتمعات، وهو حقٌ من حقوق المسلم على أخيه المسلم فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ). قيل: ما هن يا رسول الله؟. قال: (إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَسَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ)(رواه مسلم)، وقد حثتنا الشريعة الإسلامية على إفشاء السلام بعدة طرق، منها:
===
* أمره (صلى الله عليه وسلم) بإلقاء السلام على من عرفنا، وعلى من لم نعرف، وَجَعْلُ ذلك من خير الخصال التي يتحلى بها الإنسان في الإسلام، فعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما)، أن رجلا سأل النبي (صلى الله عليه وسلم): أي الإسلام خير؟. قال: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ)(متفق عليه).
* كما أنه (صلى الله عليه وسلم) جعل من يبدأ الناس بالسلام أولاهم بعناية الله، ورحمته، وعطفه، وكرمه، فعن أبي أمامة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ)(رواه أبو داود)، أي: أولاهم بعفوه، ورحمته، وعونه.
* وجعل (صلى الله عليه وسلم) إفشاء السلام سببًا من أسباب دخول الجنة، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ)(رواه مسلم)، ومن القول الحسن أيضًا:
2ـ إسداء النصح، فنبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)(رواه مسلم)، والنصيحة مشتقةٌ من نصحت العسل إذا صفيته، يقال: نصح الشيء إذا خلص، ونصح له القول إذا أخلصه له، أو هي مشتقةٌ من النصح وهي الخياطة المنصحة، وهي الإبرة، والمعنى أنه يلم شعث أخيه بالنصح كما تلم المنصحة الثوب، فهي كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له.
* ومعنى (الدين النصيحة): أي: معظم الدين النصيحة، كما قيل: (الحج عرفة)، ويحتمل أن يحمل على ظاهره من الإخلاص؛ لأن كل عمل لم يرد به عامله الإخلاص فليس من الدين في شيء، فالدين يطلق على العمل لكونه سمى النصيحة دينًا.
* والنصيحة لله (عزّ وجلّ): تعني وصفه بما هو له أهل من الصفات الجلال والكمال، والخضوع له ظاهرًا وباطنًا، والرغبة في رضاه ومحبته بفعل طاعته، والرهبة من غضبه وسخطه بترك معصيته، والجهاد في رد العاصين إليه، وقد سئل عيسى (عليه السلام) يا روح الله من الناصح لله؟. قال: الذي يقدم حق الله على حق الناس.
*والنصيحة لكتاب الله (عزّ وجلّ): تعني تعلمه وتعليمه، وإقامة حروفه في التلاوة، وتحريرها في الكتابة، وتفهم معانيه وتدبرها، وحفظ حدوده والعمل بما فيه، وذبً تحريف المبطلين عنه، وردّ شبه وافتراءات المشككين…الخ.
* والنصيحة لرسوله (صلى الله عليه وسلم): تعني تعظيمه ونصره حيًا وميتًا، وإحياء سنته بتعلمها وتعليمها، والاقتداء به في أقواله وأفعاله، ومحبته، ومحبة أتباعه.
*
* والنصيحة لأئمة المسلمين: تعني إعانتهم على ما حملوا القيام به من أمور الناس ومصالحهم، وتنبيههم عند الغفلة، وسد خلتهم عند الهفوة، وجمع الكلمة عليهم، وردّ القلوب النافرة إليهم، ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن، ومن جملة أئمة المسلمين أئمة الاجتهاد: وتقع النصيحة لهم ببث علومهم ونشر مناقبهم وتحسين الظن بهم.
===
* والنصيحة لعامة المسلمين: تعني الشفقة عليهم، والسعي فيما يعود نفعه عليهم، وتعليمهم ما ينفعهم، وكفّ وجوه الأذى عنهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه.
ومن نصح نبينا (صلى الله عليه وسلم) لأمته:
ما جاء عن سيدنا جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، أن رجلًا من بني عُذرة أعتق عبدًا له عن دبر (أي: علق عتقه بموته فقال أنت حر يوم أموت، ولم يكن له مال غيره، فاحتاج ذلك الرجل)، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: (أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟). فقال: لا. فقال: (مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟). فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي (رضي الله عنه) بثمان مائة درهم، فجاء بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فدفعها إليه (إلى صاحب العبد)، ثم قال له ناصحًا): (ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا) يقول: (فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ)(اللفظ لمسلم)، ومعنى الحديث: النصح بعدم التصدق، أو العتق، أو الهبة والانسان محتاجٌ إليه.
===
ومن آداب النصيحة: أن تكون النصيحة سراً لا علانية وجهرًا، وخصوصًا إذا كان لولاة الأمر، فهذا أدعى لقبول النصح، ولدرء المفاسد أيضًا، وهذا من هدي السلف الصالح من الصحابة وغيرهم.
فقد قيل لسيدنا أسامة بن زيد (رضي الله عنه): ألا تدخل على عثمان فتكلمه؟ (أي: في زمن الفتنة، والثورة عليه). (أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ؟ وَاللهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، مَا دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ، وَلَا أَقُولُ لِأَحَدٍ…)(اللفظ لمسلم)، وقد كان الأئمة: الأوزاعي، وابن المبارك، والنووي وغيرهم؛ يكتبون لولاة الأمر برسائل النصح من الكتاب والسنة، ويبعثون إليهم بها سرًا، ومن القول الحسن أيضًا:
3ـ تقويم السلوك المعوج، بكل لطف، ورأفة، ويسر، وسهولة، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن أعرابيًا، وهو (ذو الخويصرة اليماني) دخل المسجد ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) جالس فصلى ركعتين، ثم قال: اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): (لَقَدْ تَحَجَّرْتَ (ضيقت) وَاسِعًا). ثم لم يلبث هذا الإعرابي أن بال في ناحية من المسجد، فأسرع الناس إليه (ليعاقبوه)، فنهاهم النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال: (إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ، صُبُّوا عَلَيْهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ)(رواه أبو داود).
وفي رواية: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (لَا تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ)، أي: لا تقطعوا عليه بوله، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعاه فقال له: (إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ)، وَالصَّلَاةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ)(رواه مسلم).
===
وعن أبي أمامة (رضي الله عنه): إن فتى شابا أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه. مه. فقال: (ادْنُهْ). فدنا منه قريبًا. قال: فجلس، فقال: (أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟). قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ). قال: (أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟). قال: لا. والله يا رسول الله جعلني الله فداءك قال: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ). قال: (أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟). قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ). قال: (أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟). قال: لا. والله جعلني الله فداءك. قال: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ). قال: (أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟). قال: لا، والله جعلني الله فداءك. قال: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ). قال: فوضع يده عليه وقال: (اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ). قال (أبو أمامة): فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. (رواه أحمد والطبراني في الكبير).
===
وانظروا إلى سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد كلمه سيدنا أسامة بن زيد (رضي الله عنهما) في شأن المرأة المخزومية التي سرقت. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)(متفق عليه)، ومن القول الحسن أيضًا:
=====
4ـ النهي عن الغلو في الدين والتشدد في أداء العبادة، فقد قال نبينا (صلى الله عليه وسلم): (…وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ)(رواه النسائي)،
وقال (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) ناهيًا له عن الغلو، والتشدد: (يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟). فقال: بلى يا رسول الله قال: (فَلاَ تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا…)(متفق عليه)، وفي رواية: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال له: (إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، وَلَا تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ رَبِّكَ، فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا سَفَرًا قَطَعَ، وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى، فَاعْمَلْ عَمَلَ امْرِئٍ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَمُوتَ أَبَدًا، وَاحْذَرْ حَذَرًا يَخْشَى أَنْ يَمُوتَ غَدًا) (السنن والشعب للبيهقي).
===
وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المسجد، وحبلٌ ممدودٌ بين ساريتين، فقال: (مَا هَذَا؟). قالوا: لزينب (بنت جحش) تصلي، فإذا كسلت، أو فترت أمسكت به. فقال: (حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ، أَوْ فَتَرَ قَعَدَ)(متفق عليه).
===
وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أيضًا، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رأى شيخا يهادى بين ابنيه (يمشي بينهما معتمدًا عليهما)، قال: (مَا بَالُ هَذَا؟)، أي: ما شأنه يمشي هكذا. قالوا: نذر أن يمشي (أي: إلى الكعبة)، فقال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ)(متفق عليه).
===
وعن ابن عباس (رضي الله عنهما)، قال: بينا النبي (صلى الله عليه وسلم يخطب)، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): (مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ)(رواه البخاري).
===
وعن جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما)، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر، فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه، وقد ظلل عليه، فقال: (مَا لَهُ؟). قالوا: رجل صائم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ)(اللفظ لمسلم).
عباد الله أقول قولي هذا، وأستغفر الله العليّ العظيم لي ولكم، فادعوا الله، وأنتم موقنون بالإجابة، فالتائب من الذنب……….
===============================
(الخطبة الثانية)
((التحذيرُ مِنْ ستةٍ مِنْ حصائد الألسنة))
==================================
الحمد لله رب العالمين، أعدّ لمَنْ أطاعه جنات النعيم، وسعرّ لمَنْ عصاه نار الجحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
===
أيها الأحبة الكرام: فمازال الحديث بنا موصولا مع الدعوة إلى التحلي، والتجمل، والتخلق بالقول الحسن، ومن كمال الشريعة الإسلامية أنها كما ضربت لنا أمثلة ونماذج للقول الحسن من باب الترغيب؛ فإنها من باب الترهيب حذرتنا من حصائد الألسنة (الأقوال السيئة) على لسان المصطفى (صلى الله عليه وسلم).
فنبينا (صلى الله عليه وسلم) ذات يومٍ كان ينصح سيدنا معاذ (رضي الله عنه) بكف لسانه، ومنعه عن التكلم بغير المباح، فتساءل سيدنا معاذ (رضي الله عنه) قائلا: (يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟). فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ)(رواه أحمد)،
أي: ما يجمعونه بألسنتهم، على تشبيه ما يتكلم به الإنسان بالزرع المحصود بالمنجل (آلة للقطع عند الفلاح قديمًا، وما زالت). فكما أن المنجل يقطع من غير تمييز بين رطب ويابس، وجيد ورديء، ونافع وغير نافع، كذلك لسان الإنسان المكثار من الكلام من غير تمييز بين ما يحسن ويقبح، ومراد النبي (صلى الله عليه وسلم) التحذير من آفات اللسان، ومحصوده القبيح، فمن حصائد الألسنة القبيحة:
======
1ـ الغيبة، وهي أن تذكر أخاك لفظًا أو إشارة أو محاكاة في عدم حضوره بما يكره من الصفات والعيوب، سواء كان ذلك في بدنه، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خلقه، أو ماله. فإن كان ذلك متوافرًا فيه فقد اغتبته، وإن لم يكن متوافرًا فقد بهته، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟). قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: (ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ). قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: (إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ)(رواه مسلم)، ومن حصائد الألسنة القبيحة أيضًا:
======
2ـ السخرية من الناس والاستهزاء بهم، والاحتقار لهم، فالله (عزّ وجلّ) خلق الناس متساوية كأسنان المشط، لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح، والله (عزّ وجلّ) هو الذي يعلم المفضول من الفاضل، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحجرات:11].
وقال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}[الهمزة:1]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الخَبَالِ)(رواه الترمذي)، ومن حصائد الألسنة القبيحة أيضًا:
3ـ تشويه سمعة الغير، وتشويه السمعة يعني: تشويه العرض والشرف باختلاق الأكاذيب، وافتراء ما لا يصح على الأفراد والجماعات، بل وعلى دول والأوطان، والأمم، بل وعلى الديانات أيضًا، وهو في تلك الحالة الثانية يكون من قبيل المجاز.
ونحن مأمورون بالتوقف عن سماع هذه الأشياء والتثبت منها، وإحسان الظنّ بالأخرين، قال تعالى في معرض الحديث عن حادثة الإفك: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}[النور:16]، وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء:36]، أي: لا تقل ما ليس لك به علم فلا تقل رأيت؛ ولم تر، ولا سمعت؛ ولم تسمع, ولا علمت؛ ولم تعلم، ولا ترم أحدًا بما ليس لك به علم، قال تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ}[النور:12]، ومن حصائد الألسنة القبيحة أيضًا:
======
4ـ تأليب وإثارة الشرور على الناس بوجه عام، بغير وجه حق، كشكايتهم، والكذب عليهم، وإلصاق التهم بهم ظلمًا وزروًا وبهتانًا…الخ، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات:6].
وحينما سحر لبيد بن الأعصم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيل إليه (صلى الله عليه وسلم) أنه يفعل الشيء وما فعله، ويرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، حتى أعلمه الله (عزّ وجلّ) بالسحر ومكانه، وأعلمه بالساحر، وكيفية العلاج، فقالت السيدة عائشة (رضي الله عنها): (أفلا أحرقته) تعني الساحر لبيد بن الأعصم، فقال (صلى الله عليه وسلم) معلمًا لنا عدم إثارة الشرور على أحد: (لَا أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِي اللهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا…)(اللفظ لمسلم).
وقال (صلى الله عليه وسلم) أيضًا: (إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ)(رواه ابن ماجه)، وعن علي (رضي الله عنه) قال: (لَا تَكُونُوا عُجُلاً مَذاييعَ بُذُرَاً، فَإن مِن وَرائِكُم بَلاءً مُبْرَحَاً)(الأدب المفرد)، ومن حصائد الألسنة القبيحة أيضًا:
5ـ الفحش والبذاءة في القول، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ)(رواه الترمذي)، و(الفاحش): هو الذي يتكلم بما يُكره سماعه، أو يرسل لسانه بما لا ينبغي. و(البذيء): هو المتكلم بالكلام المنبوذ القبيح، كالسبّ، والشتم، وقذف الأعراض، ومن حصائد الألسنة القبيحة أيضًا:
6ـ الكذب، وترديد الإشاعات والأراجيف، فالحق تبارك وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب:70]. ورسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يقول: (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ يَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَالْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا)(متفق عليه).
فعلى المرء المسلم الموحد ألا ينطق إلا بالقول الحسن السديد الداعي للإصلاح، والبناء والتعمير…وهكذا، فقد قال (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)َ: (…وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ)(اللفظ لمسلم).
فاللهم أهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها فإنه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهمّ أرنا الحق حقًا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، اللهمّ علمنا من لدنك علمًا نصير به عاملين، وشفّع فينا سيّد الأنبياء والمرسلين، واكتبنا من الذاكرين، ولا تجعلنا من الغافلين ولا من المحرومين، ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم في جنات النّعيم اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.
كتبها الشيخ الدكتور/ مسعد أحمد سعد الشايب