خطبة بعنوان : جبر الخاطر وأثره في توثيق الروابط إلاجتماعيه

اعداد وترتيب العبد الفقير إلى الله الشيخ

احمد عبدالله عطوه إمام بأوقاف الشرقية؟

عناصر الخطبة٠٠٠٠٠٠؟

1/مكانة خلق جبر الخاطر في الإسلام
2/النبي صلى الله عليه وسلم وجبره للخواطر
3/أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بجبر الخواطر 4/من مواقف جبر الرسول صلى الله عليه وسلم للخواطر
الخطبة الأولى:
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، جَعَلَ الخَيْرَ فِي التَّحَلِّي بِالفَضَائلِ والتَّخَلِّي عَنِ الرَّذَائلِ والبُعْدِ عَنْ سَفَاسِفِ الأُمُورِ وَرَصَدَ لِذَلِكَ أَجْزَلَ الثَّوابِ وأَعْظَمَ الأُجُورِ أَحْمَدُهُ سبحانه بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ مِنَ الحَمْدِ وأُثْنِي عَلَيهِ وأُومِنُ بِهِ وأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ومَنْ يُضلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ.
وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ جَعَلَ لِلأَخْلاَقِ الإِسلاَمِيَّةِ خَصَائِصَ ومُمَيِّزَاتٍ لِيَصِلَ بِهَا المُؤمِنُ إِلَى أَرقَى الدَّرَجَاتِ وأَفْضَلِ الغَايَاتِ.
وَأشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ كَانَ القُرآنُ الكَرِيمُ بِسُوَرِهِ وآيَاتِهِ مَنْهَلَ أَخْلاَقِهِ ومَصْدَرَ صِفَاتِهِ؛ فَلاَ عَجَبَ أَنْ بَلَغَ فِي الشَّمَائلِ أَفَضَلهَا، وفِي الفَضَائلِ أَعْظَمَهَا وأَنْبَلَهَا، صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأصَحْابهِ أَجْمَعِينَ، والتَّابِعينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
أَمَّا بَعْدُ: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الحشر:23].
أما بعد أيهالمسلمون
جبر الخواطر وتطييب النفوس خلق كريم وصفة من صفات المؤمنين وهو عبادة جليلة وسهلة وميسورة أمر بها الدين وتخلق بها سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ومن أسماء الله الحسنى وصفاته العُلى الجبار) وقد جاء في تفسير السعدي: (الجبار) هو بمعنى العلي الأعلى وبمعنى القهار وبمعنى الرؤوف الجابر للقلوب المنكسرة وللضعيف العاجز ولمن لاذ به ولجأ إليه ومما يدل على جبر الخواطر وتطييب النفوس في القرآن الكريم قوله تعالى : {فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } يوسف15 فكان هذا الوحي لتثبيت يوسف ولجبر خاطره فإنه ذاك المظلوم الذي أوذي من أخوته فالذي يؤذى ويظلم يحتاج إلى جبر خاطر
فجبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وعظمة قلب وسلامة صدر ورجاحة عقل ونبل محتد وكرامة أصل وأصالة معدن وشهامة مقدرة ورجولة مباركة فتطييب النفوس المنكسرة وجبر الخواطر من أعظم أسباب الألفة والمحبة بين المؤمنين وهو أدب إسلامي رفيع وخلق عظيم لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النبيلة وكل منا يتعرض في حياته للهموم والكروب والضيق والاحزان ويصبح بحاجة إلى من يأخذ بيده ويجبر بخاطره ويمسح عن قلبه غاشية الحزن ويرفع عن صدره جاثماتؤ الكرب فجبر الخواطر يعني فيما يعنيه تثبيت الآخر ورفع همته وتهوين مصيبته وإقالة عثرته والأخذ بيده حتى يقف على قدميه ، فما أجمل وأنت في غمرة الحزن أن تمتد إليك يد تسعفك ، أو تسبق إلى أذنك كلمة تشد من ازرك وتسعدك ، وتهون من امر المصيبة وتنجدك ، وجبر الخواطر ، وتطييب النفوس له أساليب متعددة ، ومواقف متنوعة ، وتطبيقه سهل ميسور
فها هو -سبحانه- يجبرُ قلبَ يوسفَ -عليهَ السَّلامُ- عندما ألقاهُ إخوتُه في البئرِ، فيوحي إليه بشارةً له وتخفيفاً عليه وتثبيتاً لقلبِه: (فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) [يوسف:15].
وها هو -عزَّ وجلَّ- يجبرُ خاطرَ الرَّحمِ لمَّا عاذتْ به من القَطيعةِ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ”.
وانظر في العالَمِ كم جبرَ اللهُ -تعالى- من قلوبِ، وكم فرَّجَ من كُروبِ، وكم كشفَ من خُطوبِ، وكم أغاثَ من منكوبٍ.
فجبرُ الخواطرِ خُلقٌ كريمٌ ومعنى عظيمٌ من صفاتِ اللهِ -تعالى- التي يُحبُّ أن يراها في عبادِه المؤمنينَ؛ ولذلكَ كانَ الحظُ الأوفرُ منها لسيِّدِ المُرسلينَ، وإمامِ المتقينِ عليه صلاةٌ وسلامٌ دائمينِ وقد أوصاهُ اللهُ تعالى بعدمِ كسرِ الخواطرِ فقالَ: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) [الضحى:9-10] ؛ فالتزمَ بهذا؛ لأنَّهُ كانَ خُلُقُه القرآنَ.
نحتاجُ أن نَجبرَ خاطرَ الحزينِ عَنْ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ‏‏قَالَ: كَانَ لِي أَخٌ صَغِيرٌ يُكْنَى ‏‏أَبَا عُمَيْرٍ فَطِيمًا -أيْ تجاوزَ السَّنتينِ من عُمرِهِ- وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُمَازِحُهُ، ‏وَكَانَ لَهُ ‏نُغَرٌ ‏-طائرٌ صَغيرٌ يُشبِهُ العُصفورِ- يَلْعَبُ بِهِ فَمَاتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ‏-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ‏ذَاتَ يَوْمٍ فَرَآهُ حَزِينًا، فَقَالَ: “مَا شَأْنُهُ؟”، قَالُوا: مَاتَ ‏نُغَرُهُ، ‏فَقَالَ مواسياً له وجابراً لقلبِه: “يَا ‏‏أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ ‏ ‏النُّغَيْرُ؟”، كأنَّه يقولُ: أخبرني ما الذي حدثَ؟.
ولكم أن تتخيلوا شعورَ هذا الغلامِ وهو يسترسلُ في حديثِه للنَّبيِّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- عن النُّغيرِ وذِكرياتِه ومشاعرِه، وما لهذا الحديثِ من الأثرِ في جبرِ خاطرِ الصغيرِ، وتسليةِ قلبِه الكسيرِ.
نحتاجُ أن نَجبرَ خاطرَ المُصابَ، اسمعوا إلى جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ -رضيَ اللهُ عنهُما- وهو يذكرُ كيفَ جبرَ بقلبِه النَّبيُّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- لمَّا لاحظَ عليه الحُزنَ والانكسارَ، يقولُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ لِي: “يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟”، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قَالَ: “أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟”، قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: “مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا، فَقَالَ: يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ، قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً، قَالَ الرَّبُّ -عزَّ وجلَّ-: إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ”؛ فيا اللهَ، هل تتصوروا حالَ جابرٍ، بعدَ هذا الخبرِ الجَابرِ؟.
نحتاجُ أن نجبرَ خاطرَ المظلومِ؛ فهذه عائشةُ -رضيَ اللهُ عنها- كلما حدَّثتْ بحديثِ الإفكِ، تذكرُ موقفَ امرأةً من الأنصارِ، قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي؛ فهل رأيتُم كيفَ أنَّ المشاركةَ في البُكاءِ، أصبحَ مثالاً من أمثلةِ الوفاءِ؛ فها هي الدَّمعاتُ كانَ لها أعظمُ الأثرِ والمواساةِ.
نحتاجُ أن نقولَ للمكلومِ: إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعونَ، إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى؛ فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ، لَمَّا صُلِبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، دَخَلَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- الْمَسْجِدَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ وهي أمُّ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ فَمَالَ إِلَيْهَا فَعَزَّاهَا،وَقَالَ: “إِنَّ هَذِهِ الْجُثَثَ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا الْأَرْوَاحُ عِنْدَ اللهِ تعالى فَاتَّقِي اللهَ وَعَلَيْكِ بِالصَّبْرِ”.
قل للمريضِ: شفاكَ اللهُ وأعانَك وكتبَ لكَ الأجرَ وأثابكَ، وأبشرْ؛ فقد وعدَ اللهُ -تعالى الصَّابرينَ أجراً بغيرِ حسابٍ وإنما هي ساعاتٌ وأيامٌ ثُمَّ مردُّنا إلى يومِ الحسابِ ثُمَّ الجزاءُ والجنَّةُ والعَطاءُ والثَّوابُ.
قل للفقيرِ: انظرْ إلى أمسِك فقدْ ذهبَ بما فيه من خيرٍ وشرٍّ، وفي الغدِ رزقٌ سيأتيكَ سواءٌ كنتَ في برٍّ أو في بحرٍ، وليسَ بينكَ وبينَ الغنيِ إلا يومُك هذا؛ فاصبر.. وادعُ له: رزقكَ اللهُ -تعالى- من واسعِ فضلِه.
قل للجميعِ كلمةً طيِّبةً لعلَّها تكونُ سبباً في نهايةِ الآلامِ، إذا لم يكن عندكَ مالٌ تعينُ به على نوائبِ الأيامِ:
لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ *** فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ
وليكنْ لأهلِكَ من جبرِ الخواطرِ أوسعُ الحظِّ والنصيبِ، واسمعْ إلى سعيدِ بنِ إسماعيلَ الواعظِ -رحمَه اللهُ- وقد سُئلَ: أَيُّ أَعْمَالِكَ أَرْجَى عِنْدَكَ؟، فَقَالَ: إِنِّي لَمَّا تَرَعْرَعْتُ وَأَنَا بِالرَّيِّ وَكَانُوا يُرِيدُونَنِي عَلَى التَّزْوِيجِ فَأَمْتَنِعُ فَجَاءَتْنِي امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا عُثْمَانَ قَدْ أَحْبَبْتُكَ حُبًّا أَذْهَبَ نَوْمِي وَقَرَارِي وَأَنَا أَسْأَلُكَ بِمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ وَأَتَوَسَّلُ بِهِ إِلَيْكَ لَمَا تَزَوَّجْتَنِي، فَقُلْتُ: أَلِكِ وَالِدٌ؟، فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَأَحْضَرَتْهُ فَاسْتَدْعَى بِالشُّهُودِ فَتَزَوَّجْتُهَا، فَلَمَّا خَلَوْتُ بِهَا إِذَا هِيَ عَوْرَاءُ عَرْجَاءُ مُشَوَّهَةُ الْخَلْقِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَدَّرْتَهُ لِي، وَكَانَ أَهْلُ بَيْتِي يَلُومُونَنِي عَلَى تَزْوِيجِي بِهَا، فَكُنْتُ أَزِيدُهَا بِرًّا وَإِكْرَامًا وَرُبَّمَا احْتَبَسَتْنِي عِنْدَهَا وَمَنَعَتْنِي مِنَ الْحُضُورِ إِلَى بَعْضِ الْمَجَالِسِ، وَكَأَنِّي فِي بَعْضِ أَوْقَاتِي عَلَى الْجَمْرِ وَأَنَا لَا أُبْدِي لَهَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَمَكَثْتُ كَذَلِكَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَمَا شَيْءٌ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ حِفْظِي عَلَيْهَا مَا كَانَ فِي قَلْبِهَا مِنْ جِهَتِي.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أشهدُ أن لا إلهَ إلا هو الملكُ الحقُّ المبينُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه الأمينُ، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ، والتابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ.
أما بعد: فنحتاجُ أن نجبرَ خاطرَ من يعتقدُ أنَّه لا قيمةَ له في المجتمعِ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، يُقال لَهُ: زَاهِرُ بْنُ حَرَامٍ، كَانَ يُهدِي إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- الْهَدِيَّةَ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-: “إن زاهِراً بَادِيَنا، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ”، قَالَ: فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ -وَالرَّجُلُ لَا يُبصره-؛ فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَن هَذَا؟، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ النَّبِيُّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-، جَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-: “مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ؟”، فَقَالَ زَاهِرٌ: تجدُني يَا رَسُولَ اللَّهِ كاسِداً، قَالَ: “لَكِنَّكَ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ، أَنْتَ عندَ اللهِ غَالٍ”.
حتى في السُّرورِ والأفراحِ قد يكونُ جبرُ الخواطرِ للمحبةِ مفتاحٌ؛ فها هو كعبُ بنُ مالكٍ -رضيَ اللهُ عنه- لمَّا تاب اللهُ -تعالى- عليه وعلى صاحبيه الذينَ تخلَّفوا عن غزوةِ تبوكَ، يقولُ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ -رضيَ اللهُ عنه- يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ .. وكيفَ ينسى كعبُ هذه اللحظاتِ، وقد شاركَهُ طلحةُ الفرحةَ والتبريكاتِ .
فاجبروا الخواطرَ، وشاركوا المشاعرَ، واعلموا أنَّها عبادةً لا ينساها اللهُ القويُّ القاهرُ، وقديماً قالوا: “من سَارَ بينَ النَّاسِ جابرًا للخَواطرِ أدركَه اللهُ في جَوفِ المَخاطرِ”.
دعاء،،،؟
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل جمعنا هذا جمًعا مرحوًما،واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوًما. اللهم لا تجعل فينا ولابينناولاحولنا شقًيا ولا مطروًداولا محروًما.اللهم لا تجعل لنا في هذا الجْمع المبارك ذنًبا إلا غفرَته، ولا هًما إلا فَّرجَته، ولا مظلوًما إلا نصرَته، ولا طالب علم إلا وفقَته. لكل خير، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بخير فوِّقه ومن أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه يا رب العالمين
اللهم إنا نسألك أن ترفع راية القرآن، وراية الدين، اللهم اهد لنا أبناءنا، اللهم اهد لنا أبناءنا، اللهم استر نساءنا، اللهم اجعل بيوتنا عامرة بذ ْكرك، اللهم اجعل بيوتنا عامرة بقراءة القرآن
القرآن، وقيام الليل، اللهم اجعل بيوتنا عامرة بصيام الاثنين والخميس، اللهم ابعد عن بيوتنا المحن والابتالاءت يا رب العالمين.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسِّلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.