خطبة بعنوان : من اسباب الرزق الخفي

اعداد وترتيب العبد الفقير إلى الله الشيخ

احمد عبدالله عطوه إمام بأوقاف الشرقية؟

عناصر الخطبة٠٠٠٠٠٠؟

1/من الرزق الخفي نعمة العافية ٠٠٠٠٠٠؟

2/سؤال النبي العافية من ربه ٠٠٠٠٠٠؟

3/من أسباب الرزق الخفي بقاء العافية٠٠٠٠؟

المقدمة:-؟

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هــاديَ له،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله القائل:« إنَّ في الجنة غرفًا تُرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام صلَّى الله عليك يا سيدي يا رسول الله:

وأحسن منك لم تَرَ قطُّ عيني

وأجمل منك لم تلِدِ النساءُ

خُلقت مبرأً من كل عيب

كأنك قد خلقتَ كما تشاءُ

فيا ربِّ صلِّ وسلم على هذا النبي الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛

الخطبة الأولى:

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

أيها المسلمون:

لقدأنعم الله علينا بالرزق في كل شيء ولكن أغلب الناس تفكيرها محصور بأن الرزق يكون في المال فقط والرزق أنواع كثيرةقد يكون إبن بار صديق وفي رزق العلم والفقه والحكمة رزق الصحة والعافية رزق الزوج أو الزوجة الصالحين رزق محبة الناس

ايها المسلم الكريم:

إن من أعظم نِعَمِ الله تعالى على عباده بعد نعمة الإيمان والإسلام هي نعمة العافية

وهوالرزق الخفي الذى لا يعلمه كثير من الناس ولا شك ولا ريب أن نعمة العافية هي من نِعَمِ الله العظيمة علينا نحن البشر ولذلك عندما قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه على المنبر ثم بكى فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأول على المنبر ثم بكى فقال: اسألوا الله العفو والعافية فإن أحدًا لم يُعطَ بعد اليقين خيرًا من العافيةوقال صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم آمنًا في سربه أي: آمنًا على نفسه وأهله وعياله وماله معافًى في جسده أي: من الأمراض أي: صحيحًا سالمًا من العلل والأسقام عنده قوت يومه أي: كفاية قوته وحاجته من وجه حلال فكأنما حِيزتْ اي جُمِعت له الدنيا.

أيها المسلم الكريم:

إذا أردت أن تعرف قيمة نعمة العافية التي أنعمها الله عليك فاذهب إلي المستشفيات وانظر فسترى المريض الذي يئنُّ من شدة مرضه وقوة ألمه وآخرَ مبتلًى بالأمراض الخبيثة عافانا الله وإياكم منها وآخر يعاني من الفشل الكلوي فهو يحتاج إلى الغسيل كل شهر أو كل أسبوع وآخر لا يستطيع العيش إلا على الأكسجين وآخر ينام في العناية المركزة لا يعرف هل إلى حياة أو موت ستعرف يومها عظمة العافية التي هي من أعظم النعم التي أنعمها الله علينا.

في يوم من الأيام كان رجلٌ يمشي مع صاحبه في مدينة عامرة بالقصور والعمارات الشاهقة، فحين نظر إلى تلك القصور والعمارات، فكأنه زهِد فيما عنده من خير ونعمة، فقال لصاحبه: أين كنا عندما قُسمت هذه الأموال والقصور والعمارات؟

وكان صاحبه رجلًا حكيمًا فأخذ بيده ثم ذهب إلى أحد المستشفيات التي تغُصُّ بالأمراض المستعصية فرأى إنسانًا يتوجع وآخر يتألم وآخر يصيح:

واوجعاه عند ذلك قال الرجل الحكيم: يا صاحبي أين كنا عندما قُسِمت هذه الأمراض والأوجاع؟

فيا أخي الحبيب: احمَدِ الله على نعمة الصحة احمَدِ الله على نعمة العافية في دينك وجسدك وأهلك وعيالك ومالك قال تعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53]؛

أيها المسلمون: إن نعمة العافية من أكثر النعم الخفيةالتي لا يقدرها كثير من الناس قدرها ولا يشكرون الله تعالى عليها ويظهر هذا التغافل والكفران في أقوالهم وأحوالهم فكم من إنسان يرفل في ثوب العافية ولكنه ينسى من كساه إياه ويتنعم بالنعمة فينسى المنعم بها عليه فإذا ذهبت عافيته تذكر أنه كان في نعمة ولذلك قيل:

والحادثات وإن أصابك بؤسها ***

فهو الذي أنباك كيف نعيمها

قال النبي -صلى الله عليه وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ”(رواه البخاري)

وكم من الناس من يتربى في حضن العافية فلا تخطر بباله الآلام والبلايا فلذلك يعيش ساخراً من أهل البلاء غليظًا عليهم غير راحم لهم وكأن قطار البلاء لن يمر به فيركب عليه كما ركب غيره.

فما أحوجَ هؤلاء الغافلين تحت ظلال العافية إلى اليقظة ليحرسوا هذه النعمة من هجوم البلاء الوشيك بسبب غفلتهم عما يجب عليهم فعله وهم مطمئنون في حصن العافية كان عبد الأعلى التيمي يقول: “أكثروا سؤال العافية؛ فإن المبتلى وإن اشتد بلاؤه ليس بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء، وما المبتلَون اليوم إلا من أهل العافية بالأمس، وما المبتلون بعد اليوم إلا من أهل العافية اليوم، فما يأمن من أطال المقام على معصية الله أن يكون قد بقي له في بقية عمره من البلاء ما يحذره في الدنيا، ويفضحه في الآخرة”.

عباد الله : فالعافية حسنة من حسنات الدنيا التي من وُهِبها نال خيراً كثيراً

والعافية -معشر المسلمين- من المطالب الكثيرة التي كان يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمر الناس ويوصيهم بسؤالها، فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو بالعافية في الصلاة وغير الصلاة، ففي الصلاة كان من أدعية الاستفتاح قوله -عليه الصلاة والسلام بعد أن يكبر عشراً ويحمد عشراً ويسبح عشراً ويهلل عشراً ويستغفر عشراً: “اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة”(رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه)، وكان يدعو في الجلسة بين السجدتين فيقول: “اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني”(رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه)، وفي قنوت الوتر كان يقول: “اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت…”(رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم).

وكان صلى الله عليه وسلم- إذا أمسى أو أصبح لا يدع هؤلاء الكلمات: “اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي”(رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه)، وعند النوم كان صلى الله عليه وسلم يقول: “اللهم أنت خلقت نفسي وأنت توفاها لك مماتها ومحياها إن أحييتها فاحفظها وإن أمتها فاغفر لها اللهم إني أسألك العافية”(رواه مسلم)، وعندما كان يزور القبور كان يقول لأهلها: “السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية”(رواه مسلم).

وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم “اللهم أمتعني بسمعي وبصري حتى تجعلهما الوارث مني وعافني في ديني وفي جسدي”(رواه الحاكم)، وكان عليه الصلاة والسلام يعلّم أصحابه الدعاء بالعافية فعن أنس رضي الله عنه قال: أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسول الله، أي الدعاء أفضل؟ قال: “سلِ اللهَ العفو والعافية في الدنيا والآخرة” ثم أتاه الغد، فقال: يا نبي الله، أي الدعاء أفضل؟ قال: “سلِ اللهَ والعافية في الدنيا والآخرة، فإذا أعطيت العافية في الدنيا والآخرة فقد أفلحت”(رواه البخاري في الأدب المفرد) وعن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال: كان الرجل إذا أسلم علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات: “اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني”(رواه مسلم).

أيها الأحبة الفضلاء: إن العافية من أعظم عطايا الله للعبد، وأفضل قِسَمه له، فهي أفضل من الغنى والجاه والسلطان، ولا تطيب هذه الأشياء لأصحابها إلا بالعافية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أصبح منكم آمنًا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيابحذافيرها”

إن نعمة العافية تبقى للإنسان ما دام من أهل التقوى الذين يتقون الله بفعل ما أمر، وترك ما نهى، وقد قيل: “من اتقى الله لبس العافية وحمد العاقبة وكان شيخ من الأعراب يدور على المجالس ويقول: “من سره أن تدوم له العافية فليتقِ الله وكم لطاعة الله -تعالى من آثار صحية على الروح والبدن في الدنيا والآخرة فكم تحدث الأطباء والعلماء عن الفوائد الصحية للعبادات ومنها: الصلاة والصيام.

هذا سيدنا أنس رضي الله عنه يقول: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلًا من المسلمين قد خفَتَ فصار مثل الفَرْخِ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟ قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة، فعجِّله لي في الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه أفَلَا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار؟ قال: فدعا الله له، فشفاه)

قال الإمام النووي رحمه الله وأظهر الأقوال في تفسير الحسنة في الدنيا أنها العبادة والعافية، وفي الآخرة الجنة والمغفرة وقيل: الحسنة تعُمُّ الدنيا والآخرة.

ولذلك كان سيدنا أنس رضي الله عنه يقول: ((كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذاب النار).

وكان ابن عمر رضي الله عنه يقول: ((لم يكُنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هؤلاء الدعواتِ حين يمسي، وحين يصبح: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عَوراتي، وآمِنْ رَوعاتي، واحفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بك أن أُغتال من تحتي

هذه دعوات كان النبي صلى الله عليه وسلم يرددها في كل صباح ومساء، ولم يتركها إلى أن مات صلى الله عليه وسلم، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه أذكار ودعوات ينبغي لكل مسلم أن يحافظ عليها ليعيش بسعادة وعافية.

فيا أيها المسلم الكريم: احمَدِ الله على نعمة العافية، احمَدِ الله على نعمة السمع والبصر والكلام، اسأل ربك دائمًا وقُلْ: اللهم ارزقنا العافية، اللهم أكْرِمنا بالعافية، فوالله ما أُعطِيَ أحدٌ بعد اليقين خيرًا من العافية.

عباد الله:

بالعافية يجد المعافى طعمًا للطيبات والملذات وبفقدانها لا يجد لها شيئًا من ذلك بل إن المعافى يستطيب الطعام القليل ويستحسن الزاد الردئ وغير المعافى لا يجد لذة لألذ الملذات، ولا طعمًا لأطيب الطيبات، حجّ الحجاج فنزل مكانًا فدعا بغدائه، فقال لحاجبه: انظر من يَتَغدى معي وأسألُه عن بعض الأمر, فنظر الحاجبُ فإذا هو بأعرابيٍّ بين شَمْلتين من شَعَرٍ نائم، فضربه برجليه وقال: ائت الأميرَ، فأتاه, فقال له الحجاج: اغسِلْ يدك وتَغَدَ معي، قال: إنه دعاني مَنْ هو خيرٌ منك فأجبته؛ فقال له الحجاج: من الذي دعاك؟ قال: اللهّ -تعالى- دعاني إلى الصوم فصُمت قال: في هذا اليوم الحارّ! قال: نعم، صُمتُ ليوم أحرَّ منه، قال: فأفطِر وتصوم غداً؛ قال: إن ضمنتَ لي البقاءَ إلى غد أفطر، قال: ليس ذاك إلي، قال: فكيف تسألني عاجلاً بآجل لا تقدر عليه! قال: إنه طعامٌ طيب؛ قال: إنك لم تُطَيبه، ولا الخبًاز، ولكن طيّبته العافية.

أيها الأحبة:

إن العافية لما كانت في هذه المنزلة السامية ولها هذا الفضل العظيم كانت من النعيم الذي يُسأل عنه الإنسان يوم القيامة: ماذا عمل به؟، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك جسمك ونروك من الماء البارد؟”(رواه الترمذي والحاكم), ولهذا قال علي وابن عباس -رضي الله عنهم- في قوله -تعالى-: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)[التكاثر:8]: “عن الصحة”.

الخطبة الثانية
الحمد لله حقَّ حمده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن تبعه واهتدى بهديه إلى يوم لِقاه
أما بعد:
من أسباب الرزق الخفي
بقاء العافية: معرفة عِظم قدرها وشكر معطيها -سبحانه وتعالى فمن عرف قدر النعمة حفظها وأدى حق من منحه إياها وجعله يسعى في استغلالها فيما ينفع، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل وهو يعظه: “اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هَرَمك، وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك”(رواه الحاكم) وفي البخاري أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول “وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك”.
ومن أسباب الرزق الخفي
بقاء العافية: النظر بعين الرحمة والإحسان لمن ذهبت عنهم هذه النعمة فزيارة أهل البلاء، وقراءة أخبارهم، والإشفاق عليهم تدفع من فعل ذلك إلى حراسة عافيته من أسباب الزوال ورفدها بوسائل البقاء روي عن عيسى عليه السلام -كما في كتاب الزهد لأحمد بن حنبل- أنه أوصى الحواريين بوصية منها قوله: “والناس رجلان معافى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء في بليتهم، واحمدوا الله على العافية”.
ومن أسباب بقاء العافية:
الإكثار من الدعاء بالعافية فعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، علمني شيئاً أسأل الله به فقال: “يا عباس! سل الله العافية ثم مكثت ثلاثاً ثم جئت فقلت: علمني شيئاً أسأل الله به يا رسول الله فقال: يا عباس، يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنياوالآخرة
وأتى رجلٌ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال: “قل: اللهم اغفر لي وارحمني، وعافني وارزقني ويجمع أصابعه إلا الإبهام فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك”(رواه مسلم)، وعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بقوم مبتلَين فقال: “أما كان هؤلاء يسألون العافية؟!”(رواه البزار)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: “من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً؛ لم يصبه ذلك البلاء”(رواه الترمذي)، لكن لا ينبغي إسماع المبتلى ذلك؛ مراعاة لمشاعره قال إبراهيم النَّخعي: “كانوا يكرهون أن يسألوا الله العافية بحضرة المبتلى”.
دعا رجل عقب صلاته فقال: “اللهم عافني في نفسي فإنها أعز الأنفس إلي وفي أولادي فإنهم لحمي ودمي وفي عشيرتي فإنهم ناصري وعزي وفي جماعة المسلمين فإن صلاحي لا يتم إلا بصلاحهم اللهم استودعك ما أحاطت به شفقتي وعجزت عنه قوتي ذكر الإمام أحمد في الزهد عن أبي العالية قال: “أكثر ما كنت أسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: اللهم عافنا واعف عنا”.
ومن أسباب بقاء العافية:
استعمال الأسباب المادية الواقية واستعمال الكفاية من الطعام والشراب والكساء والدواء قال ابن القيم رحمه الله”ولما كانت الصحة والعافية من أجلِّ نعم الله على عبده وأجزل عطاياه وأوفر منحه، بل العافية المطلقة أجلّ النعم على الإطلاق فحقيقٌ لمن رزق حظًا من التوفيق مراعاتها وحفظها، وحمايتها عما يضادها وسمع بعض أهل العلم رجلاً يدعو بالعافية فقال له: يا هذا استعمل الأدوية وادع بالعافية فإن الله تعالى إذا كان قد جعل إلى العافية طريقًا وهو التداوي ودعوتَه بالعافية ربما كان جوابه: قد عافيتك بما جعلته ووضعته سببًا للعافية”.
عباد الله: إن المسلم إذا رُزِق العافية في دينه ودنياه وآخرته فقد رزق خيراً وفيراً، ففي الدنيا والدين يظهر أثر ذلك الرزقِ الحسنِ في راحته واطمئنانه وصلاح عيشه واستقامة أحواله وحسن عبادة ربه وأداء حقوق خلقه، وفي الآخرة يظهر أثر ذلك في نجاته من سخط الله وعقابه والفوز بدار كرامته. فمن أوتي ذلك فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولو الألباب. هذا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين, إمام المتقين, وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.