خطبة بعنوان : حرمة الدماء والأموال والأعراض
adminaswan
14 سبتمبر، 2024
ش/أحمد عبدالله عطوة
63 زيارة
اعداد وترتيب العبد الفقير إلى الله الشيخ
احمد عبدالله عطوه إمام بأوقاف الشرقية؟
عناصر الخطبة٠٠٠٠٠٠؟
1/حرمة دماء المسلمين وأموالهم ؟
2/التحذير من الاستهانة بدماء المسلمين ؟
3/حرمة المؤمن ومكانته ؟
4/أساس الأمن والاستقرار ؟
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك الحمد لله ملأ السموات والأرض ومن فيهن الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه الحمد لله حبًا واعترافًا بالجميل والحمد لله بلا طلب والحمد لله بلا سبب
وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له لا ربَّ لنا سواه ولا إلهَ غيرُه
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدُه ورسولُه شرَح الله صدرَه، ووضَع عنه وِزْرَه وأتمَّ له أمرَه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أولي السَّبْق والمكرمات والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسان ما دامت الأرض والسماوات وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ أيها المسلمون: ؟
حديثنافي هذا اليوم الميمون الأغرعن يوم مبارك من أيام شهر ذي الحجة يوم شرَّفه الله وفضَّله بفضائل عظيمة اليوم الذي خصَّه الله بالأجر الكبير والثواب العظيم عن كل أيام السنة اليوم الذي يعمَّ الله عباده بالرحمات ويكفِّر عنهم السيئات ويمحو عنهم الخطايا والزلات ويعتقهم من الناراليوم الذي يُرَى فيه إبليس صاغرًا حقيرًااليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم النعم على المسلمين..
إنه يوم عرفة يوم التجليات والنفحات الإلهية يوم العطاء والبذل والسخاءاليوم الذي يقف فيه الناس على صعيد واحد مجردين من كل آصرة ورابطة إلا رابطة الإيمان والعقيدة ينشدون لرب واحد ويناجون إلهاً واحداً إله البشرية جميعاً يهرع المسلمون من كل حدب ويتوافدون من كل فج عميق إلى رحاب الله، ويجتمعون في أماكنه المقدسة ملبين وداعين لله ذاكرين وحامدين راكعين وساجدين وإلى ربهم منيبين.
عباد الله:
عرفة ما أعظمه من يوم وما أشرَفَ وأطيب ساعاته موسمٌ من مواسم الإيمان له في القلب لوعة وشان ما أشرَقَت الشَّمس في دهرها على يومٍ خير منه.
يوم عظيم عند أهل الأرض وملائكة السَّماء أقسَمَ به المَلِك العظيم وهو سبحانه لا يُقسِم إلاَّ على أمرٍ عظيم فقال جلَّ في علاه (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)[البروج:3].
قال صلَّى الله عليه وسلَّم اليوم الموعود يومُ القيامة واليوم المشهود يومُ عرَفة والشاهِد يومُ الجمعة(رواه الترمذي ).
إخوة الإيمان:
كيف لا يكون ذلك اليوم زمانه مشهود، ومِيقاته في الدهر محفور وقد أتَمَّ الله فيه النعمة وأكمل الدين؟
أتَمَّ فيه النعمة بالعفو والرحمة عن العباد وإتمام النعمة الإلهيَّة يتجلَّى بالعفو والمغفرة وأكمَلَ الله عزَّ وجلَّ في هذا اليوم الدين فعاد الحج على ملَّة إبراهيم عليْه السلام بالتوحيد الخالص بعد أنْ كان ملطخًا بالشِّرك والوثنيَّة.
وأكمَلَ الله فيه الدِّين يوم أنْ حجَّ المسلِمُون عامَهم ذلك مع النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فكمل بذلك دينهم لاستِكمال عمَل أركان الإسلام كلِّها. وأنزَلَ الله عزَّ وجلَّ في هذا اليوم العظيم قولَه تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)[المائدة:3]، وقال أحدُ أحبار اليهود لعمر بن الخطاب رضي الله عنه آيةٌ في كتاب ربِّكم لو علينا معاشر اليهود نزَلتْ لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، فقال عمر أيُّ آية فقال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)[المائدة:3]، فقال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزَلتْ فيه على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو قائمٌ بعرفة يوم الجمعة.
إخوة الإيمان: في هذا اليوم العظيم أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي حرمة الدماء والأموال والاعراض في خطبةالعصماء
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على حُرْمة دم المسلم وماله وعِرْضِه في حجة الوداع في خطبته المشهورة يوم النحر عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه: (أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ يَوم النَّحْرِ فقال: يا أيُّها النَّاس أيُّ يَومٍ هذا؟ قالوا: يَوْمٌ حَرَامٌ قال: فأيُّ بَلدٍ هذا؟ قالوا: بَلَدٌ حَرَام قال: فأيُّ شَهْرٍ هذا؟ قالوا: شَهْرٌ حَرَام قال: فإنَّ دِمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ وأَعْرَاضَكُمْ علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا في بَلَدِكُمْ هذا في شَهْرِكُمْ هذا فأعادها مِرَاراً ثُمَّ رفع رأسَه فقال: اللَّهُمَّ هلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هلْ بَلَّغْتُ. قال ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنه: فوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِه إنَّها لوَصِيَّتُهُ إلى أُمَّتِه) رواه البخاري. قال ابن حجر: سؤاله صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة وسكوته بعد كل سؤال منها كان لاستحضار فهومهم، وليقبلوا عليه بكليتهم وليستشعروا عظمة ما يخبرهم به ولذلك قال بعدها: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام)، مبالغة في بيان تحريم هذه الأشياء وقال النووي: “(فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) معناه: أن تحريم هذه الأمور متأكّدَة شديدة”.
مِنْ أعظم الحُرُمات حُرْمة المسلم، والسيرة النبوية مليئة بالمواقف والأحاديث الدالة على حُرمة المسلم في دمه وماله وعرضه، ومن ذلك:
حُرْمَةُ الدم:
مِن أعظم الذنوب بعد الشرك بالله عز وجل: قتل مسلم بغير حق، قال ابن كثير في تفسيره: “لما بيّن تعالى حكم القتل الخطأ شرع في بيان حكم القتل العمد، فقال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}(النساء:93)، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله، حيث يقول، سبحانه في سورة الفرقان {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ}(الفرقان: 68)وقال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} إلى أن قال: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(الأنعام: 151)، والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جدا”. قال السعدي وذكر هنا وعيد القاتل عمدا وعيداً ترجف له القلوب وتنصدع له الأفئدة وتنزعج منه أولو العقول. فلم يَرِدْ في أنواع الكبائر أعظم مِن هذا الوعيد بل ولا مثله ألا وهو الإخبار بأن جزاءه جهنم أي: فهذا الذنب العظيم قد انتهض وحده أن يُجازَى صاحبه بجهنم بما فيها من العذاب العظيم والخزي المهين، وسخط الجبار وفوات الفوز والفلاح وحصول الخيبةوالخسار فعياذًا بالله من كل سبب يبعد عن رحمته”.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمنُ في فُسْحَةٍ مِنْ دينه ما لَمْ يُصِبْ دَماً حراماً) رواه البخاري. قال العيني(في فسحة) أي: في سعة منشرح الصدر وإذا قتل نفسا بغير حق صار منحصرا ضيقا لما أوعد الله عليه ما لم يوعد على غيره وقال ابن حجر في فتح الباري وقال ابن العربي: الفسحة في الدين سعة الأعمال الصالحة، حتى إذا جاء القتل ضاقت لأنها لا تفي بِوِزْرِه والفسحة في الذنب قبوله الغفران بالتوبة حتى إذا جاء القتل ارتفع القبول”. وعن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قال (سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول كُلُّ ذَنْبٍ عسى الله أن يغفره إِلَّا مَنْ مات مُشْرِكاً أَوْ مُؤْمِنٌ قتلَ مُؤمِناً مُتَعَمِّداً) رواه أبو داود .
وروى البخاري في صحيحه عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة قال فصبَّحنا القوم فهزمناهم قال: ولحقتُ أنا ورجل من الأنصار رجلًا منهم، قال: فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله قال: فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته قال فلما قدمنا بلغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لي يا أسامة أقتلْتَه بعدما قال لا إله إلا الله؟ قال: قلت: يا رسول الله إنما كان متعوذًا قال: فقال: أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ قال: فمازال يُكرِّرها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم)، وفي رواية مسلم: قال أسامة رضي الله عنه: (قلتُ يا رسول الله: إنما قالها خوفاً من السلاح، قال: أفلا شققتَ عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا، فمازال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ).
فهذا الموقف النبوي مع أسامة بن زيد رضي الله عنه فيه: دلالة واضحة على عِظم حُرمة الدم ووجوب الحكم بالظاهر والتحذير الشديد من تجاوز الظاهر إلى السرائر والحكم على ما في القلوب دون بينة ودليل.
حُرْمَة المال:
المال هو كل ما له قيمة للإنسان وهو عصب الحياة ولا يجوز لمسلم أن يأكل من مال أخيه المسلم إلا إذا كان ذلك عن رضا منه وطيب نفس وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم لمال المسلم حُرمة فلا يجوز أبدا الاعتداء عليه بالإتلاف أو السلب والنهب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ اخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) رواه البخاري فلا يحل شيء من مال المسلم إلا بطيب نفسه ولو كان عوداً مِنْ سِواك عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنِ اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد اوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، فَقال له رجُلٌ: وإنْ كان شيئا يسيراً يا رسول الله؟ قال: وإنْ كان قضِيبا مِنْ أَرَاك (عوداً مِنْ سِواك)) رواه مسلم.
حُرمة العِرْض:
كما جعل النبي صلى الله عليه وسلم للمسلم حُرْمةً في دمه وماله، جعل له أيضا حُرمة في عِرْضِه. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعِرْضه) رواه مسلم. قال القاضي عياض: “.. فالدم كناية عن النفس، والعِرض كناية عن أذاه بالقول”.
ولما عُرج بالنبي صلى الله عليه وسلم في رحلة ومعجزة الإسراء والمعراج: (مر على قوم لهم أظافر مِنْ نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقال: يا جبريل من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم) رواه أبو داود
ولِعِظَم الأعراض دعانا نبينا صلى الله عليه وسلم للستر على المسلمين وعدم تتبع عوراتهم، فمن حفظ عرض أخيه المسلم وستر عورته، حفظ الله عرضه وستر عورته، ومن تتبع عورة أخيه المسلم وفضح عرضه، كشف الله عز وجل عورته حتى يفضحه بها في بيته. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ومَنْ ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة) رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: صعد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المنبرَ فنادى بصَوتٍ رفيع فقال: (يا مَعشرَ مَن أسلمَ بلِسانِه ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قَلبِه، لاَ تؤذوا المسلِمين، ولاَ تعيِّروهم، ولاَ تتَّبعوا عَوراتِهِم، فإنَّه مَن تَتبَّع عورةَ أخيهِ المسلمِ تَتبَّعَ اللَّهُ عورتَهُ، ومَن تتبَّع اللَّهُ عورتَهُ يفضَحْهُ ولَو في جَوفِ رَحلِه) رواه الترمذي .
قال الصنعاني: “(فإنه مَنْ تتبع عورة أخيه المسلم) ليكشفها للناس أو ليعلمها، (تتبع الله عورته) أي: عاقبه بإظهار عورته للناس التي يجب كتمها، عقوبة من جنس فعله”.
أو كما قال أدعوا الله