خطبة بعنوان : حق العمل ومخاطر الإخلال به

اعداد وترتيب العبد الفقير إلى الله الشيخ

احمد عبدالله عطوه إمام بأوقاف الشرقية؟

عناصر الخطبة٠٠٠٠٠٠؟

1/ مكانة العمل في الإسلام٠٠٠٠٠٠٠٠ ؟
2/ هدف العمل في الإسلام٠٠٠٠٠٠٠٠؟
3/حث الإسلام على العمل ٠٠٠٠٠٠٠؟
الحمدُ لله فاطرِ الأرض والسموات عالم الأسرار
والخفيات المطلع على الضمائر والنيات أحاط بكل شيء علماً ووسع كل شيء رحمة وحلماً وقهر كل مخلوق عزة وحكماً يعلم ما بين أيديهم وما خلفَهم ولا يحيطون به علماً.
لا تدركه الأبصار ولا تغيره الدهور والأعصار ولا تتوهّمه الظنون والأفكار وكل شيء عنده بمقدار أتقن كلَّ ما صنعه وأحكمه، وأحصى كلَّ شيء وقدّره وخلق الإنسان وعلّمه.
فلك المحامدُ والثَّناءُ جميعهُ ***
والشُّكْرُ مِن قلبي ومِن وجداني
فَلَأَنْتَ أهلُ الفضلِ والمنِّ الَّذي ***
لا يستطيع لشُكْرِهِ الثَّقَلان
أنت القويُّ وأنت قهَّارُ الورى ***
لا تعجزنَّك قوَّةُ السُّلْطَان
فلك المحامدُ والمدائحُ كُلُّها ***
بخواطري وجوانحي ولساني
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من عرف الحق والتزمه
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صدع بالحق وأسمعه، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وسائر من نصره وكرمه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْــــــــد: عبــــاد الله:
حديثنا في هذا اليوم الميمون الأغر عن حق العمل ومخاطر الإخلال به فقد أعلى الإسلام شان العمل والجد والسعي في الأرض فجاء الأمر به في غير ما آية من القران الكريم ولقد أثر عن الأنبياء أنهم كانوا أرباب حرف وتجارات لم يكونوا كلاً على أحد بل كانوا أعف الناس وأبعدهم عن الاتكال على مخلوق.
فإنَّ العمل في الإسلام له مكانةً عاليةً ومنزلةً رفيعةً به يُنال الأجر والثواب وهو عبادة عظيمة لله وامتثال لأمره عن طريقه تقوم الحياة وتعمر الديار وتزدهر الأوطان ويحدث الاستقرار أَمَرَ به -سبحانه وتعالى فقال: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة:10].
وقال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشَاً) [النبأ:11]، وقال -سبحانه وتعالى-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [الملك:15].
ولقد جاء الإسلام داعيا أتباعه إلى العمل والسعي في هذه الأرض وأوجب عليهم أن يكونوا الأجدر في الحياتين فحثهم على الإيمان الصحيح والعمل الصالح، كما حثهم على العمل في عمارة الأرض واتخاذ الأسباب المشروعة الكافلة للعيش عليها من حرث وتجارة وصناعة وغيرها وكان من منته على عباده أن جعل الأرض لهم مستقرا وذلولا للسعي فيها وابتغاء الرزق وتحصيل المعايش منها وأودع فيها الكثير من النعم وسخر ما فيها من مخلوقات لخدمة هذا الإنسان فقال في كتابه العزيز: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ)[يس: 71ـ73]، وقال تعالى: (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)[الحجر: 19ـ21].
والمطلوب أن يسعى العبد في ميادين الحياة مكافحًا وإلى أبواب الرزق ساعيًا (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[الملك: 15] وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)[الأعراف: 10] وقال -جل في علاه-: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)[الجمعة: 10]، أي: لطلب المكاسب والتجارات وفي المقابل جعل سبحانه القعود عن العمل والاتكال على الآخرين مذموما مقبوحا لأن في ذلك ظلم للنفس وإهانة لها ويتجلى هذا النهي وهذا التحذير في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:اليد العُلْيَا خير من اليد السُّفْلَى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة عن ظهر غنى ومن يستعفف يعِفَّه الله ومن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله(رواه البخاري ومسلم) وقال عليه الصلاة والسلام لأن يأخـذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه (رواه الإمام البخاري). وأُثِرَ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول:اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة وقال رضي الله عنه- إني لأرى الرجل فيعجبني فأقول أله حرفة؟ فإن قالوا: لا سقط من عيني فعلى المسلم أن يسعى ويجتهد في الطرق الكسب المشروعة حتى يتحصل له ما يريد وكذلك تتحقق قيمته في هذه الحياة؛ لأنه بقدر ما يبذل يسعى ينال ويكسب
واعتَبَر الإسلام العمل نوعاً من أنواع الجهاد في سبيل الله فقد رأى بعض الصحابة شابًّا قويًّا يُسرِع إلى عمله فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله فردَّ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “لا تقولوا هذا فإنَّه إنْ كان خرَج يسعى على ولده صِغارًا فهو في سبيل الله وإنْ كان خرج يسعى على أبوَيْن شيخَيْن كبيرَيْن فهو في سبيل الله وإنْ كان خرج يسعى على نفسه يعفُّها فهو في سبيل الله وإنْ كان خرج رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان .
أيها المؤمنون عبــــاد الله: إن نظام هذه الحياة، يتطلب السعي والعمل، فجميع المخلوقات من حولنا تسعى بجد وتعمل بنشاط، فكان من الواجب أن ينهض الإنسان للعمل مستشعرا بشعار الجد والنشاط طارحا القعود والكسل وراءه ظهريا حتى يقوم بما فرضته عليه الطبيعة الإنسانية وهي سنة الله في خلقه، وبما أوحت إليه القوانين الشرعية.
والعاقل لا يرضى لنفسه أن يكون كَلَّاً على غيره، وهو يعلم أن الرزق منوط بالسعي، وأن مصالح الحياة لا تتم إلا باشتراك الأفراد حتى يقوم كل واحد بعمل خاص له وهناك تتبادل المنافع وتدور رحى الأعمال، ويتم النظام على الوجه الأكمل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما أكل أحدٌ طعاماً قطُّ خيرا من أن يأكل من عمل يده” رواه البخاري.
ويقول أيضًا: “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلةٌ، فإن استَطاع ألّا تقوم حتى يغرسها فليفعلْ” رواه البخاري في الأدب المفرد.
لقدرفع الإسلام من شأن العمل مهما كان هذا العمل في المصنع أو في المتجر أو في المستشفى أو في الوزارة أو في السوق أو في بناء العمارات وتشييد المباني أو في الزراعة وحراثة الأرض أو حتى كان العمل في حفظ الأمن وحراسة الأموال والأعراض أو حتى كان في القضاء والفصل بين الناس أو غير ذلك.
بل حتى عمل المرأة في بيتها لزوجها وأولادها فأنها تؤجر عليه فعلى قدر عمل الإنسان يكون جزاؤه قال الله -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) [النحل:97].
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
الخطبة الثانية:
عبـــــــاد الله: عندما كان المسلمون يتعاملون بهذه القيم وبهذه الأخلاق كان العامل المسلم في أي مجال من مجالات العمل يستشعر هذه المسؤولية وهذه الأمانة ويقوم بواجبه على أكمل وجه لا تغره المناصب ولا تستهويه وتفسده الأموال.
لقد دعا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سعيد بن عامر الجمحي إلى مؤازرته وقال: يا سعيد إنا مولوك على أهل (حمص). فقال سعيد: يا عمر ناشدتك الله ألا تفْتِنِّي فغضب عمر وقال: ويحكم! وضعتم هذا الأمر في عنقي ثم تخليتم عني والله لا أدعك.
ثم ولاه على مدينة(حمص)، ثم مضى إلى حمص وما هو إلا قليل من الزمن حتى وفد على أمير المؤمنين بعض من يثق بهم من أهل حمص فقال لهم: اكتبوا لي أسماء فقرائكم حتى أسدّ حاجتهم فرفعوا كتابا فإذا فيه: فلان وفلان وسعيد بن عامر فقال: ومَن سعيد بن عامر؟ فقالوا: أميرنا! قال: أميركم فقير؟ قالوا: نعم ووالله إنه ليمر عليه الأيام الطوال ولا يوقد في بيته نار فبكى عمر حتى بلّت دموعه لحيته.
ولم يمض على ذلك وقت طويل حتى أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ديار الشام يتفقد أحوالها فلما نزل بـ(حمص) لقيه أهلها للسلام عليه فقال: كيف وجدتم أميركم؟ قالوا: نعم الأمير يا عمر إلا أنهم شكوا إليه ثلاثاً من ججأفعاله كل واحد منها أعظم من الآخر قال عمر: اللهم لا تخيب ظني فيه وجمعهم به ثم قال: ما تشكون من أميركم؟ قالوا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار فقال عمر وما تقول في ذلك يا سعيد؟ فسكت قليلا ثم قال: والله إني كنت أكره أن أقول ذلك أما وإنه لا بد منه فإنه ليس لأهلي خادم فأقوم في كل صباح فأعجن لهم عجينهم ثم أتريث قليلا حتى يختمر ثم أخبزه لهم ثم أتوضأ وأخرج للناس.
قال عمر: وما تشكون منه أيضا؟ قالوا: إنه لا يجيب أحدا بليل قال عمر: وما تقول في ذلك يا سعيد؟ قال: إني والله كنت أكره أن أعلن هذا أيضا فإني قد جعلت النهار لهم ولربي الله الليل
ثم قال عمر وما تشكون منه أيضا؟ قالوا: تصيبه من حين إلى آخر غشية فيغيب عمن في مجلسه قال عمر: وما هذا يا سعيد؟ فقال: شهدت مصرع خبيب بن عدي وأنا مشرك ورأيت قريشاً تقطع جسده إربا-إربا- وهي تقول: أتحب أن يكون محمد مكانك؟ فيقول: والله ما أحب أن أكون آمنا في أهلي وولدي وأن رسول الله تشوكه شوكة وإني والله ما ذكرت ذلك اليوم وكيف أني تركت نصرته إلا ظننت أن الله لا يغفر لي وأصابتني تلك الغشية.
عند ذلك قال عمر: الحمد لله الذي لم يخيب ظني فيك.هذا هو العمل وهكذا يكون تحمل المسؤولية وهكذا تؤدى الأمانات علوٌّ في الحياة وفي الممات وفي الآخرة الأجر عند خالق الأرض والسموات.
فإن من بين السلبيات التي تجعل حضارة المجتمع في تراجع الخيانة في العمل وعدم الوفاء بأمانة العمل
نسأل الله -تعالى- أن يوفقنا لصالح القول والعمل وأن يكفينا بفضله عما سواه، كما نستعيذ به من العجز والكسل والاتكال.
دعاء،،،؟
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل جمعنا هذا جمًعا مرحوًما،واجعل تفرقنا من
بعده تفرقا معصوًما. اللهم لا تجعل فينا ولابينناولاحولنا شقًيا ولا مطروًداولا محروًما.
اللهم لا تجعل لنا في هذا الجْمع المبارك ذنًبا إلا غفرَته، ولا هًما إلا فَّرجَته، ولا مظلوًما إلا نصرَته، ولا طالب علم إلا وفقَته. لكل خير، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بخير فوِّقه ومن أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه يا رب العالمين
اللهم إنا نسألك أن ترفع راية القرآن، وراية الدين،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.