خطبة بعنوان : صِلَةُ الرَّحِم بَابٌ عَظِيمٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّزْقِ

اعداد وترتيب العبد الفقير إلى الله الشيخ

احمد عبدالله عطوه إمام بأوقاف الشرقية؟

عناصر الخطبة٠٠٠٠٠٠؟

1/ أهمية صلة الأرحام

2/ فضائل صلة الأرحام

3/ ذم قطيعة الأرحام

الخطبة الأولى:

االحمد لله الملك العلَّام رغَّب عباده في صلة الأرحام ووعدهم على ذلك أعالي الجنان ورهَّب من قطع الأرحام، ولعن قاطعيها، فأصمَّهم وأعمى أبصارهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بيَّن أن صلة الأرحام من أفضل الأعمال وخير الخِصال وسببٌ للبسط في العمر والمال صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد عباد الله:فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل؛ فإنها وصية الله للأولين والآخرين؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم-..

حديثنا في هذااليوم الطيب الميمون الأغرعن عادة اجتماعيةوعبادة جليلة بتطبيقها تستقيم المجتمعات وبالتفريط فيها تتفكك وتدب فيها الآفات أمر الله تعالى بها في كتابه وحث عليها رسوله صلى الله عليه وسلم ومارسها واقعًا عمليًّا اشتكت إلى الله تعالى فأجابها ربنا جل وعلا.إنها صلة الرحم.

صلة الرحم الرحم مشتقة من الرحمة والتي تشمل معاني الرقة والعطف والرأفة فهي دائرة بين أن تَرحم أو تُرحم.

ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه صلة الرحم في اثني عشر موضعًا بل تكرر في موضعين من كتاب الله قولُه سبحانه وتعالى-: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) [الأنفال: 75].

أمر الله بصلة الرحم وقرنها بالتوحيد وبر الوالدين: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) [النساء: 36].

أثنى الله تعالى على من يصل رحمه وجعل صلة الرحم من صفات المؤمنين: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ) [الرعد: 21].

وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بصلة الرحم فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: “أوصاني خليلي أن لا تأخذني في الله لومة لائم وأوصاني بصلة الرحم وإن أَدْبَرَتْ”.

بل أوصى صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم وإن كان القريب مشركًا روى البخاري في صحيحه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدِمَتْ أمي وهي مشركة في عهد قريش ومدتهم إذ عاهدوا النبي -صلى الله عليه وسلم مع أبيها فاستفتيت النبي -صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أمي قدِمَت وهي راغبة “يعني في صلتها” قال: “نعم, صلي أمك”.

صلة الرحم سبب لحسن العشرة وقوة العلاقة بين الأقارب والذكر الطيب في الحياة وبعد الممات, كما أن لها أيضًا ثمرات جاءت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, فمن ذلك أنها سبب لسعة الرزق وطول العمر, روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن أحبَّ أن يبسُطَ لَه في رزقِه، ويُنسَأَ لَه في أثَرِه فليَصِلْ رَحِمَهُ” وأخرج البخاري في صحيحه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “صلة الرحم وحسن الجوار أو حسن الخلق يُعَمِّران الدِّيارَ ويزيدان في الأعمار”.

فإن من محاسن الشريعة الإسلامية ومكارمها الوصيةَ بالأرحام والإحسان إليهم فإن ذلك من مقتضيات الإيمان بالله واليوم الآخر وطريق للألفة والمودة والاجتماع قال ربنا جل جلاله: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103].

وإن صلة الأرحام في الشريعة الإسلامية لها فضل عظيم، وقاطعها متوعَّد بالعقاب الأليم، وصلة الأرحام: هي الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والعطف عليهم، والرفق بهم والرعاية لأحوالهم وكذلك إن تعدوا وأساؤوا وضد ذلك قطيعة الرحم.

وفي هذه الكلمات الطيبات أحب أن أذكر نفسي وإياكم بفضل صلة الأرحام والترهيب من قطعها فأقول وبالله حولي وثقتي وعليه اعتمادي إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.

فضائل صلة الرحم:
صلة الأرحام من الإيمان بالله جل جلاله:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصِلْ رحِمَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))
ففي هذا الحديث إشارة إلى أن القاطع للأرحام كأنه لم يؤمن بالله واليوم الآخر لعدم خوفه من شدة العقوبة المترتبة على القطيعة
صلة الرحم سبب للبركة في الرزق والعمر:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سَرَّهُ أن يُبسط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أثره؛ فليصِل رحمه”.
وبسطُ الرزق توسيعه وكثرته، وقيل: البركة فيه، وأما التأخير في الأجل، فمعناه: الزيادة بالبركة في العمر، والتوفيق للطاعات، وعمارة الأوقات بما ينفع في الآخرة، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك.
وقال بعض علمائنا: بل المراد أن الزيادة في العمر مشروطة بصلة العبد للأرحام فإن وصل أرحامه زِيد له في عمره فيظهر للملائكة في اللوح المحفوظ أن عمره ستون سنةً إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زِيد له أربعون وقد علِم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك، وهو من معنى قوله تعالى: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ﴾ [الرعد: 39].
ولأجل هذا على العبد أن يعرف أرحامه ليصلهم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر)) ، فتعلُّم النسب مندوب لمثل هذا وقد يجب إن توقف عليه واجب.
صلة الرحم طريق إلى الجنة:
فعن أبي أيوب رضي الله عنه: ((أن أعرابيًّا عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سفر فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها ثم قال: يا رسول الله أو يا محمد أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني من النار؟ قال: فكف النبي صلى الله عليه وسلم ثم نظر في أصحابه ثم قال: لقد وُفِّق أو لقد هُدِيَ قال: كيف قلت؟ قال: فأعادها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم، دَعِ الناقة)) وفي رواية: ((وتصل ذا رحمك، فلما أدبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن تمسَّك بما أُمر به دخل الجنة))
واصل الرحم موصول من الله بالرحمة:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: نعم أمَا ترضَين أن أصِلَ من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى قال: فذاك لك؛ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا إن شئتم: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23].
قال العلماء: وحقيقة الصلة العطفُ والرحمةُ، فصلة الله سبحانه وتعالى عبارة عن لطفه بهم ورحمته إياهم، وعطفه بإحسانه ونعمه.
وما أرق هذه الحديث في الحث على صلة الرحم وفيه بيان كيف تستجير الرحم المقطوعة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الرحم شِجْنَة من الرحمن تقول: يا رب، إني قُطعت، يا رب، إني أُسيء إليَّ، يا رب إني ظُلمت يا رب يا رب فيجيبها: ألا ترضين أن أصِلَ من وصلك وأقطع من قطعك؟)
الخطبة الثانية:
الحمد لله الرحمن الرحيم خلق الرحم واشتق اسمها من اسمه سبحانه، من وصلها وصله ومن قطعها قطعه، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله
أما بعد:خطورة قطيعة الأرحام:
قاطع الرحم مطرود من رحمة الله:
قال تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23]، ففي هذه الآية نهي عن الإفساد في الأرض عمومًا وعن قطع الأرحام خصوصًا، بل قد أمر الله تعالى بالإصلاح في الأرض وصلة الأرحام وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال
تُعجَّل لقاطع الرحم عقوبة في الدنيا:
فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من ذنبٍ أجدر أن يعجِّلَ الله لصاحبه العقوبة في الدنيا – مع ما يدخر له في الآخرة – من البغي وقطيعة الرحم))
وما ذلك إلا لأن البغي من الكبر، وقطيعة الرحم من الاقتطاع من الرحمة، والرحم القرابة، ولو غير محرم، بنحو إيذاء، أو صد، أو هجر، فإنه كبير كما يفيده هذا الوعيد الشديد، وفيه تنبيه على أن البلاء بسبب القطيعة في الدنيا، لا يدفع بلاء الآخرة، ولو لم يكن إلا حرمان مرتبة الواصلين.
لا يُقبل عمل قاطع الرحم:
ولك أن تتخيل هذا الترهيب الشديد من قطيعة الرحم، أتحب أن تعمل وتجتهد في العمل، ثم في النهاية لا يُقبل عملك؟! لأجل ماذا تصبر على البلاء؟ اسمع ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا حديث شديد، نسأل الله السلامة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((إن أعمال بني آدم تُعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يُقبل عمل قاطع رحم))
فاللهم ارحمنا برحمتك، وأعنَّا على صلة أرحامنا.
لا يدخل الجنة قاطع رحم:
الله أكبر اللهم سلِّم سلم، من يتحمل هذا الوعيد؟! من يصبر على قطيعة الرحم بعد هذاأخي الكريم أصغِ سمعك وأحضر قلبك لسماع هذا الحديث عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر وقاطع الرحم، ومصدِّق بالسحر)).
وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يدخل الجنة قاطع؛ قال سفيان: يعني قاطع رحم)).
فظهر بذلك أيها الكرام أن صلة الرحم واجبة في الجملة، وقطيعتها معصية كبيرة.
وهذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه غفور رحيم.
واعلموا أن الله -تعالى قد أمرنا بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجعل للصلاة عليه في هذا اليوم والإكثار منها مزية على غيره من الأيام فللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.