خطبة بعنوان : الإيجابية في الإسلام

اعداد وترتيب العبد الفقير إلى الله الشيخ

احمد عبدالله عطوه إمام بأوقاف الشرقية؟

عناصر الخطبة٠٠٠٠٠٠؟

1/ الإيجابية في القرآن الكريم

2/الإيجابية من مناهج الإسلام

3/ هدهد سليمان رمز الإيجابية

4/ الإيجابية في السيرة النبوية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى زرع الصفات في عباده فمنهم الفطن الذكي والمحسن الزكي ومنهم الجاهل الذي يكون كلاً على غيره لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلاً ربنا جل وعلا – الذي أنعم على عباده نعماً كثيرة لا يستطيع أحد حصرها ولا حد لها فهي متجددة بتجدد الزمان والمكان ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا..)) سورة إبراهيم آية ( 34)

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).

((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة

أيها الإخوة المؤمنون

وحين نتأمل معنى الإيجابية في القرآن، نجد أنه تكرر بصور شتى وأساليب متنوعة، ليتأكد لدى المؤمن فردية التكليف وبالتالي ذاتية العمل، ومن ذلك قوله -سبحانه وتعالى-: (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) [مريم:95].

وإذا كان كل منا سيقدم على ربه فردًا، فعليه أن يعمل ويقدم أفضل ما يملك، قال -سبحانه وتعالى-: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) [مريم: 72،71]، وهناك على الصراط المنصوب على متن جهنم من ينجي الإنسان بعد رحمة الله، غير العمل الذي قدّمه.

وقال -جلا جلاله-: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) [النساء:84]، قال الزجاج -رحمه الله- أمر الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالجهاد وإن قاتل وحده؛ لأنه قد ضمن له النصر، إن تذكر المسلم بأنه مطالب بالعمل والحركة يدفعه إلى الإيجابية، مهما كانت أحواله من القوة والضعف أو الغنى والفقر.

وإذا تأملنا القرآن في قصصه وأحداثه، نجد هدهد سليمان -عليه السلام- مثلاً رائعًا في الإيجابية، ذاك الطائر الصغير في حجمه الكبير في همه، العظيم في تفكيره، وذلك حين انفرد بعمل إيجابي أدخل أمة كاملة في الإسلام، وما كان من لسليمان -عليه السلام- أن يعلم بذلك لولا حركة الهدهد التي قدرها الله -جل جلاله-، مع أنه -عليه السلام- سُخِّرت له الأنس والجن والطير والرياح والملك والسلطان، ومع ذلك، قام الهدهد بعمل إعلامي عظيم في نقل خبر ملكة سبأ؛ قال تعالى يحكي قصة الهدهد مع سليمان: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ) [النمل:20].

إن سليمان -عليه السلام- يعرف جنوده جميعًا والهدهد من جنده؛ إذ كان يجلب له أخبار الماء وإن كان بباطن الأرض، فهو لا يستغني عنه، ولذلك افتقده بين جنوده (فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ …. ) [النمل:20 -24].

إن المسلم أولى من الهدهد بالعمل الإيجابي والسعي وراء المصالح والبحث عن الخير، إن القرآن العظيم قص علينا خبر الهدهد في تقصيه الحقائق والأخبار ونقلها، وقص علينا خبر النمل في حركته وحرصه على قوته ومدى تعاونه، وقص علينا خبر النحل في تعاونه وتعاضده، أفلا يكون الإنسان أولى بالعمل الدؤوب والحركة المتعاقبة المثمرة.

إن الناظر في سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرى الإيجابية واضحة في كل معانيها، من يوم أن كان غلامًا يتيمًا إلى حين وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا ربى أصحابه على معاني الإيجابية الفاعلة، لقد كان يقول لهم: “بادروا بالأعمال الصالحة”. ويقول: “اغتنم خمسًا قبل خمس”. ويقول: “استعن بالله ولا تعجز”.

وكان يكره أن يرى الرجل بلا عمل، وإذا اشتكى إليه الرجل القوي قلة المال، قال له: “اذهب فاحتطب”. وكان يشجع عبد الله بن عمر ويقول: “نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل”. بل كان يشجع الأعمال الصغيرة ويثيب عليها، حتى تلك التي زهد فيها الناس اليوم ويرونها عملاً قليلاً، كتنظيف المسجد مثلاً، فحينما ماتت تلك المرأة التي كانت تقم المسجد وتطيبه بالبخور سأل عنها فأخبر بموتها وغضب لما لم يخبر، فذهب وصلى عليها بعد أن دفنت.

علَّمنا دينُنا الحنيفُ أن نسارعَ إلى الخيرات، وربَّانا على الإيجابيةِ، وجعَلنا خيرَ أمة أخرجت للناس نأمُرُ بالمعروفِ، وننهى عن المنكَرِ؛ قال – تعالى -: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110].

ولكن ما يؤسَفُ له في عصرِنا الحالي، السلبيةُ واللامبالاة التي يتصفُ بها بعضُ الناس؛ بحيث لا يحرِّكون ساكنًا في مواقفَ تستدعي التدخلَ السريع، وإنقادَ الموقف؛ حمايةً لشخصٍ من اعتداءٍ أو سرقةٍ وانتهاكِ عِرضٍ، خرق نظام أو ظلم أو مشاركه بصوتك وتدلي برأيك في الانتخابات فكن إيجابي ولا تكن سلبيا…؟

فمُعظمُ الناس يَعيشون اليومَ في كهوفِ ذَواتهم بعيدًا عن التفاعُل مع همومِ الآخرين، وقلَّما تجِد اليومَ مَن يمد يدَ العونِ مِن تلقاء نفسِه للآخرين حتَّى، ولو كانتْ أمامَ عينيه ليلَ نهار، ولا تكاد تجِد مَن يُسرِع لنجدةِ ملهوف طواعية، فضلاً عن أن يُرشدَه لطريقِ الصواب، مع أنَّ دِيننا يرسِّخ في قلوبِ المؤمنين ضرورةَ أن ينفتحَ المرء على مُجتمعه ويُعايش قضاياه، وقد بيَّن النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنَّه: ((مَن لم يهتمَّ بأمرِ المسلمين فليس منهم))، وما أغفل الناسَ اليوم عن همومِ المسلمين وقضاياهم! وقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليسَ مِنَّا مَن باتَ شبعان وجارُه جائعٌ وهو يَعْلَمُه)).

وكم في قُرانا وأحيائِنا مِن فُقراءَ لا يَجِدون ما يسدُّ الرمقَ! والأعجب أن تقرأَ عمَّن يبحَث في صناديقِ القمامة بحثا عن لقمة عيش يأكلها،

وقدِ استوقفتني في سورةِ القَصص ملامحُ متباينةٌ للإيجابية في سيِّدنا موسى – عليه السلام – أولاً، وهو يُسرِع لنُصرةِ قريبه الذي استغاثَ به على الفِرعوني، فإذا به يَقْتُله رغمًا عنه، ورغم أنَّها جريمة في نظَر فرعون ونِظامه، وكانت مِن أكبر ذنوبِ موسى التي استغفَر منها فغَفَر الله له، لكنها نشأتْ عن نخوةٍ ونجدةٍ لملهوف، ثم تَلْمَح إيجابيةً أخرى في الرجلِ الذي جاءَ يُحذِّر موسى: ﴿ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ [القصص: 20]، وكان سببًا في نجاةِ موسى، ولم يقلْ لنفسه: وما شأني أنا، وما الذي يَدفَعُني لخطر مُعاداة فِرعون لو فطن لفِعلي، لكنَّه سارعَ لنجدةِ موسى وتحذيره، مع أنَّه قطَع مسافةً طويلة سعيًا “مِن أقصى المدينة”، ولم يكن مسؤولاً عن تبليغِ موسى ولا الدِّفاع عنه.

وكم مِن خائف لا يجِد في الناسِ إلاَّ مَن يدلُّ عليه ويَزيده خوفًا، لكن موسى – عليه السلام – استوجَبَ نُصرةَ هذا الرجل ولا ريبَ في حسن خُلُقه ونَجدته لمَن استجار به، وهي نخوةٌ يقلُّ وجودُها مع تعاقُب الدهر ومرورِ الزَّمان، فقدْ رأينا في زَماننا مَن يبيع أقربَ الناس إليه بعَرَض مِن الدنيا قليل، وكانتْ نخوة موسى الثانية أروعَ مِن الأولى حين وجد ابنتَيْ شعيب تذودان أغنامهما عن تجمُّع الرِّجال والعبيد الذين يَسْقُون، فقالتَا: إنَّهما لا يخالطان الرِّجال، ولا يَسقيان قبلَ انصرافِهم، وسبب خُروجهما كِبَر والدهما، فلم يقفْ عندَ حدود أن يسقيَ لهما؛ بل رفَع الصخرة العظيمة التي كانت تضيق على الماء فتدفق، وسقَى لهما، وسمَح لكلِّ أهلِ مدين بالسقاية الميسَّرة،

الخطبة الثانية:
إن أهم ما يميز المسلم الإيجابي جملة أن يتعامل مع الأحداث والمواقف بحذر، فهو لا يتعجل الأحكام ولا يقدم رأيه إلا بعد تأنٍّ،
أيها الإخوة –الإيجابية كانت هي الطبع السائد في حياة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – فلقد كان المجتمع كله متفاعلاً خاصة مع القضايا العامةألم يعرض عبد الله بن عمر نفسه في غزوة بدر وكان دون سن البلوغ فرده النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ألم يشارك الطفلان الصغيران في غزوة بدر وجاءا إلى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – يرفعان سيفيهما ويقولان : أنا قتل أبا جهل فيقول : كلاكما قتله أليست هذه إيجابية – أيها الكرام ؟ بلى والله إنها غاية في الإيجابية كان النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – يشفع في زواج الشباب والفتيات وكان يضرب الأمثلة في كل مجال من مجالات الحياة كل هذا يعلمهم كيف يكونوا إيجابيين في حياتهم فالسلبية آفة خطيرة تنخر في جسم المجتمع بينما الإيجابية أقوى وسيلة لنهضة أي مجتمع من المجتمعات ولا تنهض أي أمة إلا بالإيجابية.
فاسأل الله تعالى – أن يرزقنا الإيجابية في هذه الحياة ابتداءً بأنفسنا وتثنية بمن حولنا من أبنائنا وبناتنا ثم بمن نعول ثم بالمجتمع كله إنه ولي ذلك والقادر عليه .
والحمد لله رب العالمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.