خطبة بعنوان : ركائز قوة الأوطان
adminaswan
14 سبتمبر، 2024
ش/أحمد عبدالله عطوة
60 زيارة
اعداد وترتيب العبد الفقير إلى الله الشيخ
احمد عبدالله عطوه إمام بأوقاف الشرقية؟
عناصر الخطبة٠٠٠٠٠٠؟
1/مفهوم القوة الوطنية٠٠٠٠؟
2/آليات تحقيق القوة الوطنية٠٠٠٠؟
3/أدوات لتحقيق القوة الوطنية:٠٠٠٠؟
الحمد لله الذي تفرد في أزليته بعز كبريائه وتوحد في صمديته بدوام بقائه ونور بمعرفته قلوب أوليائه وطيب أسرار القاصدين بطيب ثنائه وأسبغ على الكافة جزيل عطائه وأمن خوف الخائفين بحسن رجائه الحي العليم الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في أرضه ولا سمائه القدير لا شريك له في تدبيره وإنشائه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.
يا رب:
أنا من أنا أنا في الوجود وديعة *** وغدا سأمضى عابرا في رحلتي
أنا ما مدت يدي لغيرك سائل *** فارحم بفضلك يا مهيمن ذلتي
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبدُ الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته، واقتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله: لقد حرص الإسلام على بناء المجتمع المسلم البناء القوي والمنيع الذي يستطيع به أن يواجه الكوارث والأزمات والفتن والتحديات في هذه الحياة.
لذلك خلق الله تعالى الإنسان مفطورًا على حب وطنه والأُنس به فهو راحة قلبه وطمأنينة نفسه وموئل الأحبة والخلَّان والأمان والذكريات وحب الوطن شعور تخفق له القلوب وشوق تتحدث به الأفئدة، وحنين يكمن في الوجدان ومودة وألفة تتزيَّن بها كِرام النفوس وأهل المروءات والشيم.
وقد ربط القرآن بين حب الوطن وبين حب النفس كما في قوله: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 66]، وفي القرآن ربط بين الدين والوطن: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ﴾ [الممتحنة: 8].
والنبي صلى الله عليه وسلم ابتلاه الله بترك وطنه فوقف يخاطب مكة شرفها الله؛ قائلًا: ((والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت فالوطن لابد له من قوةتحميه فتعتبر القوة الوطنيةهي الأساس في استقرار الدول ونمائها وهي التي يقوم عليها البناء الوطني السليم وبالتالي تشكل هدف التنمية السياسية وغايتها الأولى لذلك تحظى بأولوية على ما عداها من أهداف وغايات كالهوية والمشاركة وبناء المؤسسات وغيرها.
من هنا فإن أي مساس بالقوة الوطنية من شأنه تقويض السلم الأهلي وبالتالي تراجع عملية التنمية السياسية فيها بما يترتب عليه من تهديد لوجود الدولة وبقائها وعليه فإن القوة تشكل بحق أهم الثوابت الوطنية وأكثرها إلحاحا وحيوية.
مفهوم القوة الوطنية:
يرتكز مفهوم القوة الوطنية على ركيزتين أساسيتين:
1/الركيزة الأولى:الجانب المعنوي أو السيكولوجي القيمي الذي يرتبط بالمواطنين ووحدتهم وتماسكهم بمعنى آخر تعظيم الروابط التي تشكل نسيج المجتمع وقوام اللحمة بين عناصره ومكوناته. وأساس هذه الروابط دائماً الانتماء وحب الوطن والرغبة في العيش المشترك.
2/الركيزة الثانية:الجانب المادي الإقليمي والقانوني، الذي يرتبط بالأساس بوحدة الدولة وتكاملها، وقيام نظم قانونية ودستورية ومؤسسية تكفل الحفاظ على الوحدة والشعب وتماسكه وترابط مقوماته وعوامل وجود الوطن.
من هنا تأتي أهمية القوة الوطنية باعتبارها القاعدة الأساسية لإقامة أي دولة حديثة وعلى بناء نموذج للتقدم والديمقراطية. ويتفق معظم الباحثين حول الأولوية التي تحظى بها الوحدة الوطنية في بناء هذا النموذج فالوحدة الوطنية أحد أضلاع مثلث يشكل قاعدة ارتكاز للدولة الحديثة، وتشمل هذه الأضلاع الثلاث:
أولاً:القوة الوطنية وما تمثله من علاقات تماسك وترابط بين مختلف عناصر الدولة والمجتمع: إقليميا وقيمياً واجتماعياً وثقافياً، وهي علاقات تجمع في إطارها بين ماضي الدولة وانجازاتها السابقة وبين حاضرها وما تشهده من نهضة وتطور ومستقبلها وما يمثله من رؤى واستشرافات.
ثانياً:انتماء وطني يسمو على مختلف الانتماءات والولاءات الأخرى. فالقوة الوطنية والانتماء الوطني كلاهما لا يتناقض مع التعددية بل يفرضها ويزدهر من خلالها على أن تجري هذه التعددية بمظاهرها وتفاعلاتها من خلال إطار يحترم سمو الهوية الوطنية على مختلف الهويات واحترام الانتماء الوطني والولاء للوطن من قبل جميع الأفراد والجماعات على اختلاف ولاءاتهم وانتماءاتهم.
ثالثاً:الشراكة بين المجتمع المدني والدولة بمؤسساتها المختلفة هي شراكة تكفل مشاركة واسعة في عملية بناء الدولة وفي تحقيق النهضة والتنمية ولا تتحقق مثل هذه الشراكة عادة دون ضمانات دستورية وقانونية تكفل ليس فقط حق المشاركة على قدم المساواة للجميع بل وتعزز سيادة القانون وحقوق مختلف الجماعات والأفراد على اختلاف انتماءاتها السياسية أو المذهبية أو الثقافية .
هذه الأضلاع الثلاث: علاقات التماسك والترابط مشاعر الانتماء والولاء للوطن ومشاركة مختلف القوى في التنمية والبناء تشكل في الواقع مقومات الدولة الحديثة وبقائها في عالم تتلاشى فيه المسافات وتتراجع أهمية الحدود السياسية بين الدول بحيث يبدو هذا العالم بقاراته المتباعدة وكأنه مجرد قرية صغيرة متجاورة الوحدات والمكونات. بعض هذه الوحدات، كدولةمصر تسعى دائماً أن تقدم نموذجاً للتطور والتميز في إطارها الإقليمي والعالمي وفي مثل هذه الحالة لا غنى عن تلك الأضلاع الثلاث والتي ترتكز في جوهرها على مفهوم القوة الوطنية.
وفي هذا السياق تبدو أهمية إدارة أي اختلاف باعتباره تعبيراً عن الطبيعة الإنسانية للبشر: المكون الرئيسي للجماعات والمنظمات والوحدات المختلفة التي تتيحها التعددية للمجتمعات المعاصرة.
من هنا تتطلب القوة الوطنية ضرورة التعايش في إطار من التسامح والحرية المسئولة بين هذه التكوينات والجماعات على اختلاف طبيعتها والولاءات التي تمثلها. وهذا الإطار من التسامح يعني نبذ العنف، والتخلي عن أساليب الكراهية واحترام الخصوصية والهوية الوطنية والانتماء الوطني وما يمثله من سمو وأولوية تسبق كافة الولاءات والانتماءات الأخرى في الدولة.
آليات تحقيق القوة الوطنية:
هناك وسائل وأساليب عديدة لتحقيق مثل هذا التماسك والتكامل منها القانونية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية تدور كلها حول تعميق الرغبة في العيش المشترك لدى قطاعات ومكونات المجتمع، والحفاظ على التعددية في إطار الانتماء الوطني الشامل وتلطيف حده الاختلافات بين الجماعات والعناصر المتنوعة بما يجعل التعدد والتنوع مصدر ثراء وقوة وليس مصدر تهديد أو ضعف يعاني منه المجتمع وتتراوح هذه الوسائل والأساليب من التحاور والإقناع والتفاهم إلى التنشئة والتوعية السياسية وصولا إلى حد استخدام الحلول الأمنية لحماية الدولة وحدودها وسلامة ابنائها وتأكيد القواسم المشتركة التي تجمع بين أبناء الشعب الواحد
الخطبة الثانية :-
أدوات لتحقيق القوة الوطنية:
1- الأسرة، والتي تتولى صياغة شخصية الطفل منذ الولادة، فتخلق لديه منذ البداية أبجديات ولائه وانتمائه وأولويات توجه مشاعره وتشكيل وجدانه السياسي والتي تتطور فيما بعد إلى شكل ” المواطن الصالح ” الذي ينشده مجتمعنا.
2- التعليم ومؤسساته بما في ذلك مؤسسات التعليم العالي، حيث تعمل هذه المؤسسات على نحو مهني ونظامي على غرس وتطوير قيم المواطنة وحب الوطن وقداسته ووحدته وأهدافه وقيمه، ورسم صورة لمستقبل نهضته وتفرده في ظل تماسك أبنائه وقوة إرادته ووحدة الشعب والإقليم.
3- الإعلام ودوره في تعزيز قوة الدولة وسيادتها وسموها وحماية مقوماتها وأركانها الأساسية وهي الشعب والإقليم والسيادة. ويتعاظم دور الإعلام خصوصا لدى الشباب، تحت تأثير تطور تقنيات الاتصال الجماهيري وشبكات الانترنت والتواصل الاجتماعي وغيرها من الأدوات الأخرى.
4- المؤسسات الدينية ودور الخطاب الديني في توحيد صفوف الأمة وتماسكها وترابط عناصرها، خصوصا وقت الأزمات. وتكتسب هذه المؤسسات الدينية أهمية نتيجة لما يتميز به الشعب من عاطفة دينية وتدين واحترام وأولوية يمنحها أبناء المجتمع للرموز الدينية.
5- الجمعيات الشبابية والنوادي ومؤسسات المجتمع المدني وما تقوم به من أدوار وأنشطة تطوعية لها دورها الإيجابي في تعزيز التماسك الوطني وتقوية الشعور بالانتماء والولاء للوطن كولاء نهائي وأساس يسبق ما عداه من ولاءات وانتماءات.
القوة الوطنية شرط ضروري للنهضة والتنمية :
تحتاج أية نهضة وأية إستراتيجية للتنمية إلى بناءٍ للقدرات وتجميع وتعظيم للموارد وترشيد وعقلانية وتخطيط وتوجيه كل الطاقات في اتجاه تحقيق الأهداف والرؤى التي ارتضاها المجتمع والدولة لتحقيق تلك النهضة أو التنمية. هذه هي المتطلبات والشروط الأولية للنهضة والبناء وهي متطلبات لا يمكن الوفاء بها إلا من خلال القوة الوطنية والتكامل الإقليمي للدولة بما يوفره ذلك من تماسك للنسيج المجتمعي والالتفاف حول المصلحة الوطنية وتضافر مختلف الجهود في اتجاه النهضة والتنمية.
الدعاء
أيها الإخوة في الله ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة (اللَّهُمَّ إنِّا نسألُكَ عِلمًا نافعًا، ورِزقًا طيِّبًا، وعَملًا مُتقَبَّلًا) (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)